أثار إعلان الإدارة الأمريكية الموافقة على مشروع قانون مقدم من مجلس الشيوخ لإلغاء تصاريح 1991 و2002، لاستخدام القوة العسكرية في العراق، الكثير من الجدل حول توقيت القرار في ظل تهديدات تنظيم داعش الإرهابي والميليشيات، للتواجد الأجنبي في البلاد.
ورأى مراقبون عراقيون أن التعامل الأمريكي في العراق - الآن - يعتمد أسلوب القوة الذكية، الذي يزاوج بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، وهو أسلوب يجري العمل به عمليا منذ فترة، كأسلوب للتعامل مع الهجمات المحدودة التي تشنها الميليشيات المسلحة على القواعد والسفارة الأمريكية في بغداد، وهي طريقة تعامل أمريكية، الغرض منها عدم اللجوء إلى تصعيد الموقف السياسي والعسكري مع إيران راعية هذه الميليشيات.
وقالوا المراقبون - في تقرير بثته وكالة الأنباء الروسية (سبوتنيك) اليوم /السبت/ - إن التفويض الأمريكي لاستخدام القوة في العراق كان مرتبطا بالفترة السابقة ومقيدا بها، وأن تلك المرحلة انتهت، حيث انتقل الأمر إلى التحالف الدولي، الذي يعمل بموجب تفويض مطلق من مجلس الأمن الدولي ضمن نطاق مواجهة الإرهاب؛ وهو ما يعطي شرعية لتواجد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة.
وذكر تقرير الوكالة - الذي حمل عنوان (هل تتوقف عمليات واشنطن في العراق بعد سحب الكونجرس سلطة إعلان الحرب من البيت الأبيض؟) - أن سحب الكونجرس سلطة إعلان الحرب من البيات الأبيض يعتبر علامة حديثه على أن المشرعين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي يكتسبون قوة دفع في جهودهم لإعادة تأكيد سلطة الكونجرس الدستورية لإعلان الحرب بعد توقيع عدد من أعضاء الحزبين على مشروع القانون.
ونقل التقرير عن المحلل السياسي العراقي رعد هاشم قوله إن التفويضات الأمريكية السابقة للحرب، جرى توظيفها لاستهداف العراق في حقبة الحكم الماضية قبل عام 2003، ثم جرى تعزيز تلك التفويضات بحزمة من العقوبات والتي تعلقت بموضوع التسليح العراقي، الذي تبين فيما بعدها أنها "كذبة وخدعة " حيث وكان القرار يستهدف القدرات العسكرية الوطنية للدولة وقتها.
وأعرب هاشم عن استغرابه عن الحديث عن إلغاء تلك التفويضات في "هذا الظرف"، قائلا "إن هذا القانون أو التفويض الأمريكي كان يستخدم ضد قوة وضد دولة ونظام في ذلك الوقت، والآن يعتزمون إلغاء تلك التفويضات في الكونجرس ومن ثم يوقع عليها الرئيس، في الوقت الذي يعتبر فيه العراق والمجتمع الدولي في حاجة لمكافحة الإرهاب والمليشيات التي تستهدف القوات الأمريكية والبعثات الدبلوماسية".
وتساءل المحلل العراقي "كيف ستتعاطى الإدارة الأمريكية مع الأخطار القائمة ومع التحرشات والاستفزازات..فنحن لا نعرف كيف ستتعامل واشنطن مع الأهداف التي تمثل تهديدا لها، سواء في الداخل العراقي أو حتى على الحدود مع سوريا، وبأي تفويض أو أمر أو قانون سوف يتم هذا، أم أن البديل سيكون في تفويض التحالف الدولي في العراق؟).
من جانبه اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد والسفير السابق بالخارجية العراقية قيس النوري، أن إلغاء التفويض باستخدام القوة العسكرية في العراق، لا يعني - بأي حال من الأحوال - عدم لجوء القوات الأمريكية للرد المحدود في حالة تعرض قواتها لهجوم مسلح.
ورأى النوري أن إدارة بايدن قد تبقي على مسالك تعاملها مع إيران، وصولا لصيغ توافقية بشأن الملف العراقي.
وقالت نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان - يوم الثلاثاءالماضي - إن إدارة بايدن تؤيد إلغاء القانون لأنه لم يعد ضروريا لحماية المصالح الأمريكية في المستقبل المنظور، وبالنسبة لوزارة الخارجية فإن إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 لن يؤثر على أنشطتنا الدبلوماسية،وتابعت شرمان بقولها: "الوزارة أوضحت أننا ليس لدينا أنشطة عسكرية جارية تعتمد عليه فقط كما أن إلغاءه سيكون له تأثير ضئيل على العمليات العسكرية".
في حين قال المستشار العام لوزارة الدفاع الأمريكي (البنتاجون) - في تصريحات صحفية سابقة - إن "الوزارة تعتقد بأنه هناك سلطة قانونية داخلية كافية غير التفويض باستخدام القوة العسكرية لمواجهة التهديدات في العراق بسرعة وفاعلية، وأن إلغاء قانون تفويض الحرب في العراق لعام 2002 لن يعيق قدرة أمريكا على مواجهة التهديدات".
وكان مجلس النواب الأمريكي قد صوت - في يونيو الماضي - بأغلبية لصالح إلغاء قانون تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق لعام 2002.
ومنذ حوالي عقدين من الزمن كان الكونجرس الأمريكي، قد مرر قانونا يمنح الرئيس - آنذاك - جورج بوش الضوء الأخضر لانطلاق العمليات العسكرية الأمريكية في العراق، حيث كان يعتقد أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يخفي أسلحة دمار شامل.