الأحد 19 مايو 2024

تأملات فى الأعماق

14-1-2017 | 20:53

وجدت فى دفتر الأحوال ، من تأملاتى على مدار شهر بدأ مع أول نوفمبر 2014 :

الدنيا تجمع الأضداد كما تجمع الأشباه ؛ ولا ينقطع فيها التناحر بين الخير والشر ، وبين الأخيار والأشرار ..

ومثلما لا تكف الدنيا عن إنتاج المحبات وتقوية الأواصر والعلاقات والصلات ؛ فإنها لا تكف أيضا عن إفراز العداوات والكراهات والمحن والحروب والصراعات والمخاطر ..

ومن هذه الدوائر المهولة تنشأ وتتجدد وتستمر مخاوف الناس ؛ ويولد الشك الذى يأخذ الآدمى إلى بحور عديدة متنوعة ؛ يلاقى فيها أمواجا وأصدافًا وأشواكًا !

ويعتصر فكره وعقله ليخرج من هوة الشك والارتياب إلى شُطئان الطمأنينة والثقة والأمان .. أمان النفس والعقيدة والموقف والسلوك !

> > >

دون وزارة ثقافة ، ودون مجلس أعلى للثقافة ، ودون نفعجية من هذا أو تلك ، ودون جوائز ، ودون إقطاعيات ..

حفلت مصر بقامات عالية جداً فى الفكر والأدب والثقافة

منهم على سبيل المثال لا الحصر: العقاد ؛ طه حسين ، توفيق الحكيم ؛ أحمد لطفى السيد ؛ يحيى حقى، زكى نجيب محمود ، نجيب محفوظ ؛ سلامة موسى ، أحمد شوقى ؛ حافظ إبراهيم ، أحمد أمين ؛ وغيرهم ..

لا أدرى سبب الثورة على اختيار الدكتور إسماعيل سراج الدين ، سواء للمجلس الأعلى للثقافة ، أو كمستشار ثقافى لرئيس الوزراء ..

مع أن اختيارات المجلس الأعلى للثقافة شملت أدنى منه بكثير ، بل من لا علاقة لهم بالثقافة ولا نشاط لهم فيها ، وكذلك الجوائز .. ولم يعترض أو يثر أحد !!!

>>>

أقول لكم حتى لا ننسى ، وحتى لا تضيع مصر!!

لم يسقط مبارك وحكمه وبلا عودة لقتل متظاهر أو متظاهرين،

فلم يكن ذلك سبب خروج الشعب فى 25 يناير ؛ ولا كان هو الأساس لتخليه كارهًا عن منصبه !!!

وإنما سقط للفساد وغياب العدالة الاجتماعية، وهدم معانى الديمقراطية والدولة الدستورية القانونية، وتجريف الكفاءات المصرية ، وتعقيم الحياة السياسية وسد شرايين التغيير ، وفرض مشروع توريث نجله ، وتزوير الانتخابات النيابية وبصورة فجة مستفزة وجائرة ، وتحويل الحياة الحزبية إلى ديكور خادع ، وتوسيد الأمور لغير أهلها وإقصاء ذوى الرأى والكفاءة والوطنية ، وتغليق أبواب التغيير بالاحتيال وبالقمع إذا لزم الأمر.

لذلك سقط مبارك ونظامه ، ولذلك من المحال أن يعود ، ومن الخبل الظن بأنه يمكن أن يعود ، ولن يعود !!!

> > >

أقول لكم :

المعركة التى تجرى الآن فى مصر ؛ ليست معركة بين حق وباطل ؛ ولا هى من أجل حق أو باطل ..

وإنما هى معركة بين أهواء ، وصاحب الهوى مغرض ، والغرض فى ذاته مرض ..

ولذلك بات السجال بين مرضى وأمراض..

لست عليهم أخشى ، وإنما أخشى على الأصحاء ، وأخشى معهم على مصر ..

مصر التى باتت منكوبة ببعض بنيها يأخذونها إلى الضياع

دون أن تتحرك فيهم شعرة !

> > >

التسبيب والتبرير !

يوجب القانون كتابة أسباب للأحكام ؛ لذلك يلتزم القاضى بكتابة هذه الأسباب تسبيبًا لحكمه.

ولكن هناك فارقاً يدركه العارفون بين التسبيب والتبرير ؛ فلا يلتزم القاضى إلاَّ بالتسبيب لا بالتبرير .

وليس محمودًا أن ينشغل القاضى بتبرير حكمه..

ففضلاً عما فى ذلك من تزيّد غير مطلوب ؛ فإنه قد يؤدى إلى مزالق وبلبلة !

لا يشفع فيها ضغوط الرأى العام أو الانشغال بالتبرير له !

وتكون الأحكام بمأمن وكذلك القضاة

إذا التزمت بالتسبيب لا بالتبرير

هكذا علّمنا القانون والتقاليد القضائية وخبرة السنين وحنكة المعرفة والحياة !

> > >

ما أحوجنا أن نعيد الجمال إلى بلادنا ، لتغتسل عيوننا وقلوبنا وأرواحنا ، كل صباح وكل مساء ..

فقد اعتدنا القبح ، ولم نعد قادرين على رؤية الجمال ..

عميت عيوننا ، وقست قلوبنا ، وخوت أرواحنا ، وجفت ينابيع الرحمة فى مهجنا !!

ما أحوجنا أن نعيد الجمال الذى كان إلى بلادنا!

كتب : رجائى عطية