الأربعاء 26 يونيو 2024

أسمهان.. «أميرة» ولدت في البحر وماتت غرقًا في ترعة الساحل

أسمهان

فن14-7-2021 | 18:22

محمد أبو زيد

تمتهت الفنانة الراحلة أسمهان بوجه جميل، صوت عذب، سحر كل من وقع على مسامعه، فكانت الأميرة الجميلة التي خطفت القلوب والعقول وصاحبة الصوت الدافىء التي لم تمهلها الحياة أن تمتع جمهورها ومحبيها، وخطفها الموت في يوم حزين لتستقر جثتها في قاعة الترعة.

اسمها الحقيقي آمال فهد فرحان إسماعيل الأطرش، ولدت في 17 نوفمبر 1917، على متن إحدى السفن اليونانية التي كانت تقل الأسرة من تركيا إلي بيروت، كان والدها أحد زعماء جبل الدروز في سوريا، ووالدتها هي الأميرة والمطربة علياء حسين المنذر، يعود نسبها إلى آل الأطرش في سوريا، لديها شقيقان "فؤاد"، والمطرب الكبير فريد الأطرش، توفي والدها في عام 1924، فاضطرت الأم "علياء" بعد إندلاع الثورة الدرزية وانطلاق الثورة السورية الكبرى إلى الانتقال مع أولادها للعيش في مصر، لتستقر الأسرة  في حي الفجالة بالقاهرة.

كانت الظروف المادية الصعبة هي العائق الذي يؤرق الأسرة بعد أن تبدل حالها ما دفع الأم للبحث عن عمل لها يعينها على تربية أولادها فعملت مجال الغناء بالأفراح، كانت "آمال" تعشق أغاني أم كلثوم تجلس بالساعات بجوار الفونوجراف تستمع وتحفظ أغانيها، وفي إحدى الأيام دعت أسرة مصرية تقيم في حلوان كانت صديقة لأسرتها وهناك جلست العائلتان بعد تناول وجبة الغذاء لتستمع إلي أغنية "إن كنت أسامح وانسى الأسية" لأم كلثوم، ليتفاجأ الجميع بها وهي تغني نفس الأغنية بصوتها الجميل، وتقرر إحتراف الغناء وسط معارضة من شقيقها "فؤاد". 

ما إن سمع صوتها الملحن داوود حسني حتى قرر اكتشافها وتبني موهبتها واختار لها الأسم الفني "أسمهان" تيمننا بمطربة كان قد اكتشفها "حسني" ولكنها توفيت قبل أن تبدأ، كانت البداية بأسطوانة سجلتها مع شركة "كولومبيا لإنتاج الأسطوانات" مقابل 20 جنيهًا، وضمت عدة أغاني لأم كلثوم، لم تكن تتخيل الفتاة الصغيرة أنها سوف تكتسب كل تلك الشهرة وتحقق نجاحا كبيرا في وقت قصير وذاع صيتها في الشارع المصري والأوساط الفنية، واقتربت شهرتها من شهرة "الست" وتعاونت مع أحد أعمدة فرقة أم كلثوم وهو الملحن  رياض السنباطي.


 شاركت "أسمهان" في أول فيلم سينمائي لها  مع شقيقها فريد الأطرش وهو "انتصار الشباب"1941، وسط تنبؤات لها بأنها سوف تكتسح الجميع من النجمات في تلك الفترة، كانت الحياة الخاصة لأسمهان تطغى على حياتها الفنية فتزوجت من نجل عمها الأمير حسن الأطرش، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة "كاميليا"، ثم انفصلا فترة، بعد أن عرفت المشاكل طريقها إليهما لتعود مرة أُخرى له، وتردد حينها أنها تزوجت من المخرج أحمد بدرخان بعقد عرفي.

تقابلت أسمهان مع الفنان الكبير يوسف وهبي وعرض عليها أن تشاركه في بطولة فيلم "غرام وانتقام"، في تلك الفترة ارتبط اسمها  بـ أحمد حسنين، رئيس الديوان الملكي، وهو ما دفع الملكة نازلي لإبعادها عن مصر، وحتى تحصل على الإقامة في مصر تزوجت فايد محمد فايد، ولم يستمر الزواج سوى 25 يوما، لتعود مرة آخرى  فعادت مرة آخرى إلى القدس، وهناك التقت بالمخرج والمنتج أحمد سالم الذي تزوجها وكسر حصار الملكة نازلي وعاد بها إلي مصر.

الغيرة الشديدة من أحمد سالم جعلت الخلاف تدب بينهما، وفي إحدى الليالي غضب "سالم" من عودتها متأخرة واحتدم النقاش بينهما للدرجة التي دفعته لإطلاق الرصاص في الهواء، ما دفع صديقة اسمهان لطلب النجدة، كانت "اسمهان" تقوم بتصوير مشاهدها في فيلم "غرام وانتقام"، ولكنها استأذنت من يوسف وهبي للحصول على إجازة للذهاب إلى رأس البر على أن تعود بعد يومين،  وفي صباح الجمعة 14 يوليو 1944، استقلت وصديقتها ماري قلادة السيارة، وعلى طريق طلخا انحرفت السيارة وسقطت في الترعة، في الوقت الذي قفز فيه السائق من السيارة بينما اسمهان وصديقتها ماري قلادة كان الموت أقرب لهما من النجاة.

 كان خبر وفاة اسمهان غرقا في قاع ترعة "الساحل" بمثابة الصاعقة على محبيها وأسرتها، وتحول الحادث إلي لغز محير بعد نجاة السائق من الحادث ثم اختفاءه، وهو ما أثار الشكوك حول كون الحادث مدبرًا، وطالت الأقاويل حينها أشخاص أشارت أصابع الاتهام لهما بالضلوع في وفاة اسمهان، ولكن انتهى الأمر بوفاة واحدة من أهم مطربات جيلها.