السبت 20 ابريل 2024

مصر حافظة لحقوقها كالعادة

مقالات4-7-2021 | 20:25

لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي، بشان قضية سد النهضة، ليس استغاثة، وإنما عملية دبلوماسية روتينية جدا، الغرض منها وضع مجلس الأمن في الصورة، كما فعلت مع جامعة الدول العربية، وزيارة مدير المخابرات إلى أمريكا.

تصرف مصر العسكري، مرهون بوقوع الضرر، ويومها لن تبلغ أحدا غير السد نفسه، بنفس أسلوبها في تحرير سيناء من الصهاينة.

‏يمكن أن تنفذ مصر عملا عسكريا محدودا، توقف به الأعمال الجارية في سد النهضة، دون تدمير جانب كبير منه، وساعتها ستهرول دول العالم وعلى رأسها مجلس الأمن، لمحاولة إقناع القاهرة، بوقف عملياتها، بدلا من التقاعس الحالي، وعد إدانة وقف إثيوبيا المتعنت، الذي تسعى من خلالها أديس أبابا، إلى الملء العشوائي للسد دون اتفاق قانوني ملزم.

‏ومن الواضح جدا أن المجتمع الدولي، يدفع في اتجاه عمل عسكري بالمنطقة، فالعالم كله ينتظر هذه الحرب، ويترقب نتائجها، باعتبارها ستكون أول «حرب مياه» في التاريخ الحديث، وبالتالي ستؤسس لقواعد جديدة تماما في القوانين والأعراف الدولية، وفي  التوازنات والعلاقات بين الدول.

وبالطبع فإن هناك العديد من المنتفعين، يريدون أن تنتصر إثيوبيا، في فرض إرادتها على مصر والسودان، فسيصبح ذلك سابقة قانونية، تستفيد منها كل الدول المتحكمة في منابع الأنهار العابرة للدول، التي ستقلد أديس أبابا، وتحذوا حذوها، بل سيتم التأسيس لمبدأ «بيــع المياه»، كسلعة استراتيجية، شأنها شأن النفط والغاز، ‏وسنرى ساعتها «بورصة دولية للمياه»، تضم كبار المنتجين والبائعين، لتتحكم في أسعار المياه، كما يحدث في بورصات البترول، وستكتسب دول المنابع في هذه الحالة، قوة سياسية واستراتيجية نابعة من جغرافيتها، وليست نابعة من قوتها العسكرية أو الاقتصادية، بل وسيظهر «سلاح السدود»، كنوع جديد من الأسلحة ‏الاستراتيجية، التي يمكن تهديد، وابتزاز دول العالم بها.

هذا غير أن القبول بسياسة فرض الأمر الواقع، سيشجع باقي دول المنابع، على بناء  سدود أخرى، على منابع النيل الأبيض، ما سيجعل مصر أسيرة ورهينة لإرادة غيرها من الدول.

 وفي حاله استخدام للقوة في إنهاء هذه القضية، ثم أتبعت ذلك بمفاوضات واتفاقيات، ستكون الأمر حينها في مصلحة جميع دول العالم، التي يمكن أن تقع أسيرة لطمع دول المنابع، ولن تجرؤ إثيوبيا أو غيرعا من هذه الدول على التفكير في انتهاج الطريق ذاته.

ولهذا فإن الأسلوب الذي ستختاره مصر لحل مشكلة سد النهضة، وتأمين حصتها من مياه النيل، سيتحول إلى قاعدة يسير عليها العالم فيما بعد، ويتصرف على أساسها، لأننا أول دولة في التاريخ تتعرض لهذه المشكلة وتتصدى لها بالقوة الدبلوماسية الكبيرة، وربما العسكرية أيضا.

قدر مصر أن تكون رائدا يسير على خطاه العالم كله، وكما قالها سابقا الدكتور جمال حمدان: «مصر اليوم إما القوه أو الانقراض.. إما القوة أو الموت، فإن لم تصبح مصر قوة عظمى تسود المنطقة بأسرها، فسيتداعى عليها الجميع يوما ما كالقصعة.. أعداء وأشقاء وأصدقاء.. أقرباء وأبعدين" ولهذا فإن مصر جاهزة لكل السيناريوهات المحتملة .

حفظ الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها من كل سوء، وجعل النصر حليفنا في تلك القضية، التي ستعطي بها مصر درسا للجميع .

تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر