الخميس 16 مايو 2024

تراثنا الجميل .. لمن ؟!


د. سامية حبيب

مقالات11-8-2021 | 18:45

د. سامية حبيب

حين نعلم أن مسرحية أو نص أدبي من تراث ثقافتنا العظيمة سيقدم في عمل فني فإننا كجمهور نفرح ونتوقع عملا فنيا ممتعا، ولا يخيب توقعنا لو كان فريق العمل على قدر كبير من المسئولية والمهنية .

وهناك ظواهر كثيرة جدا تقوم على هذا بتصرف أو إعداد لا يخل بالنص يمتعنا ويقبل عليه الجمهور لسنوات لو كان في المسرح ، ومن تلك النماذج  التي شاهدناها واستمرت سنوات على المسرح القومي المصري مسرحية "ليلة من ألف ليلة وليلة " تأليف رائدنا العظيم بيرم التونسي بلغته الفاتنة التي شكلت وجدننا ، ومن اسم النص تدور أحداثه في أجواء ألف ليلة وليلة بكل خيالها وألعابها وحيلها ، والحدث حول قصة حب ومفارقات ومشاغبات ويعبر عن ذلك بالأغنيات والموسيقى من ملحن رائد هو أحمد صدقي ، وقدمت  المسرحية من قبل في السينيات من بطولة العملاقين  شهرزاد وكارم محمود .

   ثم جاء المخرج الراحل محسن حلمي واحيا هذا المشروع ، فقدمها في التسعينيات بطولة يحيى الفخراني، والطرب والغناء اعتمد على المطرب علي الحجار، والمطربة أنغام، وفريق جميل من الممثلين ، ثم أعادها في الألفينات مع فريق غنائي موهوب وهما محمد محسن وهبة مجدي مع البطل المحبوب للجمهور يحيى الفخراني واستمرت المسرحية على القومي سنوات شكلت عدة مواسم بإقبال جماهيري كبير .

 وهنا يتولد سؤال:  لماذا لم يصور العرض على شاشة التليفزيون كما يحدث لكثير من المسرحيات الأخرى ؟ وهل انتهى عقد أو انتفاع المسرح القومي بالنص ؟

 ما أعلمه أن  قرار التصوير ملزم لفريق المسرحية من مدير المسرح القومي ورئيس البيت الفني للمسرح منتج العرض والتابع لوزارة الثقافة ، هذا التقصير من هؤلاء المسئولين يعد إهدارا للمال العام سبب خسائر مادية كبيرة، فلو تم تسجيل المسرحية لأمكن للوزارة بيعها بمبالغ طائلة لقنوات مصرية وعربية أيضا قبل تلك الشركة الخاصة التي حتما ستقعل هذا وتجني  تلك الأموال .

 والسؤال الثاني: حين أقدمت الشركة المنتجة للعرض الجديد على إنتاجه حصلت على موافقة من؟ ..هل وافق ورثة الشاعر العظيم بيرم التونسي على هذا ؟ أم اعتبر النص الأصلي تراثا يخضع لقانون الملكية الفكرية، وذلك لمرور خمسين عاما على وفاة المؤلف ؟ وهل هذا يتيح للشركة المنتجة أن تغير اسم النص وتفاصيل أخرى في أحداثه ؟ والأمر نفسه يطال الألحان فهل وافق ورثة الملحن العظيم أحمد صدقي على توزيع جديد لألحانه الأصلية أم تم التعامل مع تلك الألحان بنفس قانون الملكية الفكرية ؟ فليرد علينا الخبراء في قانون الملكية الفكرية .

  السؤال الأهم قدم النص الجديد للرقابة على المصنفات الفنية وحصل على ترخيص بإنتاجه ؟  فهل قدم النص الأصلي بقلم بيرم وعنوانه " ليلة من ألف ليلة وليلة " والنص الجديد باسمه الجديد " ياما في الجراب ياحاوي " ، أم تم تقديم النص الجديد فقط وغفل عن الرقيب كل هذا ؟

تلك أسئلة يجيب عليها الدكتور خالد عبد الجليل رئيس الرقابة على المصنفات الفنية إحدى الجهات التابعة لوزارة الثقافة ،والمفترض أن تصون تراثنا وتحافظ عليه ، وطبعا لن يجيب كعادته على أي نقد أو تساؤل يوجه إليه .

وكم استغرق الوقت الذي تمت تلك المراجعة ومتى تم إجازة النص من الرقابة ، حيث من المعروف أن النصوص تظل وتظل مدد من الزمن يدور أصحابها من كتاب ومخرجين بين المكاتب والرقباء إلى أن ينالوا المراد وكل ذنبهم أن فرقا ثرية ثراءا غير معلوم المصدر لن تنتج لهم تلك النصوص !.

وثمة سؤال قانوني وفني  يوجه للشركة المنتجة لماذا تعيدون تقديم مسرحيات قدمت من قبل في المسرح القومي المصري وتنجح لسنوات ، فقد أنتجتم من قبل  مسرحية " الملك لير " واليوم إعادة " ليلة من ألف ليلة " بعنوان جديد " ياما في الجراب ياحاوي " وهذا أمريثير -بلاشك- دهشة هل تاخذون النجاح جاهز .

 ومما يثير التعجب أن البطل واحد في العملين وهو الفنان يحيى الفخراني ، فلو كانت تلك رغبته الشخصية فلماذا لم يعد ليقدمهما على المسرح القومي ، وتقومون أنتم بإنتاج مسرحية جديدة له .

تعود خطورة ما يحدث إلى حقوق وواجبات تجاه ثقافتنا وتراثنا الذي شكل ويشكل وجدان أجيال من الناطقين باللغة العربية ونباهي به الأمم ، يخشى تشويهها و نسيانها فيما هو قادم فهل ثمة مسئول يطمنا على مصير تراثنا الثقافي والفني فهو يستحق الصون والحفظ مثل أثارنا الفرعونية  وكفى ماحدث مع تراث السينما من قبل ، أرجوا ألا يذهب هذا الموقف وينسى .