بعد مرور 69 عاما ستظل ثورة 23 يوليو 1952 واحدة من أهم الثورات في التاريخ الحديث لأنها غيرت "شرايين" الحياة في مصر والوطن العربي وأفريقيا حتى وصلت دول العالم الثالث.
وبعد 1952 بدأت مصر مرحلة البناء والتعمير في مختلف المجالات، ومن إنجازات ثورة يوليو الاقتصادية أنها كانت بداية العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا أشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية، كما قضت على الإقطاع والاحتكار، وإلغاء الطبقات بين الشعب المصري وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري وعادت مصر إلى مكانها ومكانتها سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي.
وحررت العمال من عبودية الاقطاع والسخرية، واستعادت كرامة الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي بالإضافة إلى القضاء على سيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي، وانشاء السد العالي ومصانع الحديد والصلب والغزل والنسيج، ثورة 23 يوليو 1952 بداية بناء الدولة المصرية الحديثة، هذا ما يؤكده الخبراء العسكريون.
23 يوليو أساس بناء الدولة الحديثة
وفي هذا السياق، قال اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري والاستراتيجي وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب سابقًا، إن ثورة 23 يوليو 1952 أساس بناء الدولة الحديثة لمصر، لأن مصر قبل الثورة المجيدة لم يكن بها جيش قوي أو مؤسسات فاعلة ولا تعليم ولا صحة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"بوابة دار الهلال" أن ثورة 23 يوليو كانت مرحلة تحول في تاريخ مصر، أعطت أبناء الوطن حقوقهم، وساوت بين الطبقات، وأوجدت فرص متاحة للجميع، وحققت أهداف كثيرة منها مجانية التعليم والتأمين الصحي والإصلاح الزراعي وحقوق العمال والفلاحين.
وأوضح "بخيت" أن ثورة 23 يوليو كانت ثورة واعدة، نقلت مصر نقلة نوعية من دولة مستعمرة إلى دولة حرة، مضيفا أن عبدالناصر أطلق شرارة الثورات في العالم العربي ودول العالم الثالث، وحرر أفريقيا بالكامل، وجمع الأفارقة على كلمة سواء فيما يعرف بمنظمة الوحدة الإفريقية وما سمي بعد ذلك بالاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أنه كان أساسا في إيجاد كتلة عالمية تسمى كتلة عدم الانحياز، حتى يوجد توزان بين القوى المتصارعة في الشرق والغرب، كما أوجد لمصر مكانا متميزا على الخريطة الدولية في المجال السياسي والاقتصادي والعسكري، وأصبح مصير مصر بأيدي أبناءها المخلصين.
عبد الناصر زعيم متفرد
وتابع: جلست مع 35 سفيرا إفريقيا في مجلس النواب، في لجنة الشئون الإفريقية على مدار سنين، أكدوا لي أن قيم الثورة والتقدم والحرية في بلادهم مرتبطة بعبدالناصر، لدرجة أنه عند وفاة عبدالناصر، قال عميد التمثيل الدبلوماسي في مصر سفير الكاميرون في طفولتي لم أكن أعرف الرئيس جمال عبدالناصر، وفي الأسواق رأيت الرجال والنساء يجلسون على الأرصفة يبكون، ولما سألت عن سبب بكائهم، قالوا لي إنهم يبكون رجلا وزعيما كان محبا للكاميرون اسمه جمال عبدالناصر.
وأشار إلى أن جمال عبدالناصر، قائد، ورئيس دولة، وزعيم متفرد، وشجاع، وقوي ووطني، ومحب مصر والمصريين والعرب، ولديه قرار وفكر، كان زعيما بمعنى الزعامة.
ثورة 23 يوليو "بعث" مصر في العصر الحديث
ومن جانبه، قال اللواء دكتور محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، إن ثورة 23 يوليو عام 1952 بعث مصر في العصر الحديث، لأنه كان هناك فاصل أو فارق زمني كبير في مصر قبل وبعد الثورة، ما قبل 1952 مصر كانت تعيش في جهل وفقرع وإقطاع، باختصار مصر كانت بلا هوية .
وأوضح "الغباري" في تصريحات خاصة لـ "دار الهلال" أن مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 كانت مغيبة ولم يكن لها دورا، وما حدث في فلسطين عام 1948 خير دليل، أغتصبت فلسطين على مرأى ومسمع من مصر والعالم العربي والإسلامي، ماذا قدمت مصر لفلسطين أيام الملكية، ضاعت فلسطين ولم تفعل الدول العربية والإسلامية شيئا، بخلاف دعم المقاومة العربية الفلسطينية بعد قيام إسرائيل بعد 1948 ، والسؤال المهم أين كنا قبل 1948 .
وأضاف مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، أن اليهود وضعوا حجر الأساس للجامعة العبرية في فلسطين عام 1923 وتم افتتاحها عام 1925 في حين أن فلسطين لم يكن بها مدرسة ثانوي وقتها، والسؤال الذي كان يطرح نفسه وقتها لمن هذه الجامعة العبرية، وأين كان الملك وقتها، بل أن الملك فؤاد أرسل الكتاب والمفكرين للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية.
وتابع: هذا هو دور مصر في القضية الفلسطينية قبل 1952 والتي أصبحت التهديد المباشر لمصر، وهذه صورة ومشهد آخر من حياة المصريين قبل ثورة 23 يوليو، أن 70 % من الشعب المصري كانوا يعملون "أجيرة" عند الإقطاع، وهذا هو مجتمع الـ 2 %، أين الشعب المصري صاحب الأرض والبلد من خيرات مصر، حتى أن بعض المدعين يقولون أنه في مصر قبل عام 1952 كان هناك ليبرالية، أليست الليبرالية فيها التنمية في ظل الديمقراطية، والدليل لن تجد رئيس حكومة في فترة الملكية استمر لمدة سنة كاملة في الحكم، لأن التخطيط الاستراتيجي يجب أن معه ميزانية 5 سنوات على الأقل، ولكن إذا استمر لمدة سنة واحدة فقط، إذن أين التخطيط الاستراتيجي لعمل تنمية في مصر.
مصر قبل 23 يوليو 1952 كانت مستعمرة
وواصل: مصر ما قبل عام 1952 وبعدها شيء آخر، مصر كانت مستعمرة وبها قواعد إنجليزية في منطقة القناة، وكانت شركة مستعمرة تستحوذ على قناة السويس وتأخذ إيراداتها، السؤال هنا أليس هذا استعمار؟ .
وكشف أن مصر بعد ثورة 23 يوليو عام 1952 تغيرت وتم وضع 6 أهداف استراتيجية وليس كما يقال 6 مباديء، ولكن أهدافها استراتيجي وتم تطبيقها، القضاء على الإقطاع، القضاء على الاستعمار، القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، إقامة جيش وطني قوي، إقامة عدالة اجتماعية، إقامة حياة ديمقراطية سليمة.
وأشار إلى أنه من خلال تنفيذ الست أهداف استراتيجية تم القضاء على الاستعمار ومصر كانت زعيمة التحرر في العالم كله، وأصبح دور مصر الأقليمي والدولي ظاهرا، وتم الاصطلاح الاقتصادي وقضت ثورة 23 يوليو على الإقطاع والملكية والقضاء على رأسمالية المحتكرة.
ثورة 23 يوليو حررت مصر من الاستعمار
واختتم قائلا: أنا محمد الغباري مدين لثورة 23 يوليو عام 1952 بالفضل حيث أنها وضعت نظاما مكنني من دخول الكلية الحربية بـ 20 جنيه في السنة، مشيرا إلى أنه لا يوجد أحد من عائلتي في الجيش أو الكلية الحربية، مؤكدا أن ثورة 23 يوليو عام 1952 حررت مصر من الاستعمار وقضت على الإقطاع والعبودية والرأسمالية، وأعطت للفلاحين والعمال حقوقهم، وتم تأسيس جيش وطني قوي، وأصبح للمواطن المصري قيمة، وأعادت لمصر مكانها ومكانتها في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم بل وساعدت على تحرر الدول العربية وفي أفريقيا والعالم من الاستعمار الذي أذل الشعوب