السبت 20 ابريل 2024

سؤال ما بعد الأولمبياد

مقالات12-8-2021 | 16:35

عشنا الأيام القليلة الماضية فى أجواء فعاليات الأولمبياد دورة طوكيو 2020، وكنا خلالها ننتظر بلهفة وترقب مشاركات الأبطال المصريين، حتى أننا كنا نصحو مبكراً لنشاهدها وندعو لفرقنا من أعمق أعماق قلوبنا بالفوز وحصد الميداليات، دون أن نكترث للوقت وافتقادنا للنوم.

المشاركات فى مجملها ليست سيئة من اللاعبين المصريين فى مختلف الألعاب الأولمبية، هؤلاء الذين من خرجوا من وطنهم عاقدين العزم على الانتصار ارضاء لأنفسهم ولوطنهم مصر، وخاصة فى كرة اليد التى أضاءت لنا أسماء لامعة فى سماء البطولات العالمية بكل جدارة مثل يحيى الدرع ودودو والأحمر والزين وبكار وكاتونجا.

 

محاولات جيدة كشفت عنها المشاركة المصرية، لكن أيضاً لم تكن فى المستوى المطلوب فى بعض الألعاب، وكشفت المشاركة عن غياب التخطيط والإعداد القوى والاهتمام بالمواهب ودعمها بعيداً عن المحسوبية فى عملية الاهتمام والانفاق على الاندية واللاعبين، فقط اكتفى القائمون على بعض الألعاب بما يقدم لهم من أسماء عبر المحسوبية والواسطة، إلا ما رحم ربي، فهذا ابن فلان وهذا صديقه، رصت الأسماء على الأوراق دون بناء وأساس قوى سليم ألا وهى الموهبة التى أخرجت لنا اسماء كروية رياضية كثيرة نفتخر بها، آخرها محمد صلاح الذى لم يصل إلى نجوميته وعالميته لأنه "ابن فلان أو علان"، فقط هو ابن موهبته الفطرية الحقيقية وقدمه المبدعة التى ما زالت تبهر العالم كله حتى تغنت الجماهير فى أرجاء الأرض باسمه ولقبه الملك المصرى "مو صلاح".

توفير الإمكانيات وادعم للمواهب الصغيرة والشابة هى الطريق الوحيد لتحقيق البطولات، والموهبة الحقيقية هى التى تتجاوز السور العالى وتدفع صاحبها إلى تسلق الأسوار كلها إلى ملامسة نجوم السماء ليجلس بجوارها بكل استحقاق وبدون منافس.

فلنصنع مليون محمد صلاح من خلال رؤية شاملة للرياضة المصرية، وهل تعجز مصر، بلد المائة مليون وأكثر عن صناعة لاعبين كالعبقرى محمد صلاح؟ وهل نقف وقفة صادقة مع أنفسنا وننقذ آلاف الشباب من أغانى المهرجانات السامة والافلام الهابطة والهدامة لأجيال كاملة، وأن تحتضن الأندية المواهب فى كل أرجاء مصر، وأن تكون هناك مؤسسات وشركات رياضية تعنى بدعم وصقل المواهب، وعلى الجميع الاخذ بأيدى المبدعين الحقيقين الذين يملكون مواهب رياضية حقيقية وثقة بالنفس، وكذلك فتح أبواب الاحتراف بلا أنانية أو تحطيم لأصحاب الفرص، لأن الاحتراف يصنع لاعباً دولياً بخبرة عالمية وهى استفادة كبرى للمنتخبات.

 

محبة فى هذا الوطن الغالي.. يبقى سؤال ما بعد الأولمبياد: ألم يحن الوقت والآوان لأن نحافظ على الموارد البشرية الأصيلة والمبدعة فى كل مجال، بدلاً من أن نتركها للهجرة والاغتراب فى بلاد عرفت قيمتهم وفتحت أمامهم أبواب الحلم والتميز والإبداع. مصر أحق بأبنائها، وأحق بمواهبهم وعطاءاتهم.. وهم لن يقصروا أبداً إذا وجدوا الدعم والمساندة، وسيرفعون اسمها عالياً مضيئاً فى سماء الرياضة والأدب والفنون والعلوم.