السبت 23 نوفمبر 2024

دين ودنيا

كبير مفتي الإمارات: وضع معاملات استثنائية للجوائح أمر دعت إليه الشريعة

  • 3-8-2021 | 16:37

المؤتمر العالمي السادس لدار الإفتاء

طباعة
  • أماني محمد

قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد -كبير المفتين، مدير إدارة الإفتاء، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إن موضوع الجوائح يعد من مفردات الفقه المهمة التي يتعين أن تكون العناية بها كافية، لما لها من تفصيلات دقيقة، وتحقيقات أنيقة، وتنزيل مسائله على وقائع الجوائح يحتاج دقة في الفهم وعمقًا في التأصيل، وها هي جائحة فيروس كوفيد 19 المشهورة بـ"كورونا" تعد من أكبر الجوائح التي اجتاحت العالم، فأخرت النمو الاقتصادي، وعطلت مصالح البشر، وأثرت في الالتزامات المنعقدة بين الأفراد والشركات والمؤسسات العامة والمختلطة؛ ما استدعى من فقهاء الشريعة إمعان النظر في مستجدات هذه الجائحة المتعلقة بالحقوق والالتزامات، المتأثرة بالجائحة، وقد كانت العقود عند نشأتها خالية من تصور حدوث الجائحة.

وأوضح خلال كلمته بالمؤتمر العالمي السادس لدار الإفتاء أن وضع معاملات استثنائية للجوائح أمر دعت إليه الشريعة الإسلامية بنصوص شرعية صريحة، واقتضته المقاصد الكلية، والقواعد العامة؛ لأن وضعها يحقق العدالة بين المتعاملين، فضلًا عن أن نظرية الظروف الطارئة مستمدة من الشريعة الإسلامية، ومن اتفاق الفقهاء قديمًا وحديثًا.

وأضاف الدكتور الحداد أن فيروس كوفيد 19 المشهور بكورونا يُعد جائحة عالمية؛ حيث عمَّ بلدان العالم كلها، واقتضى ذلك أن يطبق عليه مبدأ وضع الجوائح، ونظرية الظروف الطارئة.

وشدد على أن فيروس كوفيد 19 لم يصل إلى حد القوة القاهرة التي تفسخ فيها العقود تلقائيًّا لتعذر تنفيذها، وإنما بقيت في حدود العوارض الطارئة التي يمكن تنفيذها ولكن بعسر ومشقة، بدليل استمرار هذه العقود وتمام تنفيذها أحيانًا، وعدم تأثر القطاعات الاستهلاكية والطبية، وارتفاع الاستهلاك التقني بشكل كبير.

وأشار إلى أن الالتزامات العقدية المتأثرة بجائحة فيروس كوفيد 19 والتي كان قد شرع العمل فيها؛ تخضع لنظرية الظروف الطارئة المخففة للالتزامات؛ وذلك بعدم الإلزام بالشرط الجزائي، ولزوم تأجيل تنفيذ العقد أو إتمامه، أو فسخه، كما أن العقود التي لم يكن قد بدأ تنفيذها، فَحلَّت الجائحة وحالت دون البدء بتنفيذها؛ يخيَّر طرفا العقد بين الإلغاء أو التأجيل.

وأضاف أنه إذا تضرر المقاول أو المطور أو المورد بالسعر الذي كان قبل حدوث الجائحة، واختار مع المستفيد الاستمرار في العقد؛ فإن له أن يطلب تعديل السعر بحسب ما تقتضيه العدالة، لئلا يترتب عليه ضرر لا يحتمل، وكذلك المستأجر للعقار التجاري الذي تعطلت مصالحه بسبب الحظر له أن يطالب بإسقاط الأجرة عن الأشهر التي تعطلت فيه مصلحته؛ لعدم استفادته من العقار المستأجر للتجارة والاستثمار، كما أن عقود التعليم بين الدارسين ومؤسسات التعليم التي تغير فيها الوضع الدراسي من الحضور المباشر إلى التعليم عن بعد؛ يتعين أن تعدل رسومها بما تقتضيه العدالة بين الطرفين؛ نظرًا لقلة الكلفة في التعليم عن بُعد عن التعليم حضوريًّا.

وأكد أن العقود التي استوفيت قبل الجائحة أو في أثنائها، وبقيت أثمانها كلها أو بعضها عند المستفيد تعد دَينًا في ذمته، يجب عليه سدادها، فإن تعذر السداد عليه لإعساره، فينظر إلى ميسرة، كما أن العقود التي كان قد قدم فيها عربونًا أو هامش جدية؛ فتعطل تنفيذها بسبب الجائحة، ولم يشأ طرفا العقد التأجيل يجب أن يعاد للطرف الثاني المستفيد ما قدمه من عربون أو هامش جدية؛ لعدم تقصيره في ذلك.

وأوصى الحداد في ختام كلمته البنوك المركزية أن تسهم إسهامًا مباشرًا، في توفير السيولة الكافية للبنوك والشركات والمؤسسات الخاصة التي تأثرت بالجائحة، والعمل على إنعاشها حتى لا تشهر إفلاسها فتضيع حقوق ملاكها والمساهمين فيها، وأوصى كذلك المجتمع أن يتعاون في مثل هذه الجوائح كل بما يستطيع تقديمه للمتضررين بأعمالهم ومصالحهم، وتوفير الغذاء والدواء المستطاع تقديمه، وكذلك على شركات الأدوية المنتجة للقاحات أن توفر اللقاح لعموم الناس، وبأسعار تناسب دخلهم وعدم استغلال الجائحة للتكسب المادي، وكذلك على جميع أفراد المجتمعات التعاون مع الجهات المعنية بلزوم اتباع الإرشادات الصحية التي تقلل من انتشار العدوى، عملًا بمنهج الإسلام الداعي لمثل ذلك.

الاكثر قراءة