تحل اليوم 13 أغسطس، ذكرى وفاة الصحفية الكبيرة أمينة السعيد، التي استطاعت أن تخرج من قوقعة المجتمع المظلم، لتنير الطريق نحو مستقبل مشرق للمرأة، وتتضمن قضاياها المجتمعية، وذلك في سبيل حرية المرأة، وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل داخل مجتمع واحد، كان لا يعترف من قبل بهذه المساواة.
برغم أن أمينة السعيد ولدت في مجتمع أسيوط المغلق على النساء، إلا أنها تعرفت في شبابها على السيدة "هدى شعرواي" والتي اهتمت بها، وتبنتها ثقافيًّا، ووجدت فيها ذكائها ونباهتها، وحرصها على المعرفة، وشغفها نحو الإطلاع والفكر.. مما جعلها تساعدها على الإلتحاق بالجامعة، في كلية الآداب قسم إنجليزي وذلك في عام 1931م.
وكانت "أمينة" في أول دفعة من البنات تلتحق بالجامعة في ذلك الوقت، وكان عميد الجامعة حينذاك هو عميد الأدب العربي "طه حسين"، ولم يكن وقتها دخول الجامعة للبنات ليس أمرًا سهلًا، بل كان في غاية الصعوبة، نظرًا لما كان يفرطه المجتمع على المرأة من قيود وعادات رجعية تقيدها.
عملت أمينة السعيد أثناء دراستها بالجامعة والتي تخرجت منها في عام 1935م صحفية في عدة مجلات كمجلة الأمل، وكوكب الشرق، وآخر ساعة، والمصور، وكانت المصادفة أنها أول امرأة مصرية تعمل في مجال الصحافة في مصر، مما زادها ذلك شغفًا وإصرارًا كبيرًا نحو التأثير وإكمال مشوارها الذي امتد وزهى وذاع صيتها.
بعد تخرجها بسنوات قليلة تزوجت من الدكتور "عبدالله زين العابدين" والذي دعمها وشجعها على استكمال مشوارها في الصحافة وذلك في عام 1937م.
وعند إصدار مجلة حواء، أصدر إميل زيدان قرارًا بتعيين أمينة السعيد رئيسًا لتحرير المجلة، وقد لاقت المجلة نجاحًا كبيرًا نتيجة ما أثمرته أمينة فيها، وبعد رحيل فكري أباظة عن مجلة المصور ترأست هي مجلة المصور، واستمر نجاحها حتى عينت عضوًا في مجلس إدارة موسسة دار الهلال الصحفية، لتكون أول سيدة مصرية تعين في هذا المنصب، حتى أصبحت رئيس مجلس إدارة دار الهلال.
وأصبحت السيدة أمينة السعيد أول امرأة مصرية تنتخب عضوًا في نقابة الصحفيين، وأول امرأة تحل في منصب وكيل نقابة الصفحيين في مصر.
كرمت أمينة السعيد من الدولة المصرية عام 1963م، وحصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وفي عام 1970 نالت وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، ونالت في عام 1975م وسام الكوكب الذهبي، كما حصلت في نفس العام أيضًا على وسام الفنون والآداب من الدرجة الأولى تكريمًا لها ولدورها الهام والفعال والمؤثر في المجتمع المصري والعربي.
ظلت أمينة السعيد طوال فترة حياتها مكرسة نفسها للدفاع عن حقوق المرأة المصرية وخاصة المرأة البسيطة، وختان الإناث، وقهر النساء.
وجاءت آخر كلمات أمينة السعيد المنشورة كان قبل وفاتها بأربعة أيام في مجلة المصور عن حال الست المصرية: "لقد أفنيت عمري كله من أجلها، أما الآن فقد هدني المرض، وتنازلت النساء عن كثير من حقوقهن.. فالمرأة المصرية صارت ضعيفة.. فلا خلاص للمرأة إلا بالنضال والأمل".
رحلت الكاتبة والصحفية الكبيرة أمينة السعيد عن عالمنا في يوم 13 أغسطس من عام 1995م عن عمر ناهز الـ81 عامًا، بعد صراع مع مرض السرطان، تاركة لنا تراث من نوع خاص، قيمة المرأة المصرية.