السبت 4 مايو 2024

قراءة فى ملف الطاقة الشمسية

مقالات4-8-2021 | 17:58

كل منا يعلم مدى أهمية الكهرباء فى حياتنا. على المستوى الشخصى من الصعب أن تمتلك مولد كهرباء خاص بك يعمل بمحرك احتراق داخلى، خاصة وأنك سوف تعانى من صيانة المحرك، ومن التلوث الناتج عن استخدامك للسولار والزيوت وخلافه. لكن يمكنك أن تمتلك وحدة توليد كهرباء خاصة بك تعمل بالطاقة المتجددة "طاقة الشمسية أو طاقة رياح" وهى طاقة نظيفة، وذلك فى حالة إذا كان سعر الكيلووات ساعة المنتج منها أقل أو منافسا لسعر الكيلو وات/ ساعة الذى تشتريه من كهرباء شركة التوزيع.

عموما إذا كان استهلاك شقتك للكهرباء يتخطى 1500 جنيه شهريا، فى هذه الحالة يكون استخدامك لوحدة طاقة شمسية خلايا كهروضوئية، أوفر من شرائك كهرباء من شركة التوزيع.

للمنفعة العامة، أصبح من الضرورى وجود محطات توليد كهرباء ذات قدرات كبيرة، يتم ربطها على التوازى من خلال كابلات موصلة للكهرباء، مكونة شبكة كهرباء، ويتم توزيع الكهرباء على المستهلكين (الأحمال). إذا كانت محطة توليد الكهرباء هذه قريبة من المستهلكين، فى هذه الحالة يمكن توزيع الكهرباء على الجهد المتوسط 22 كيلوفولت أو 11 كيلوفولت، وعلى الجهد المنخفض 380 فولت.

لكننا دائما نجد أن محطات التوليد بعيدة عن الأحمال، ولنأخذ مثالا، محطة كهرباء السد العالى، تبعد عن مركز الأحمال الرئيسى فى القاهرة والدلتا بمسافة لا تقل عن 1000 كيلومتر، ولنقل الطاقة الكهربائية من أسوان للقاهرة من خلال خطوط نقل محمولة على أبراج، لابد من رفع الجهد إلى 500 كيلوفولت بهدف خفض قيمة التيار السارى فى خط النقل الهوائى، لتقليل الفقد فى الطاقة الكهربائية، حيث أن الفقد فى الطاقة عبارة عن مربع التيار الكهربى السارى فى الخط مضروبا فى مقاومة الخط.

الشمس أهم مصادر الطاقة المتجددة التى تعلق عليها البشرية الكثير من الآمال، فكمية الطاقة الضوئية التي ترسلها الشمس إلى الأرض في ساعة واحدة يمكن أن تغطى احتياجات العالم من الطاقة لمدة عام

تم تصنيع أول خلية شمسية فى عام 1883، وكانت من عنصر السيلينيوم، وكانت ذات كفاءة منخفضة لم تتجاوز 1%. اليوم الخلايا الكهروضوئية المتواجدة فى السوق مصنعة من عنصر السيليكون، هذا النوع من الخلايا ظهر عام 1954، فى هذا الوقت لم تتجاوز كفاءتها 6%.

اليوم تتراوح كفاءة معظم الألواح الشمسية بين 15٪ و 20٪، مع وجود قيم أقل أو أعلى من هذه الحدود. كما يمكن أن تتجاوز كفاءة الألواح الشمسية عالية الجودة 22٪ في بعض الحالات، وتصل إلى 23٪ تقريبا، لكن غالبية الألواح الشمسية الكهروضوئية المتاحة كفاءتها لا تزيد عن 20٪.

على مستوى وحدات توليد الكهرباء من الخلايا الكهروضوئية الصغيرة، وكذلك على مستوى محطات التوليد الكبيرة، هناك مشاكل تعترض انتشارها، منها على سبيل المثال، نجدها تحتاج مساحات كبيرة، فتوليد طاقة مقدارها 1 كيلووات تحتاج مساحة فى حدود 9 متر مربع، وذلك نتيجة انخفاض كفاءة الخلايا الكهروضوئية فى تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء. والسبب الهام الثانى، هو الاحتياج إلى بطاريات لتخزين الكهرباء، والبطاريات سعرها مرتفع، وعمرها التشغيلى لا يتعدى 6 سنوات، فى حين أن الألواح الكهروضوئية عمرها التشغيلى فى حدود 25 سنة، ومع مرور السنين تقل كفاءتها.

أصبحت الطاقة الشمسية رخيصة، فقد انخفضت تكاليف إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بنسبة 90٪ بين عامى 2009 و 2020. لكن على مستوى محطات توليد الكهرباء الكبيرة، نجد أن سعر الكيلووات ساعة يختلف من مكان لمكان، ففى الصحراء العربية، مثل السعودية، حيث الإشعاع الشمسى السنوى لكل متر مربع 2775 كيلووات ساعة، وصل سعر الكيلووات ساعة إلى 1 سنت أمريكى، وفى بعض دول أوروبا مثل البرتغال، حيث الإشعاع الشمسى السنوى لكل متر مربع 1607 كيلووات ساعة، وصل سعر الكيلووات ساعة إلى 1.4 سنت أمريكى، لكن فى أماكن أخرى، وحسب طاقة الإشعاع الشمسى، يمكن أن يصل سعر الكيلووات ساعة إلى 4 سنتات أمريكية. 

التطوير فى الطاقة المتجددة لا يتوقف لحظة، ففى الخلايا الكهروضوئية التى تصنع من السيليكون، تعتبر الكفاءة ورفع مقدارها من الأمور الهامة، فلو تضاعفت الكفاءة وارتفعت إلى 50%، فهذا يعنى أن محطة مثل محطة بنبان فى أسوان، سوف ترتفع قدرتها إلى الضعف وتصبح "2930 ميجاوات"، أو تقل المساحة التى تشغلها من 37 كيلومتر مربع إلى 18.5 كيلومتر مربع.

كذلك هناك أبحاث تجرى على قدم وساق، للاستغناء عن مادة السيليكون فى تصنيع الخلايا الكهروضوئية بمواد أخرى تعطى كفاءة أعلى ومنخفضة التكاليف، وتكون أكثر ثباتا فى الظروف المناخية المختلفة "درجات حرارة ورطوبة وخلافه"، وتعمل بكفاءة فى الأجواء الأوروبية، والتى سماؤها دائما ملبدة بالغيوم.

هناك فرق عمل عديدة من الباحثين فى مراكز أبحاث مختلفة، وفى تخصصات مختلفة مثل الكيمياء والكيمياء الفيزيائية والكيمياء النظرية وفيزياء المواد التطبيقية والفيزياء النظرية والهندسة الكهربائية، تقوم بدراسات على مواد بديلة للسيليكون لتصنيع الخلايا الكهروضوئية، وتدور الأبحاث الآن حول مادة البيروفسكايت لتصبح بديلا لمادة السيليكون فى صناعة الخلايا الكهروضوئية، وهى تفوق السيليكون فى الكفاءة.

أول خلية من مادة البيروفسكايت كانت عام 2009 ، لكن وجد أنها مادة غير مستقرة كيميائيا عند تعرضها للحرارة والعوامل الجوية، فهى تفقد 80٪ من الكفاءة الأولية في أول 500 ساعة من التشغيل، لكن هذه المشكلة فى سبيلها للحل. من ضمن الأبحاث، هناك بحث يقوم على تطوير خلايا شمسية مصنعة من طبقات من السيليكون والبيروفسكايت، ووصلت كفاءتها إلى 30%، ومن المرجح أن تصل كفاءتها إلى أكثر من 40%.

فى إحدى الجامعات الألمانية، هناك دراسات على استخدام تيتانات الباريوم النقى، وهى بلورة حديدية كهربية بدلاً من السيليكون. مع وضع طبقات بلورية متناوبة من تيتانات الباريوم، وتيتانات السترونتيوم، وتيتانات الكالسيوم، تمكنوا من زيادة كفاءة الألواح الشمسية بشكل كبير.

لكن حتى الآن، لازالت الأبحاث مستمرة على مادة السيليكون لتصنيع خلية ضوئية ذات كفاءة عالية، ففى الصين توصلت إحدى الشركات لصناعة خلية سيليكون كفاءتها 25.19% من النوع شبه الموصل الموجب P، وهو رقم قياسى عالمى. واستخدمت طريقة "تشوخرالسكى" فى تصنيع هذه الخلية، من أجل الحصول على بلورة أحادية من السيليكون عالى النقاوة.

كلنا يعلم أن الهدف الأساسى من استخدام مصادر الطاقات المتجددة، هو كونها طاقات نظيفة وخالية من انبعاثات الغازات الدفيئة، بمعنى أنه يمكنها تحقيق نظام طاقة عالمى خالٍ من انبعاثات الكربون.

منذ بداية الثورة الصناعية عام 1750 وحتى عام 2020 كان مجمل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون ما مقداره 1700 جيجا طن نتيجة حرق المصادر الأحفورية. وحاليا يبلغ إجمالى الانبعاثات السنوية حوالى 40 جيجا طن، والمطلوب أن تقل هذه الكمية سنويا حتى نصل عام 2050، ويصبح العالم بدون انبعاثات ثانى أوكسيد الكربون.

الدراسات تقول، بحلول عام 2024، ستكون الطاقة الإنتاجية من مصادر الطاقة الشمسية الكهروضوئية السنوية 400 جيجاوات، وسيزداد سنويا، إلى أن نصل إلى عام 2050، عندما يصل العالم إلى صافى انبعاثات كربونية صفرية، وستصل القدرة المركبة لتوليد الكهرباء على مستوى العالم من المصادر المتجددة إلى 78000 جيجاوات، ويشمل ذلك 63400 جيجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية. ويقولون أن تحقيق ذلك يتطلب إنشاء 100 مصنع ضخم لإنتاج ما يكفى من وحدات خلايا الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والتى ستوفر طاقة العالم فى جميع الأغراض.

ما تخبرنا به الدراسات، هو أن التوسع السريع في الطاقة المتجددة كعنصر أساسى في سباق عالمى إلى صافى انبعاثات صفرية أمر ممكن تقنيا. من حسن الحظ، أن تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية تزداد فى الرخص سنة بعد سنة، علاوة على ذلك، فإن تركيب وتشغيل محطات الطاقة الشمسية أسهل وأسرع وأقل خطورة من المصادر الأخرى.

Dr.Randa
Dr.Radwa