على غرار نقل المومياوات الملكية، تم اليوم نقل مركب خوفو الأولى، والتي عثر عليها عام ١٩٥٤، بالجهة الجنوبية لهرم خوفو، من داخل متحفها بمنطقة آثار الهرم، وذلك من خلال استخدام العربة الذكية ذات التحكم عن بعد.
وفي هذا الإطار، أكد أساتذة الآثار أن مركب خوفو تكون في المتحف المصري الكبير، وتستخدم معها تقنية عالية جدًا فيما يتعلق بالحفاظ عليها كمادة عضوية قابلة للفناء، مشيرين إلى أن هذا الأمر من الأحداث العظيمة التي تحدث في تلك الآونة.
قصة أول محاولة لنقل مركب خوفو للمتحف المصري القديم
قال الدكتور محمود حسين أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، إن نقل مركب خوفو من الأهرامات إلى المتحف المصري الكبير، في إطار من العرض المتحفي الحديث والتقنية العالية جدًا فيما يتعلق بالحفاظ عليها كمادة عضوية قابلة للفناء، مشيرًا إلى أن ذلك يؤكد أن نقل المركب في تلك المرة يجعلها من اللازم أن تنجح.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، أن قصة اكتشاف المركب من البداية وحتى النهاية، يشوبها شيء من الغموض، موضحًا أن كمال الملاخ، يرجع له الفضل في شيء مهم جدًا وهو أنه كان صحفيًا، وذلك مكنه من إظهار ذلك الاكتشاف بطريقة إعلامية للعالم كله، وما ترتب عليه إبراز الآثار المصرية مع الاكتشاف، مشيرًا إلى أن الملاخ استغل مهارته الصحفية، في إبهار العالم بالآثار المصرية، حيث أنه كان صحفيا نادرا، وكان في وقته يقرأ الجرنال من الخلف إلى الأمام.
وأوضح أن عدم نقل مركب خوفو من الأهرامات إلى المتحف المصري القديم، لا يعد فشلًا، مشيرًا إلى أن المتحف المصري لم يكن مصمم لهذا القدر من الحجم، حيث أنه كان مصمم للفتارين، سواء العرضية أو الرأسية، أما المركب فعرضها يستوجب أن تكون القاعة مجهزة بكل الوسائل، فهي موجودة في مكان أشبه ما يكون في متحف.
وتابع في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، أن المركب مصنعة من الخشب، والخشب مادة عضوية وطريقة التعشيق والحبال التي تربط بعضها ببعض، في حالة تعرضها لظروف مناخية غير طبيعية، يمكن أن تتحول لتراب، مشيرًا إلى أننا ليس لدينا مركب واحدة، ولكن لدينا خمس مراكب لخوفو، موضحًا ،أن وجود المركب في متحف التحرير لم يكن سيضيف أي شيء، ولكن كان سيكون خسارة الشكل الذي عليه المبني.
وأكد أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، أن ما يحكى عن مركب خوفو، هو معتقد ديني لدي المصريين القدماء، حيث يقول المعتقد إن مراكب الشمس تنقل المتوفي من مكان إلى آخر، موضحًا أن كلمة الأساطير تطلق على الآثار اليونانية، والتي تتحدث عن زيوس، أما هنا فهو معتقد ديني يتحدث عن ميلاد الشمس.
وبالحديث عن المتاحف، أكد أن مصر بها ثلاث متاحف أساسية، وهي الإسلامي، والمصري، والقبطي، والروماني في الإسكندرية، وهي المتاحف الكلاسيكية، حيث أنها تعرض الآثار وفقًا للزمن الذي يمر على الحضارة المصرية، والتي تبدأ مما قبل التاريخ، والإغريق، ومن ثم القبطي والإسلامي، وتلك المتاحف موجودة من أكثر من 100 سنة.
وتابع أن هناك نوعية جديدة تناسب القرن الذي نعيش فيه، وهي: متحف الحضارة الذي يسجل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى وقتنا الحالي، والمتحف المصري الكبير؛ وفلسفته عرض إبهاري بالحضارة المصرية القديمة.
نقل مركب خوفو لا يقل حفاوة عن موكب المومياوات الملكية
قال الدكتور حجاجي إبراهيم محمد، رئيس قسم الآثار بكلية الآداب جامعة طنطا، إن نقل مركب خوفو الأولى من الأحداث العظيمة التي تحدث في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أنه كانت هناك محاولات عديدة لنقل ذلك المركب، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل لأسباب فنية.
وتابع في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، أن تلك المرة الأولى التي تنجح فيها مصر من نقل مركب خوفو من الأهرامات إلى المتحف المصري الكبير، حيث أن التخطيط لذلك مبهر، موضحًا أن ذلك النجاح المكلل بالتعب، يجعل حفاوتها أكبر من نقل المومياوات الملكية من الجيزة للفسفاط؛ وذلك لأن المومياوات نقلت من أول مرة أما المركب فقد كان بعد محاولات عديدة.
وأضاف أن إنجازات وزارة السياحة والآثار في ذلك الوقت أصبحت أكثر من ممتازة، وخاصة في إعادة افتتاح المتاحف الإقليمية، مضيفًا أن السياحة يوجد فيها أكثر من 50 نوعا، وكان يدرس تلك الأنواع خلال توليه منصب عميد في معهد السياحة والفنادق، مؤكدًا أن الاهتمام تلك الأنواع سيكون هناك طفرة كبيرة في السياحة في مصر، وأوضح أن ضمن تلك الأنواع سياحة اليخوت، والتي بدأ رئيس مجلس الوزراء الاهتمام بها في ذلك الوقت.
وأفاد أن مراكب الشمس لها أهمية تاريخية كبيرة، وزارها باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، موضحًا أن حينها كان مسئولا عن منطقة الأهرامات في ذلك الحين الدكتور زاهي حواس، وكانت مسئولة عن مراكب الشمس الدكتورة أمينة الجمل ابنة محافظة سوهاج.
وأكد أن أكثر من مشروع جدوى تم عمله من أجل نقل المومياوت ولكن فشل، أما ما يحدث اليوم هو إنجاز عظيم، مؤكدًا أن الآثار تحتاج إلى فن في التعامل معها حتى في عملية الترميم.
ولفت الدكتور حجاجي، أن هناك بعض الأخطاء في السرد التاريخي للفراعنة، ويجب إعادة صياغتها، وتوضيح الصحيح منها، كمثال كلمة «شم النسيم»، تأتي من «شمو» وهو الصيف، وما قيل بالخطأ هو أن المصري القديم لم يعرف إلا ثلاث فصول فقط، ولكن المصري القديم عرف الأربع فصول، وهي «شمو»، و«حن شمو»، و«حنفرو»، و«برت»، وغيرها من الأخطاء التاريخية التي يجب تعديها وصياغتها من جديد.