الأحد 24 نوفمبر 2024

المصريون وتبرعاتهم عبر التاريخ

  • 17-5-2017 | 11:36

طباعة

 

 

استمد أهالى مصر المحروسة تكاتفهم وتعاونهم على البر والمساهمة فى أعمال الخير من طبيعة النهر الذى جمعهم حوله ففرض عليهم التكاتف والتكيف مع طبيعة وادى نهر النيل الذى أنعم الله عز وجل به على أبناء وادى النيل حيث توافرت كل مقومات الحياة وأهمها الزراعة من تربة خصبة ومياه ومناخ أسهموا فى التنمية الاجتماعية والثقافية

والمصريون منذ القدم جبلوا على العطاء والتبرع من شيمتهم وأصبح اثرا سجله التاريخ عبر العصور المختلفة وتوارثت الأجيال ثقافة التبرع وكانت سببا فى نجاح وتنفيذ أعظم المشاريع التى أنجزت بفضل إيمان المصريين بأهمية المشاريع القومية

والانتماء لمصر فريضة عرفها وآمن بها المصرى وتجسد ذلك فى نبل وعظمة عميد الأدب العربى عندما أعاد الجوائز والنياشين التى حصل عليها من فرنسا بعد مشاركة فرنسا فى العدوان الثلاثى الغاشم على مصر وهوموقف لم يكن إلا إعلاء لمصر والاعتزاز بالانتماء بل هوموقف يجسد قيمة العطاء الأدبى من مثقف مصرى يشهد له العالم بمكانته الثقافية والأدبية بالإضافة الى مساهمةالمصريين المتعددة حكومة وشعبا للنهوض بالوطن

وثقافة التبرع لم تكن بدعة مصرية بل عرفها العالم وقت الشدائد والمحن

لم تنهض أوربا بعد الحرب العالمية الثانية إلا عن طريق التعاون من أجل البناء والتف الجميع حول مشروع الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الامريكى وهو المشروع الاقتصادى لإعادة تعمير أوربا وقد ساهم المشروع فى تشغيل الاقتصاد والمصانع الأوربية

لم تقم للصين قائمة إلا بتعاون أبنائها ومشاركتهم فى تطورها

ولعبت ثقافة التبرع دورا له أهميته عام ١٩٩٨ فى إنقاذ اقتصاد ماليزيا أثناء أزمة دول النمور الأسيوية حيث ساهم أبناء ماليزيا بتبرعاتهم من تلقاء أنفسهم إنقاذا لوطنهم فتبرعت النساء بالذهب من أجل رفع قيمة الاحتياطى النقدى كما بلغت نسبة الكوريين الجنوبيين فى التبرعات لصالح الدولة ٣٤ ٪ فى عام ٢٠١٣

وسجل التاريخ للمصريين مواقف من ا لعطاء تدل على نبل وعظمة هذا الشعب الذى لم يبخل يوما بالتبرع أوالمساهمة بالمال أوالروح ولعبت ثقافة التبرع دورا أساسيا فى حياة المصريين

مصريات رائدات العمل الخيرى :

عطاء المراة المصرية عبر التاريخ حافل بالمساهمات الإيجابية المشرفة فلم تبخل بالمال والجهد من اجل وطنها وتاريخ تبرعات المراة المصرية يعود الى زمن طويل وقد سجل التاريخ تبرع العديد من الشخصيات النسائية بثرواتهن فى مقابل النهوض بالوطن والعمل على تنمية المجتمع وهناك فصول حقيقية للمراة فى تاريخنا وهى قيادة العمل الاجتماعى والخيرى وتخفيف معاناة المجتمع

الأميرة فاطمة بنت الخديو إسماعيل :

احتلت الأميرة فاطمة هانم ــ كريمة الخديو إسماعيل وزوجة الأمير طوسون بن محمد سعيد باشا ـ مكانة متميزة بحرصها على المساهمة فى أعمال الخير ورعاية الثقافة والعلم فى المجتمع المصرى بما قامت به من أجل تنفيذ مشروع الجامعة المصرية ( جامعة القاهرة الآن )

عندما علمت الأميرة من طبيبها الخاص محمد علوى باشا بأن مشروع إنشاء الجامعة يعانى من أزمة مالية تهدد المشروع بالتوقف سارعت بالتدخل بالمساهمة وتنازلت للجامعة عن مساحة ستة أفدنة ليبنى عليها حرمها إلى جانب وقفها ريع ( ٣٣٥٧ فدانا و١٤ قيراطا و١٤ سهما ) من أجود الأراضى الزراعية فى مديرية الدقهلية بمنطقة الدلتا وبلغ وقف أرض الاميرة فى تلك الفترة ( ٤٠٠٠ ) جنيه سنويا كانت تدخل كلها فى إطار ميزانية الجامعة وهوما ضمن لها الاستمرار ثم تبرعت من جديد ببعض جواهرها الثمينة على أن تتولى إدارة الجامعة بيعها وبلغ إجمالى بيعها حوالى ( ٧٠٠٠٠ ) جنيه مصري وتحملت الأميرة فاطمة إسماعيل كافة نفقات حفل وضع حجر الأساس والذى تم فى ٣١ مارس ١٩١٤ فى حضور الخديو عباس حلمى الثانى والأمير أحمد فؤاد باشا

وقد سبق تلك الجهود اهتمام جماعة الصفوة بمحاولة التبرع لإنشاء الجامعة ففى أواخر عام ١٩٠٦ نشرت بعض الصحف عن اكتتاب مصطفى بك الغمراوى وكان من وجهاء بنى سويف بمبلغ ( ٥٠٠ ) جنيه للجامعة المصرية وصارت الصحف تزف كل يوم بشرى وظهر المشروع بقوة لدرجة أنه تكونت نقابة لتلقى الاكتتابات ونشر الدعوة بصفة مستمرة واجتهد القائمون على الفكرة لإزالة ما يعترض المشروع من مشاكل وتم الاجتماع فى دار سعد زغلول بك المستشار فى محكمة الاستئناف الأهلية وبلغ رصيد التبرعات فى هذه الفترة ( ٤٤٨٥ ) جنيها وكان المساهمون فى الاكتتاب للمشروع من صفوة المصريين ( البكوات والأفندية ) وبعض العلماء والمشايخ ثم أمراء الأسرة الحاكمة وبلغ إجمالى الاكتتاب فى الجلسة الثانية ( ١٦٥٣٦ ) جنيها

ومن الأدوار المهمة للرائدات المصريات فى العمل الخيرى ففى ( ١٩١٤ ) أسست هدى شعراوى بمعاونة الأميرتين عين الحياة وأمينة حليم جمعية الرقى الأدبى للسيدات المصريات وجمعية المرأة الجديدة للمساعدة فى أعمال الخير والبر وتوعية النساء كما أقام عدد من سيدات الطبقة الراقية فى مصر جمعية أمهات المستقبل بغرض مساعدة فتيات الطبقة الفقيرة وتزعمت هذه الجمعية ابنة حسين فهمى باشا التى استعانت بوالدة الخديو عباس وحصلت منها على مساعدات مالية واشتهرت تلك الجمعية واشتركت فيها كل من رقية حليم زوجة عمر طوسون ـ زوجة واصف غالى باشا وزوجة يوسف بطرس غالى

وأدت السيدة قوت القلوب الدمرداشية أدوارا مهمة فى العمل الخيرى وساهمت هى ووالدها عبدالرحيم الدمرداش بالتبرع بالمال اللازم لانشاء مستشفى الدمرداش والتبرع بالأرض التى أقيمت عليها جامعة عين شمس الحالية وكانت تخصص جوائز للمبدعين من شباب الأدباء وكانت أول جائزة يحصل عليها الأديب الكبير نجيب محفوظ جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن روايته رادوبيس

    الاكثر قراءة