ظهر آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا بنوع جديد من المراوغة، موجهًا رسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الشعبين المصري والسوداني يزعم فيها طمأنة الشعبين، راميًا خيط التعاون بين الدول الثلاث، وخبراء يؤكدون أنه أسلوب جديد من المراوغة الإثيوبية التي اعتدنا عليها من أكثر من عشرة سنوات، وأنه إذا كان صادقًا فيما يقول فليوقع على الاتفاق، ولكنه يحاول استمالة الشعبين ضد قادتهما.

طمأنة لفظية

وفي هذا الشأن، صرح الدكتور هاني رسلان، الخبير في شئون السودان وحوض النيل بأن رسالة آبي أحمد عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي يطمئن فيها الشعبين المصري والسوداني هي مجرد كذب والتواء، قائلا: "إنه الموقف المتكرر مرارًا منذ أكثر من عشرة سنوات، من خلال الطمأنة اللفظية المتواصلة، واصفا إياها بأنها عبارة عن كذب والتواء"، مضيفا: "إننا لسنا بحاجة لحديث مجاني، وإن كان صادقَا بالفعل فليوقع على اتفاق بذات المضمون الذي يقوله في رسالته".

التزام الصمت

وأضاف رسلان لـ"دار الهلال" أنه دون ذلك فعلى آبي أحمد التزام الصمت وليبتلع لسانه لأنه أصبح مشهورًا بالكذب بشكل واسع النطاق، وأن الشعبين المصري والسوداني غير ساذجين ليصدقوا مثل هذه الترهات.

خارج السياق

وأوضح أن كلمة وزير الري الإثيوبي باجتماع مجلس الأمن، أمس، خارج السياق وتقوم على مغالطات أساسية كما هو النهج الإثيوبي المتبع، لافتًا إلى أنه يتحدث عن الشرب من مياه النيل وكأن إثيوبيا تكاد تموت عطشًا، برغم أن لديها هطول أمطار يقدر بـ930 متر مكعب، مؤكدًا أن كلمته في مجملها عبارة عن تضليل لمجلس الأمن والرأي العام، لكنه غير مفيد نظرًا لكون العالم كله أصبح مطلعًا على كل الحقائق.

استخدام سياسي للسد

وأشار رسلان،  إلى أن كل هذه المماطلات المتبعة من الجانب الإثيوبي تثبت انعدام الإرادة السياسية  من أجل الوصول إلى اتفاق، كما يثبت سوء نيتها على إلحاق أضرارا جسيمة بدولتي المصب أسفل المجرى، وأيضا يثبت استخدامه للسد كأداة سياسية واستراتيجية، غير أنها تهدد السلم والأمن في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وأنها لن تعود عن هذه المواقف بمحض إرادتها ولكن يجب إجبارها على ذلك.

إخطار صريح

وأكد أنه كما قال الوزير سامح شكري في كلمته في اجتماع مجلس الأمن بأن لم يقم المجلس أو المجتمع الدولي بمهمته في منع هذا الخطر الوجودي عن مصر، فمصر سوف تتولى حق الدفاع عن نفسها، مؤكدا أنه كان إخطارا صريحا للمجلس.

خاطب الشعب

وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد شاكر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة السويس بشأن رسالة آبي أحمد التي يزعم فيها طمأنة الشعبيين المصري والسوداني: "إنه غير مسموح لآبي أحمد أو غيره بمخاطبة الشعب المصري، ولكن إذا أراد المخاطبة فعليه مخاطبة السياسيين والقادة من الشعبين، لافتا إلى أن من يخاطب الشعب قادته وليس قادات دول أخرى معادية، وهو ما ظهر في أفعال آبي أحمد.

كلمات جوفاء

وأضاف أستاذ العلوم السياسية لـ"دار الهلال"، أن الكلمات الجوفاء التي تطلق بين حين وآخر من إثيوبيا لا تحمل الصدق في مضمونها، وهو ما ظهر جلي في تصريحات الحكومة الإثيوبية عندما قالت صراحة " إننا سنتعاون مع إسرائيل وأنه على مصر تقبل الأمر بتصدير الأمر لإسرائيل"، متسائلا عن الصفة التي خاطب بها آبي أحمد الشعبين المصري والسوداني، هل بكونك رئيس دولة إفريقية؟ أم بكونك رئيس دولة معادية؟ أم بكونك رئيس دولة تعتدي على الحقوق المصرية في مياه النيل؟

استمالة الشعب

وأوضح أن ما شاهدناه طوال السنوات العشر الماضية هو ما تمارسه إثيوبيا حتى يومنا هذا من خلال الإصرار على ملء السد بطريقة منفردة دون الاتفاق على قانون ملزم لجميع الأطراف، مؤكدا أن الشعب المصري يثق تماما في قيادته السياسية وفي قراراتها بصدد سد النهضة، وأنه لن يسمح لك أحد باستمالة الشعب ضد قيادته.

وبعد ساعات من جلسة مجلس الأمن بشأن أزمة سد النهضة، وجّه الرئيس الأثيوبي، آبي أحمد، قبل قليل، رسالة إلى الشعبين المصري والسودانى باللغة العربية، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مؤكدا أن السد قد يكون بداية للتعاون المتبادل بين مصر وأثيوبيا، وقال آبي أحمد باللغة العربية عبر تويتر: "يمكن أن يكون سد النهضة الإثيوبي الكبير مصدرا للتعاون لدولنا الثلاث وأبعد، أود أن أطمئن الشعبين السوداني والمصري بأنهم لن يتعرضوا لضرر ذي شأن بسبب ملئ السد، لأنه لا يأخذ سوى جزء صغير من التدفق. في السودان، سيكون الروصيرص أكثر قدرة على الصمود ولن يخضع لتقلب شديد في التدفق، وبالتالي فإن المجتمعات المحيطة تكون مطمئنة بالازدهار المتبادل".