السبت 18 مايو 2024

«تفكيك مصانع الإخوان».. كتاب لـ سعيد شعيب يهدم أساطير «الإرهابية» للسيطرة على الإسلام

سعيد شعيب

ثقافة13-8-2021 | 14:50

دار الهلال

 

أصدر الكاتب سعيد شعيب كتاب «تفكيك مصانع الإخوان.. لماذا نحارب الإرهابيين ولا نحارب الإرهاب»، والذى يتحدث عن صناعة العضو الإخوانى، الذى يؤمن بأيدولوجياتها وعقائدها – الباطلة- للسيطرة على الدول باسم الإسلام، عبر إنتاج ما يسمى بـ«إسلام الإخوان» وكيف يتغلغل في المجتمعات والمؤسسات بدون رقيب ولا حسيب.

 

ويوضح «شعيب» في بداية كتابه أن أيديولوجية الإخوان ببساطة شديدة هي أن الإسلام يجب أن يكون "دولة وخلافة"، أي دولة يتم تأسيسها وإمبراطورية تجتاح العالم وتسيطر عليه لو استطاعت. بالضبط مثلما فعلت الإمبراطورية الاستعمارية القديمة التي يسمونها "خلافة إسلامية". بتعبير آخر هم يريدون ومعهم كل تنويعات الإسلاميين إقامة ما يسمونه "دولة الله على الأرض".

 في حين أن الإسلام كما سيتضح في هذا الكتاب لم يكن دولة أبداً ولا يجب أن يكون. وعندما تم استخدامه لتأسيس دولة وخلافة، تحول هذا الدين العظيم الى سلطة قمع وقهر واستبداد ونهب، فقد تم استخدامه ليبرر جرائم ومجاذر وقتل، وكل الجرائم ضد الإنسانية.

والنتيجة أنه تم تشويه ديننا وتدميره، وتم تدمير أيضاً عقل ووجدان المسلم بزرع أن هذا هو "الإسلام"، وأن عليه أن يدافع ويبرر جرائم ارتكبها بعض المسلمين مستخدمين اسم "الإسلام". كما تم تخريب البلاد "الإسلامية"، أي التي أغلبيتها من المسلمين، وأصبحت بدلاً من أن تصدر العلم والنور والخير والعدل والحرية وكل "القيم الإسلامية "، أصبحنا نصدر قتله مجرمين ينشرون الرعب والدم في كل مكان في العالم. هؤلاء الإرهابيون المسلحون وغير المسلحين (إخوان وقادة وداعش وغيرهم) الذين يصرون علي الحكم باسم الدين، ويصرون على مصادرة واعتقال "الإسلام". 

 لذلك الإخواني ليس فقط من ينضم الى التنظيم، ولكن هو كل من يؤمن أن الإسلام دولة وخلافة، فهو "إخواني" يؤمن بمشروعهم حتى لو لم ينضم الى التنظيم. يؤمن بتأسيس دولة دينية ديكتاتورية تقمع المسلمين وغير المسلمين، تنشر الخراب والدمار مثل نظام الملالي في ايران، ونظام عمر البشير الإخواني في السودان.

 المفارقة المؤلمة هي أن كثيراً منا يدافع عن هذه الأيديولوجيا باستماتة وفي ذات الوقت يرفض تنظيم الإخوان! يحمي ويدافع عما اسميه في هذا الكتاب "مصانع إنتاج الإخوان"  في المدارس والجمعات والصحافة والإعلام والمؤسسات الدينية.. إلخ، وفي ذات الوقت يرفض تنظيم الإخوان! يمدهم بالجنود والدعم الأيديولوجي ليس في مصر وحدها ولكن أينما يوجد مسلمون، وفي ذات الوقت يطاردهم ويسجنهم لأنهم يريدون إقامة "دولة الإسلام والخلافة".

  أي أننا نطارد الإخوان ولا نغلق مصانع إنتاج الإخوان. هذا هو سبب فشل جمال عبد الناصر في مقاومتهم، فقد اكتفى بمطاردة التنظيم الذي ينافسه على السلطة، لكنه أبقى على "مصانع إنتاج الإخوان". كان طوال الوقت يدافع عن نفسه بأنه "مسلم" أكثر منهم، ويحب ويدافع عن "الإسلام" أكثر منهم، في حين أنه -سواءً بقصد أو دون قصد- يدافع ويحمي "الإسلام الإخواني". وحتى عندما طبق الاشتراكية والتأميم (مصادرة أي سرقة  ممتلكات الأثرياء من مصانع وأراضي وعقارات.. إلخ) بحث لها عن مخرج، فقال إن كل هذا لا يتناقض مع الإسلام، بل وإن الإسلام يؤيد كل خطواته، فالإسلام مع العدالة الاجتماعية ومع الاشتراكية

 لذلك توسع عبد الناصر في "أسلمة مصر"، أو يمكنك القول أنه توسع في بناء "مصانع إنتاج الإخوان". فتحول الأزهر على يده من مؤسسة دينية محدودة، إلى جامعة تدرس العلوم الدينية والدنيوية معاً حتى يتخرج منها "الطبيب المسلم" و"المهندس المسلم" و"الكيميائي المسلم ".. إلخ. كما توسع في جلب الطلاب المسلمين من كل مكان في العالم لكي يعلمهم أن "الإسلام دولة وخلافة"، أي "إسلام الإخوان". ولذلك كان من السهل على تنظيم الجماعة أن يؤسس التنظيم الدولي للإخوان عبر هؤلاء الطلاب، الذين ذهبوا إلى بلدانهم ليؤسسوا فروع للإخوان.

 كما أسس عبد الناصر "مصانع أخرى لإنتاج الإخوان" مثل إذاعة القرآن الكريم والصفحات الدينية الإسلامية في الصحف والمجلات، بالإضافة الى البرامج الدينية الإسلامية، كل هذا لنشر "الإسلام الإخواني" أو "الإسلام دين ودولة".

 أي بشكل أو آخر "أخون" عبد الناصر المجتمع. وفي نفس الوقت طارد التنظيم بشراسة وقسوة، أعدم من أعدم وسجن من سجن. أي أنه كان يبني المصانع التي يتخرج منها الإخوان، وعندما يلتحقون بتنظيم الإخوان لينفذوا حلم "دولة الإسلام والخلافة" يطاردهم ويسجنهم. لذلك ظل فكر الإخوان كامناً في مسام المجتمع ينتظر لحظة الظهور والانقضاض.

 بالتأكيد أن عبد الناصر طبق نسخة مخففة من "دولة الإخوان" أو "إسلام الإخوان"، نسخة يمكن أن يتقبلها المصريين بلا تضرر كبير، لكنه حافظ كما تعرف على الأساس أنه "رئيس مسلم لدولة إسلامية”. وحافظ في التعليم والصحافة والإعلام ومختلف مناحي الحياة على تجليات دولته الإخوانية "اللطيفة". وقد كان من الصعب عليه وعلى اغلب المصريين أن يتقبلوا تطبيق "إسلام الإخوان" بحذافيره. فعندما تم تطبيق هذه النسخة على سبيل المثال في عهد عمر البشير الإخواني في السودان طوال 30 عاماً، تم تقسيم السودان وانتشرت الحروب وعم الفقر والخراب، وأخيراً ثار السودانيين ضد هذه النسخة من الإسلام.

 لذلك فشل جمال عبد الناصر في القضاء عليهم. فهم كانوا ينمون ويترعرعون خارج تنظيم الإخوان، في كل مؤسسات الدولة، وفي مسام المجتمع. فالإخوان قبل أن تكون تنظيم هي فكرة تعتنقها المؤسسات الدينية المصرية التي تزعم أنها تحارب فكر الإخوان.

 وما فعله عبد الناصر أكمله الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، فقد قال بوضوح علناً: أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة. والحقيقة أنه إخواني بدرجة أو أخرى يطبق نسخة مخففة من كتالوج "دولة الإخوان" أو "إسلام الإخوان"، وأطلق على مصر "دولة العلم والإيمان". تحالف مع تنظيم الإخوان وتوسع في الأسلمة، من مظاهرها على سبيل المثال أن يكون المتحدث الديني الرسمي باسم "دولته الإسلامية " هو الشيخ محمد متولي الشعراوي، وأدعوك إلى المقارنة بين أفكاره وأفكار الإخوان أو تنظيم مثل داعش أو القاعدة، وسوف تجدهما متطابقين. وكانت النتيجة التي حصدها الرئيس المسلم لدولة إسلامية هي أن قتله أنصار "الإسلام الإخواني"، أنصار "الإسلام دولة وخلافة، قتله حلفاؤه الذين كان يرد عليهم طوال الوقت بأنه أكثر "إسلاماً" منهم.

 إحقاقاً للحق لم يكن عبد الناصر وحده الذي فعل ذلك، يربى الوحوش، ثم يطاردهم ويسجنهم.  فكل الحكام الذين حكموا بلاد الشرق الأوسط بشعارات "قومية" فعلوا مثله. نظام الأسد، الأب حافظ ومن بعده بشار. صدام حسين في العراق، معمر القذافي في ليبيا. حتى الأنظمة الملكية مثل الأردن والمغرب والسعودية ودول الخليج. كلهم طاردوا وسجنوا وربما قتلوا الإخوان، لكنهم طوال الوقت يحاولون أن يثبتوا أنهم "مسلمين" أكثر من الإخوان، ويحمون ويدعمون "إسلام الإخوان" في المدارس والمساجد والجامعات، ويطبقون نسخة مخففة من هذا "الإسلام الإخواني" في القوانين والدساتير، في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. إلخ.     

 ليس فقط الرؤساء الذين وقعوا في هذا الفخ، ولكن المجتمعات أيضاً، فقد تم ابتزازنا جميعاً من قبل أصحاب نظرية "الإسلام دولة وخلافة" و"الإسلام لابد أن يكون سياسيا"، فيهاجمون طوال الوقت بأن الدولة ليست إسلامية، ونحن نرد: إنكم كاذبون هي إسلامية. هم يهاجمون بشراسة: هذا المجتمع ليس مسلما بالشكل الكافي. ونحن نرد بل نحن مسلمون. أي أننا طوال الوقت ندافع عن أنفسنا بأننا "مسلمون" وأن بلدنا "إسلامي" وفي الحقيقة نحن نقول: نحن إخوان وبلدنا إخواني.

 لذلك ينتصر الإخوان بسهولة في أي نقاش عام، فهم يريدون تطبيق "إسلام الإخوان" كاملاً غير منقوص. أي أننا نحاربهم بنفس سلاحهم، نحاربهم من على أرضية فهمهم هم للإسلام أو للدقة من على أرضية "إسلام الإخوان". لذلك هم لم ننجح في تفكيك هذه الأيديولوجيا وإنهائها، وتخليص المسلمين والإسلام منها. كل ما ننجح فيه هو المواجهة الأمنية التي تطارد أعضاء التنظيم.

أعرف أن هذا صادم، ولكني أعتقد أنها الحقيقة التي يجب أن نواجه بها أنفسنا. في الأغلب الأعم لا نتوقف ونسأل أنفسنا: لماذا نرفض الإخوان؟

 ويحاول هذا الكتاب أن يقول بوضوح ماهي أسس أيديولوجية الإخوان الدينية والتاريخية، أو بمعنى آخر ما هو "إسلام الإخوان"، وهل هو بالفعل معبر عن القيم الكلية للإسلام؟ وهل الإسلام يجب أن يكون دولة كما يقولون، وهل هذه "الخلافة" التي يحلمون باستعادتها كانت "إسلامية".  ويحاول أيضاً هذا الكتاب طرح البدائل التي تفكك  الإسلامية التي تفكك "مصانع إنتاج الإخوان" أو بتعبير آخر طرح بعض الاجتهادات الإسلامية الإنسانية التي تفكك وتكشف خطورة "إسلام الإخوان"، فهو الذي ينشر العنف والكراهية والدم والإرهاب في كل مكان.

 الجزء الثاني من الكتاب يتناول أسباب انتشار وتوغل تنظيم الإخوان في أوساط المسلمين، ليس في مصر فقط، ولكن في كل مكان يوجد فيه مسلمين. بالإضافة إلى كشف خطورة التنظيم، وهو تنظيم سري دولي، ومصادر تمويله وعلاقات الإخوان الموثقة بأغلب إن لم يكن كل التنظيمات الإرهابية في العالم. إضافة الى الكيفية التي قام بها التنظيم بمحاربة التحديد الإسلامي في داخله، وخارجه، وكيف حرض على سجن وقتل أي مسلم يجتهد ويجاول الوصول الى جوهر "إنسانية الإسلام".

 

الاكثر قراءة