الأحد 20 اكتوبر 2024

من يدفع يحكم البيت .. الإعانات بداية التدخلات

19-5-2017 | 15:28

تحقيق : نجلاء أبوزيد

«فتح البيوت مش بالساهل » عبارة تختصر صعوبة الإنفاق علي الأسرة، ومع زيادة الضغوط وارتفاع الأسعار وقلة الدخل أصبح كلا الزوجين يقبلان بل أحيانا يطلبان مساعدة الأهل المادية حتى تحول الأمر إلى إعانة شهرية تحمل معها تدخلات من الأهل تزداد تدريجيا تبعا لحجم الإعانة.

والسؤال هل تساعد الإعانات الشهرية فى حل الأزمات الاقتصادية التى تعانى منها بعض الأسر أم تتسبب فى خلافات زوجية تصل أحيانا إلى حد الانفصال نتيجة تدخل الأهل الذين يقدمون يد العون لأبنائهم؟

فى البداية تقول نشوى فاروق، موظفة: مساعدة الأهل لأبنائهم أمر طبيعي، ودونها ما استطاع أى شاب الزواج، لكنى أعانى مشكلة حقيقة فقد تزوجت بشقة فى بيت أسرتى لحين استلام زوجي شقته في أحد المشروعات السكنية الجديدة، لكن مع مرور الوقت ازدادت الخلافات بينى وبينه بسبب رفضه ما يفعل والدي وتدخله المستمر في كل صغيرة وكبيرة تخصنا، حتى المكان الذى يركن فيه سيارته، ظروفنا لا تسمح بترك هذه الشقة وتدخلات والدى المستمرة جعلت حماتي تعرض علينا السكن معها حتى نستلم شقتنا، لكننى أرى أننا إذا فعلنا ذلك سوف نهرب من مشكلة إلى أخرى مماثلة لها وأشعر بأن حياتي على كف عفريت.

قاعدة بفلوسي

ويتفق معها هشام طلعت موظف قائلا: رفضت قبول أى مساعدة من أهل زوجتي فى بداية زواجنا، ومنذ وفاة والد زوجتى تأتى حماتى للإقامة عندنا فترة كل شهر تصرف فيها ببذخ على الأولاد وتحضر لهم ألعابا وملابس وكلما طلبت منها التوقف تخبرني أنهم أحفادها وأنها تفعل هذا مع باقي أبناء بناتها لكنها للأسف تتدخل في أمور كثيرة لدرجة أنها أقنعت زوجتي بنقل ابنتي إلى مدرسة جديدة مصروفاتها أكثر من الأولى، ومن يومها وهى تتحدث في كل مكان عن تحملها مصاريف مدارس الأولاد وتكاد تقولها في وجهي «أنا قاعدة بفلوسي » لدرجة أنني أتعمد خلال إقامتها أن أترك البيت لفترات طويلة لأنها تذلنى بما تشتريه من فاكهة وحلوى.

أما محمد صلاح فيرى أن أى زوج يجب عليه أن يتكفل  بمصاريف بيته ويعيش وفقا لقدرته المالية لأن أهله إذا أعطوه بانتظام سيضايقون زوجته، وإذا ساعده أهل زوجته سينكسر أمامهم ولن يتمكن من إنفاذ ما يشاء وستحدث مشاكل، فالإعانات تعنى السماح بالتدخلات شئت هذا أم أبيت.

من يملك يحكم

تقول تقى عربي، ربة منزل: حماتي هي المتحكمة في كل شيء، زوجي يدير أحد محلات والده ويأخذ مرتبه من والدته وأى طلبات إضافية يطلبها منها، وفى المقابل تتدخل في كل تفاصيل حياتنا، حتى عندما أريد تغيير شيء في شقتي إما أن أشتريه حسب ذوقها أو ترفض إعطاء زوجى المال الذى أريده، وهذا حالها مع كل أولادها وكلنا صامتون لأنها من تملك المال ولولا مساعدتها المادية ما استطعنا الاستمرار.

آراء الأهل

بعد استعراض آراء بعض الأبناء المتضررين من تدخلات الأهل بسبب ما يقدمونه لهم من إعانات مادية فما تعليق الأهل على ذلك؟

تقول د. ناريمان عبد القادر، أستاذة القانون التجاري: أعتقد أنه من الأفضل ألا يتدخل الأهل في حياة أبنائهم وأن يمنحوهم فرصة بناء أسرة وإدارتها وفقا لظروف عصرهم وإن ساعدوهم يكون ذلك بلا تحكم لأن التدخلات تسبب مشاكل للزوجين وأعتقد أن أى أم يهمها في المقام الأول سعادة أولادها لكن للأسف كثيرات من الأمهات يتدخلن فى حياة أبنائهم بمجرد تقديم المساعدة لهم.

أما محمد أمين، محال على المعاش فعلى الرغم من تقديمه مساعدة مالية لأولاده بصفة شهرية إلا أنه لا يتدخل في حياتهم الخاصة، ويرى أن على الأهل ترك أبنائهم يديرون حياتهم بأنفسهم من دون تدخل فى شئونهم حتى لا يكونوا سببا فى إثارة المشكلات بينهم وبين أزواجهم.

وتختلف معه عواطف إبراهيم ربة منزل قائلة: إيه العيب إنى أقدم خبرتي لأولادى، بناتي يطلبن منى الإقامة مع كل واحدة منهن فترة لأننى أشترى لهن كل ما يعجز أزواجهن عن شرائه، وعلى ذلك من حقي أن أقول رأيي طالما فيه مصلحة وليس من حق أحد أن يغضب فأنا أحب أن أعرف أين أضع مالى وهذا ليس تدخلا لكن مشاركة بالرأي، وأعتقد أنه ليس هناك أم تود إفساد حياة ابنتها وإثارة المشكلات بينها وبين زوجها.

دعم اقتصادى

تقول د. مديحة الصفتى، أستاذة علم الاجتماع: الزواج من العلاقات الاجتماعية التي تحتاج إلى قدر عال من التوافق والتكافؤ بين الأزواج وأسرهم لأنه ليس قرار ارتباط بين فردين لكن بين عائلتين، وكلما كان هناك توافق وانسجام اجتماعي استقرت الأسرة، وتابعت: تقديم المساعدة المالية من جانب الأهل ليس بالضرورة طريقا للتدخل لكنه عادة ما يكون دعما اقتصاديا للأبناء الذين يبدأون حياة جديدة، لافتة إلى أن هناك حالات لا يقدم فيها الأهل أى دعم مادي لكن فيها أيضا تدخلا واضحا للحماة، لذا  ترى أن الأمر مرتبط بطريقة تفكير الأهل والزوجين، داعية أهل الزوجين عند تقديم  خبراتهم للأبناء أن يكون ذلك على سبيل النصيحة لا الأمر.

وتضيف: يلعب التكافؤ الثقافي والاقتصادي والاجتماعي بين الزوجين دورا كبيرا فى الحفاظ على الكيان الأسرى لأنه يساعد الزوجين على حماية الأسرة من أى تدخلات قد تعصف بها، مؤكدة أن سياسة من يدفع يحكم قد تؤدى إلى انهيار الأسرة لأن كل طرف سيلجأ لأسرته لتدعمه ما يتسبب فى ضياع الأسرة الصغيرة وسط صراعات الكبار، ناصحة الشباب قبل الزواج بضرورة التريث والتأكد من قدرته على الإنفاق حتى لا يكون محتاجا بصفة أساسية لدعم أهله أو أهل زوجته، وأرجعت د. مديحة الصفتى تزايد نسب الطلاق إلى صغر سن الزوجين وعدم قدرتهما على إدارة حياتهما، مؤكدة أنه كلما كان الزوجان ناضجين استطاعا تدبير شئون حياتهما دون تدخل من الأهل.