تحل اليوم 14 أغسطس، ذكرى وفاة الصحفي الكبير سمير عبد القادر، مدير تحرير أخبار اليوم، وأحد أهم رواد الصحافة الاقتصادية، ومن أبرز الصحفيين الذين مروا على تاريخ مصر، صحفي يتميز بعبقرية النقاد، حيث انتقد من منظور كتاباته العديد من الأوضاع الخاطئة في المجتمع، وأزمة التعليم والبطالة، وظاهرة التحرش، كما أنه خصص جزء كبير من مقالاته للدفاع عن المرأة، كما أنه له باع كبير في تاريخ الصحافة والسياسة المصرية وخبايا المجتمع المصري والعربي، غير أنه نجل الكاتب والمفكر العظيم الصحفي محمد زكي عبد القادر...

ولد سمير عبد القادر في السيدة زينب بمحافظة القاهرة في 30 يناير من عام 1931م، وتخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة وذلك في عام 1957م، وكان مثال للطالب المتفوق في دراسته، وكان يمتلك ثقافة كبيرة برغم صغر عمره، مما نال على إعجاب أساتذته في الجامعة حينذاك، وأصدر أول مجلة طلابية أسبوعية بعنوان "رأي الطالب" بتكليف خاص من رئيسها وذلك خلال فترة دراسته بالجامعة.

وحصل "عبد القادر" على جائزة أحسن مجلة جامعية وذلك في عام 1955 مما دفعه لأن يصدر أخرى، وكانت مجلة نصف شهرية باسم "أسرار الجامعة" ونالت إصداراته إعجاب الجميع سواء من أساتذته أو الطلاب في الجامعة.

التحق الصحفي سمير عبد القادر فور تخرجه من الجامعة للعمل في مؤسسة أخبار اليوم ليسير على خطى ونهج والده، ويشق طريقه في مجال الصحافة، وعمل هناك محررًا لقسم الاقتصاد، ثم توالت مراتبه حتى عيِّن رئيسًا للقسم ذاته وكان ذلك بجانب عمله في مجلة الجيل الجديد، ثم أصبح مشرفًا على القطاع الاقتصادي والذي كان يشمل جميع مجلات وصحف أخبار اليوم في ذلك الوقت.

كان لدى "عبد القادر" رؤية وتطلع وشغف لقضايا المرأة المصرية فقاد أول قافلة في أخبار اليوم لتوعية المرأة بحقوقها السياسية في الأقاليم والأحياء الشعبية، وكان ذلك في عام 1960م، وتلقت مؤسسة أخبار اليوم حينذاك خطاب شكر من الرئيس جمال عبد الناصر لهذه القافلة التوعوية الذي قادها الصحفي سمير عبد القادر.

أهم إنجازاته

كان الصحفي "عبد القادر" صحفي شجاع، وطنيّ، يدرك أهمية الصحافة تنوير للشعوب ونبض معرفي لها، فكان أول صحفي في العالم يدخل مدينة بورسعيد في بداية العدوان الثلاثي متخفيًّا، وقام من خلاله بتغطية خاصة عن أخبار المقاومة الشعبية هناك.

عمل سمير عبد القادر نائب رئيس تنفيذي لمدة 7 سنوات بأخبار اليوم، وكان مسؤولًا عن الجريدة حتى الطبعة الأخيرة، وأشرف على صفحة "للنساء والرجال فقط" منذ ظهورها وأيضًا مشرفًا على ملحق أخبار الجمعة.

واختير سمير عبد القادر في عام 1967م، ضمن الوفد المرافق لرئيس الوزراء وكبار المسؤولين وقيادات الجيش المصري للسفر إلى روسيا لبناء الجيش المصري وإمداده بالأسلحة، كما أنه أنتخب عضوًا لمجلس الإدارة بأخبار اليوم لدورتين متتاليتين.

اعتقاله

توالت إنجازات الصحفي الكبير سمير عبد القادر، وأستطاع أن يثمر في مجاله حتى أنشأ في عام 1965م، أول مكتب لمؤسسة أخبار اليوم في بغداد، ثم تم تعينه مراسلًا متجولًا في الشرق الأوسط، وكان مركزه بيروت وخلال هذه الفترة قام بتغطية انقلاب الرئيس إبراهيم عبود في السودان، كما أنه قام بإجراء أول حديث في العالم مع البرذاني زعيم الأكراد في مخبئة السري بشمال العراق بمساعدة المخابرات، وقام أيضًا بتغطية إنقلاب الرئيس هواري بومدين بالجزائر وأستطاع أن يحصل على أول حديث في العالم معه، وأذيع في جميع إذاعات العالم، مما جعله ذلك أن يتعرض للاعتقال هناك.

لم تنتهي إنجازات الصحفي الكبير سمير عبد القادر بعد أو إلى هذا الحد، فقد عُيِّن في عام 1973م، نائب لرئيس تحرير الأخبار ومساعدًا لرئيس مجلس الإدارة لشئون المراسلين بالخارج والإشراف على تدريب الكوادر الصحفية وتأهيلها للعمل، وعُهد إليه الإشراف على صفحة الجديد في السوق الأسبوعية.

تميز "عبد القادر" عن أغلب الصحفيين في جيله، حيث كان يكتب حواره الشهير "هو وهي" لسنوات طويلة، ويكتب يوميات الأخبار أسبوعيًّا بتكليف من رئيس التحرير لسنوات أيضًا طويلة، وبدأ في عام 1981م بكتابة مقاله الأسبوعي نحو النور في جريدة أخبار اليوم.لدى الكاتب والصحفي سمير عبد القادر العديد من المؤلفات ومنها: الاستيراد بدون تحويل عملة، امرأة تزوجت الشيطان، العذاب مع امرأة واحدة، الروح والجسد والزواج، ولا تقل الحب وداعًا، وهذه الأعمال قد قدمها لأخبار اليوم خلال رحلة طويلة وشاقة مليئة ومثمرة بالأحداث والإنجازات والنجاحات.. رحلة امتدت لـ 60 عامًا من العطاء والبذل في تاريخ الصحافة.

تكريمه

قد كرمت نقابة الصحفيين الصحفي الكبير سمير عبد القادر بتخصيص جائزة تحمل اسمه ضمن جوائز التفوق الصحفي، في الصحافة الاقتصادية مدى الحياة، وقدرها 10.000 مصريًّا للجائزة الأولى، و5.000 جنيه للجائزة الثانية.

رحل الكاتب والصحفي الكبير سمير عبد القادر عن عالمنا في 14 أغسطس من عام 2014 ميلاديًّا، رحل تاركًا إرثًا إجتماعيًّا وثقافيًّا وفكريًّا وصحفيًّا عظيمًا.. بعد رحلة شاقة دامت لأكثر من 60 عامًا، ليسطر تاريخًا جديدًا في عالم الصحافة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية في مصر.