في خضم الأحداث التي شهدتها تونس خلال الأعوام الماضية، من شد وجذب، كان المشهد السياسي مرتبكًا، حينما استولت جماعة الإخوان على مقاليد حكم البلاد مرتين، إلا أن الشارع التونسي لم يتأقلم مع تلك الجماعة التي عاثت في الأرض فسادًا، وأينما وجدت أحدثت فرقة بين أبناء الوطن الواحد.
تجسد هذا الأمر في دولتين كبيرتين في الوطن العربي وكان ذلك بمثابة دليل قاطع على أن هذه الجماعة تمتلك من «الغباء السياسي» ما يؤهلها إلى الانزواء مدى الحياة؛ لما قامت بها من أفعال خارجة على القانون، وممارسات عنف سواء بالقتل وأعمال شغب أو إقصاء للتيارات السياسية الأخرى داخل مجتمعاتهم، مما أدى إلى عزوف الشعوب عن تلك الجماعة، التي تحمل الكثير من الأفكار المتطرفة التي تعادي الأوطان، وتعمل على تخريب العقول وهدم الإنسان دينيا ودنيويًا.
تكرر المشهد مع اختلاف طفيف في الأحداث لممارسات تلك الجماعة المارقة في تونس، وسعيها إلى تهميش التيارات السياسية الأخرى، والعمل على تحقيق أجندتها في تونس، بالسيطرة على مفاصل الدولة بطريقة أو بأخرى.
لم يتحمل الشعب التونسي تلك الممارسات القمعية من هذه الجماعة، التي أتيحت لها الفرصة مرتين في الوصول لسدة الحكم مرة، والمشاركة في الحياة السياسية والتمثيل الحكومي والبرلماني مرة أخرى في تونس، فكانت النتيجة تخبط سير العملية السياسية على الساحة التونسية، فكنا نرى التطاول بالألفاظ تحت قبة البرلمان، بل وصل الأمر إلى التطاول بالأيدي على السياسية عبير موسى، على يد أحد أعضاء البرلمان، وأمام «الغنوشي» رئيس المجلس، مما أثار غضب الشارع التونسي والعربي، بغض النظر على قناعات وتوجهات السيدة عبير موسى، لكن مثل هذه الأفعال لا تصدر إلا من شخص «همجي».
وبعد أن استشاط الشارع التونسي غضبًا من ممارسات هذه الجماعة، وعبثها بالمشهد السياسي التونسي، خرج الناس إلى الشارع معبرين عن غضبهم ضد هذه الممارسات، ليطالبوا برفضها، وسرعان ما فطن الرئيس التونسي قيس سعيد للحراك الشعبي ضد الحكومة والبرلمان الذي يغلب عليه الإخوان من حركة النهضة - إلا أنه أصدر قرارات عدة تمثلت في إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان برئاسة الغنوشي مع رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان، وإعفاء وزيري الدفاع والعدل من منصبيهما.
وسرعان ما أن قرر الرئيس التونسي تعيين رئيسًا للحكومة يختاره هو بنفسه، لتسيير العمال لحين تشكيل حكومة جديدة، حيث إن ما فعله الرئيس التونسي -كما قال-: "لا يخالف القانون والدستور".
ما أشبه الأمس بالبارحة، يذكرنا هذا المشهد ببيان - المشير عبد الفتاح السيسي، حينما كان وزيرًا للدفاع - وخرج علينا ببيان 3 يوليو التاريخي، ليخلص الشعب المصري من براثن حكم الجماعة المتطرفة وقوى الشر والتطرف.