مسلسل "ليه لأ" بطولة الفنانة منة شلبي، هو دراما اجتماعية تحثنا على التفكير خارج الصندوق، وإعادة النظر في المسلمات الاجتماعية، وما تفرضه علينا من قيود، حيث تلعب الكتابة الدرامية دور البطولة في العمل.
وتركز الكاتبة مريم نعوم وورشة السيناريو المبدعة للعمل على التقاط اللحظات الإنسانية النادرة لطفل فقد أمه، ويتعلق قلبه بأم بديلة، تصبح أمله في البحث عن السعادة الضائعة، لكن تواجه الأم البديلة "ندى" رفض المجتمع لفكرة التبني، وتخوض صراعا نفسيا ضاريا بين رغبتها في الحصول على أمومة افتراضية، وبين وجود عقبات تحول دون تحقيق هذا الحلم.
ويكشف السيناريو من خلال حواراته الحية وجمله النابضة بالحياة، فيضا من المشاعر بين الأم الشابة وابنها بالتبني، حيث يتعرفان على الحياة معا، ويمتصان صدماتها في اختبار حقيقي، يقارن بين الفكرة عندما تعلو بالنفس، وتنكسر على أرض الواقع المرير، وما ينشأ عن ذلك من صراع داخلي وخارجي، وتحولات في المواقف والمفاهيم، فالبعض قد يتقبل فكرة التبني بعض الوقت، لكنه يرفضها عندما تهدد مصالحه الشخصية، تماما مثلما حدث مع صلاح والذي يحب "ندى" وفق وجهة نظر خاصة جدا.
أما المخرجة مريم أبو عوف فاستطاعت أن تقدم لنا في العمل رؤية بصرية واضحة، ومشاهد ذات مغزى وعمق، تتجول بنا في أماكن ذات حضور واقعي حقيقي، محاولة المزج بين الأبعاد النفسية للشخصيات وبين العالم المحيط بهم، وبدت مهارتها كمخرجة في استخراج طاقات التمثيل الكامنة داخل الممثلين، وفي مقدمتهم الفنانة منة شلبي، والطفل سليم مصطفى.
حيث خطف الطفل "سليم" الأنظار بأدائه التمثيلي المتميز لشخصية "يونس" أمام منة شلبي، حيث يواجه الفقد بكل معانيه، ويجد في "ندى" القشة الوحيدة التي يمكن أن يتعلق بها كغريق، ويتنقل معها في رحلة نفسية، يجسد خلالها مشاعره صعودا وهبوطا، بأداء عفوي رقيق وصادق .
وكما نجحت منة شلبي في رسم الأبعاد النفسية للشخصية، استطاعت أيضا أن تمتعنا بقدرتها على الأداء التمثيلي المرهف، إنها تمثل بكل قسمات وجهها وملامحه وعضلاته، تعبر عن مشاعر الشخصية الداخلية ببريق عينيها، ومسحة الحزن فيهما، بعيدا عن الصخب والغضب ورفع الصوت، وكلما تابعت مشاهدها ازددت يقينا بأنها قد وصلت إلى العالمية "ليه لأ"، فهي الأكثر تألقا من بين نجمات جيلها، وقد سبقتهن بفنها ومشاعرها وصدق إحساسها.