الخميس 28 نوفمبر 2024

أسرار في ذكرى ميلاد الرائدة «أمينة هانم السعيد»

  • 20-5-2017 | 17:47

طباعة

كتب : خليل زيدان

تكمن دائمًا قيمة المرء في قدراته، وتظهر شخصية الفرد وقيمته لو استخدم تلك القدرات لخدمة المجتمع، وقد يظن البعض أن ليس لديهم قدرات، فنعود لنؤكد أن الله لايظلم أحدًا، وقد منح جميع البشر قدرات، هناك من يستغلها ليترك بصمته المفيدة في الدنيا وهناك من يكون خاملًا ولا يتنبه لما آتاه الله فيذهب من الدنيا وكأنه لم يأتِ إليها.

تحل اليوم ذكرى ميلاد سيدة تنطبق عليها المقدمة السابقة، فكيف لنبتة صغيرة من أقاصي مصر أن تكون الأولى في عدة مجالات، وهي السيدة أمينة السعيد، فهي أول فتاة تلتحق بالجامعة وأول طالبة تمارس رياضة التنس بالشورت في الجامعة، وأول صحفية ترأس تحرير مجلة حواء، وأول وكيل لمجلس نقابة الصحفيين، وأول سيدة تتولى رئاسة مجلس إدارة دار الهلال، كل ما وصلت إليه الأستاذة أمينة السعيد أو «أمينة هانم»، كان الفضل فيه لاستغلال القدرات التي وهبها الله لها، وهنا يظهر الفرق، تكون أو لا تكون.

ولدت أمينة السعيد في 20 مايو 1914 في أسيوط، لأب طبيب من الدقهلية وأم قاهرية، كانت حصيلة الأب المستنير من الحياة سيرة طيبة وخمس بنات منهن أمينة، وبعد أربع سنوات رأت أمينة بعينها مشاركة الوالد في ثورة 1919، يدعو الجماهير في أسيوط وينظمهم للمشاركة في الثورة، وقد ألقت السلطات البريطانية القبض عليه وأبعدته لثلاثة أشهر عن أسيوط، وأفرجت عنه بعد أن هدأت الأحوال، هنا بدأت النزعة النضالية تنمو عند أمينة وأخواتها، وقد أرسل الوالد المستنير اثنتين من بناته للدراسة في إنجلترا وأدخل أمينة وأخت لها مدارس في القاهرة، وقد رحلت الأخت الخامسة إلى رحاب الله مبكرًا، وعلى فراش المرض، جمع الوالد بناته وطلب منهن القسم على ألا يتزوجن إلا بعد انتهاء الدراسة الجامعية، وعاهد البنات والدهن وأقسمن على تنفيذ طلبه.

إلتحقت أمينة بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)، وتمت خطبتها لأستاذ يعمل بالتدريس بكلية الزراعة، وكان عليه أن ينتظر حتى تنتهي أمينة من دراستها الجامعية، وفي الجامعة حرصت أمينة على كرامة الفتاة وهيبتها، وكانت أول من شجع الطالبات لممارسة الرياضة بالجامعة، فقد بدأت أمينة تمارس رياضة التنس وهي ترتدي شورت طويل لتكون أول فتاة تمارس الرياضة في الجامعة، وتعرفت إلى زميلها في الجامعة وهو الكاتب فيما بعد مصطفى أمين الذي أوصلها إلى الصحفي المعروف آنذاك محمد التابعي، لتقدم له بعض القصص الاجتماعية لنشرها في الصحافة، وتعرفت أيضًا على زميلها محمد فتحي، الذي أصبح فيما بعد كروان الإذاعة، وقد ساعدها فتحي لتعمل في الإذاعة بالقطعة وتترجم بعض القصص عن الإنجليزية وترويها بصوتها عبر الميكرفون، كان خطيبها المستنير الواثق في أخلاق أمينة يساعدها وينقلها بسيارته إلى مبنى الإذاعة أو مجلة آخر ساعة وإلى الجامعة، وتخرجت أمينة وتزوجت الدكتور عبد الله الذي أصبح عضوًا في هيئة التدريس.

علمت أمينة جيدًا، ووعت دور الرجل في حياتها، فالرجل كان والدها الذي أصر على مصلحتها وبث القيم فيها، وكان أيضاً مصطفى أمين الذي أوصلها إلى الصحافة، وكان محمد فتحي الذي قدمها للإذاعة، والرجل كان زوجها الذي وقف بجوارها وساعدها في مشوارها منذ البداية، إذًا هي تعلم جيدًا دور الرجل في المجتمع ولم تناهضه يومًا في مسيرتها التي طالبت فيها بحقوق المرأة، بل كانت تدعو المرأة دائمًا لتأخذ مكانتها في الحياة ولا تظل خاملة وتكون فقط سيدة للبيت.

تعرفت «أمينة هانم» كما كان الجميع يناديها، على أصحاب دار الهلال وشجعوها على العمل وتم تعيينها في مجلة المصور وأصبح لها باب ثابت ظل حتى رحيلها باسم «إسألوني»، وأصبحت أول كاتبة تهتم بالشؤون الاجتماعية، وزادت الثقة والألفة بينها وبين أصحاب الدار وتم تعيينها أول رئيس تحرير لمجلة حواء، وتمضى سنوات الكفاح وخدمة المجتمع من خلال قلم أمينة هانم لتصبح بعدها رئيسًا لتحرير مجلة المصور، ثم أول سيدة ترأس مجلس إدارة دار الهلال، وشهدت المطبوعات ازدهارًا في المحتوى وأيضًا في نسب التوزيع في عهدها، فكانت أيضًا أول صحفية تزور أمريكا والاتحاد السوفييتي، وأصبحت أول وكيل لمجلس نقابة الصحفيين وعضوًا بالمجلس الأعلى للصحافة وبعد بلوغها سن المعاش أصبحت مستشارًا لدار الهلال وعضوًا بالمجالس القومية المتخصصة وعضوًا بمجلس الشورى لدورتين متتاليتين .

    الاكثر قراءة