تشهد مدينة كان الفرنسية غدا الأربعاء، من مقر قصر المهرجانات بشارع لاكروازييت الشهير على سواحل خليج كان اللازوردية، انطلاق الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي، العرس الأبرز في العالم، الذي تستمر فعالياته حتى يوم ٢٨ مايو الجاري، وينتظره هواة الفن السابع ومتابعي الشاشة الفضية بشغف وترقب كبيرين.
انطلاق فاعليات سبعينية مهرجان كان، تأتي بعد أيام قليلة من تنصيب رئيس جديد لفرنسا إيمانويل ماكرون، كما تأتى ولازال الهاجس الأمني عبء يقلق منظمي المهرجان، حيث لاتزال فرنسا تخضع لحالة الطوارئ، ولهذا فقد قرر منظمو المهرجان اعتماد نفس الإجراءات الأمنية التى تم تطبيقها خلال الدورة السابقة الـ”٦٩”، بحسب وكالة أنباء “الشرق الأوسط”.
ويقام المهرجان كعادته منذ تم تدشينه قبل ٧٠ عاما في مدينة كان، المدينة الأشهر على الريفييرا الفرنسية المطلة على البحر المتوسط والتي تقع في منطقة الألب البحرية أقصى الجنوب الشرقي لفرنسا.
ويرأس لجنة تحكيم المهرجان هذا العام، المخرج الإسباني بيدور ألمودوبار، وتقوم الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشى بتقديم فقراته، وكعادته يضم المهرجان عددا كبيرا من النجوم السينمائيين حول العالم، و يشارك فيه هذا العام من الفنانين والنجوم العالميين كل من روبرت باتيسون، وجواكين فينيكس، وكوليت فاريل، وجوليان مور، وكيرستن دانست، وإيل فانيتح، والنجمة الاسترالية نيكول كيدمان، والفرنسية إيزابيلا أوبير.
ويتنافس على جوائز مهرجان كان لهذا العام، أفلام من ٢٩ دولة، وقد وقع الاختيار على فيلم "أشباح إسماييل"، للمخرج الفرنسي آرنو دبلشات ليكون فيلم الافتتاح، ومن بين أهم الأفلام المشاركة في المهرجان والتي تتسابق على السعفة الذهبية أربعة أفلام أمريكية هي "حكايات مييروفيتز، والمغشوش وجانر والسطو"، والفيلم الألماني التركي "في الظلام"، واليوناني "قتل الغزال المقدس"، و٣ أفلام من أمريكا اللاتينية والصين وإيطاليا هي بالترتيب "اليوم التالي وأوكجا وهيكاري"، ومن آسيا أيضا أفلام "خال من الحب، ومخلوق لكيف، وقمر المشترى"، بالإضافة إلى أنه يحتضن ١٢ مشاركة نسائية، و٩ تجارب إخراج حديثة.
وتمثل المنطقة العربية في هذا المهرجان ثلاث دول، حيث تشارك تونس والجزائر في مسابقة "نظرة ما"، وهى إحدى المسابقات الرسمية للمهرجان وتعرض فيها الأعمال التي تقدم وجهة نظر فريدة من نوعها، ويتنافس فيها فيلمان هما "على كف عفريت"، للتونسية كوثر بن هنية، و"طبيعة الوقت"، للجزائري كريم موساوى، وترأس لجنة تحكيم المسابقة الممثلة الأمريكية أوما ثورمان، فيما تشترك فلسطين في مسابقة الأفلام القصيرة من خلال الفيلم الفلسطيني الدنماركي "رجل يغرق"، للمخرج مهدى فليفل ويعرض الفيلم معاناة الفلسطينيين من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
مهرجان "كان" السينمائي الدولي لم يكتسب هذه السمعة كأهم مهرجان سينمائي في العالم من فراغ، فالمهرجان الذي تبدأ فعالياته، غدا الأربعاء، لا يستمد قوته من خبرة السنوات الماضية فقط، بل لأنه يولى اهتماما كبيرا بصناعة السينما من كافة جوانبها، إذ يُعد سوقا سينمائيا ضخما، يجمع عددا هائلا من نجوم وصناع السينما العالمية من مختلف دول العالم، ويخصص مجموعة من السينمات لكى يستخدمها المنتجون والموزعون في الترويج لأفلامهم من خلال دفع مبلغ مالي مقابل عرض الفيلم بصرف النظر عن مستواه الفني أو النقدي.
ويتميز المهرجان بالتجديد المستمر والقدرة على مواكبة الموجات الفنية الجديدة ودعمها، وربما خروجها في رحم المهرجان وأروقته من خلال الحضور السينمائي الكبير والمتنوع الذي يرافقه، وكذلك بتنوع جوائزه من عام لآخر مع استقرار الجوائز الأصلية للمهرجان ، فيما تتميز الأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان بأنها تعرض للمرة الأولى، بجودتها المرتفعة حيث لا يتم قبول عمل أقل من ممتاز على كافة المستويات الفنية "القصة والتصوير والأداء والإخراج".
ويتقدم للمهرجان في كل عام أكثر من 2000 فيلم تمثل ثقافات مختلفة وتعبر عن قضايا محلية وعالمية، متنوعة المضمون واللغات، وتقوم لجان المشاهدة بفرزها واختيار أفضل 22 فيلما فقط للتنافس على السعفة الذهبية للمهرجان.
ومهرجان كان هو أحد أهم المهرجانات في العالم، ويرجع تأسيسه لعام ١٩٤٣ وقد توقف عدة مرات بسبب الحروب ثم تم إعادة إطلاقه مرة أخرى، ونجح على مدار سنواته في خلق ثقة متبادلة بينه وبين جمهوره الذي يتزايد عام بعد آخر لتوقعه أن يقدم له المهرجان وجبة سينمائية دسمة ومشبعة خلال فعالياته.
وجوائز مهرجان كان السينمائي هي، السعفة الذهبية وتمنح لأفضل فيلم في الدورة بحسب تقييم لجنة التحكيم، والجائزة الكبرى وتمنح لأفضل فيلم وتختلف عن السعفة الذهبية في كونها تعبر عن رأي لجنة التحكيم الخاص، ولا تخضع بالضرورة للمعايير السينمائية العامة، وجوائز لجنة التحكيم، وأفضل إخراج، وأفضل سيناريو، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وأفضل فيلم قصير.
وتمر عملية فرز الأفلام المرشحة لهذه الجوائز عبر مرشحات فنية دقيقة، نتيجة لتزايد عدد الأفلام المقدمة للمهرجان سنويا ، وتقوم لجان مشاهدة متخصصة بفرزها والوصول بها إلى اثنين وعشرين فيلما متنافسا فقط.
ولا يقتصر دور مهرجان كان السينمائي على استضافة وعرض الأفلام المرشحة، بل يتجاوز ذلك من خلال إقامته العديد من الفعاليات السينمائية المتزايدة كل عام، ومنها ما يطلق عليه "أسبوع النقاد"، و"نصف شهر المخرجين"، و"سوق الفيلم"، و"عرض الفيلم"، و"ركن الأفلام القصيرة"، و"سينما العالم".