كانت رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس بشأن ضبط النمو السكاني وخطورة الزيادة السكانية التي تفوق قدرات الدولة والتي قد تؤدي إلى تدميرها كجرس إنذار بشأن ضرورة مواجهة تلك المشكلة التي تؤثر سلبا على الأفراد والمجتمع، حيث أكد خبراء علم اجتماع أن زيادة الوعي أهم السبل لمواجهة تلك المشكلة من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والثقافية وكذلك زيادة التمكين الاقتصادي للمرأة.
وأكد الرئيس السيسي أن الزيادة السكانية تمثل مشكلة للدول فى ظل نقص الموارد، وتحسين أوضاع المواطنين يتطلب ضبط النمو السكاني مع زيادة الدخل، مضيفا أن الدولة تتحرك حاليًا في سباق وتصور متكامل للدولة المصرية.
زيادة الوعي أهم سبل المواجهة
وفي هذا السياق، قال الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الزيادة السكانية هي مشكلة مجتمعية قديمة منذ عقود تحاول الدولة السيطرة عليها، وأنشأت جهاز تنظيم الأسرة حين ذلك، مضيفا أن الدولة لا تدخر جهدا في مواجهة هذه الأزمة، التي هي بالأساس مشكلة وعي، تعتمد على وعي الأهالي والمواطنين بخطورة زيادة الإنجاب.
وأوضح في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أنه قديما كان هناك موروثات بشأن العزوة والسند وخاصة في مناطق الأرياف والصعيد بجانب تراجع الرعاية الصحية وكثرة الوفيات بين الأطفال والمواليد بسبب سوء الحالة الصحية ما كان يجعل السيدة تجنب الكثير من الأطفال، لكن اليوم الرعاية الصحية متوفرة وتراجعت وفيات الأطفال والدولة تولي اهتماما كبيرا بكل هذه الجوانب.
وأكد أنه لم يعد هناك مبرر لزيادة الإنجاب لأن العبرة بالكيف وليس الكم، فإنجاب طفلين أو ثلاثة على أقصى تقدير يتلقون الرعاية اللازمة أفضل من إنجاب ستة أو سبعة أطفال لا يحصلون على حقهم في الرعاية الواجبة من حيث التغذية الصحيحة والتعليم والرعاية الطبية والحياة اللائقة، مضيفا أن وعي المواطنين بكل هذه الجوانب مهم لضبط الإنجاب وتحل المشكلة تدريجيا.
وأشار الخولي إلى أنه كلما ارتفع الوعي ازداد حل المشكلة، وهذا الوعي مسئولية مشتركة بين الإعلام والمؤسسات الدينية وكذلك وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية والمواطنين أنفسهم في أحاديثهم اليومية، مضيفا أن المشروع القومي لتنمية الأسرة هو أحد الخطوات الهامة التي اتخذتها الدولة لمواجهة الزيادة السكانية.
وأضاف أن الدولة تهتم بهذا الملف بشدة وأطلقت مشروع الرائدة الريفية والذي لا يزال قائما حتى الآن، لأن الزيادة السكانية نسبته أعلى في الريف عن الحضر، فهو فكرته تقوم على فتاة أو سيدة تلقت التعليم الأساسي ومحبوبة في محيطها الاجتماعي وتتلقى بعض الدورات التدريبية ومهمتها الأساسية هي أن تتواصل مع كل سيدة وربة بيت لتوعيتها بالقضايا المجتمعية المهمة ومنها خطورة الإنجاب الزائد وتعريفها بسبل تنظيم الأسرة وتقدم لها التوعية اللازمة حول سبل التربية الصحيحة والتغذية السليمة ومقاومة التلوث وغير ذلك من الموضوعات وهو أمر لا يزال قائما حتى اليوم، وكلما ازداد الوعي والتعليم وخاصة لدى المرأة سيكون له تأثيرا إيجابيا على مواجهة الزيادة السكانية.
سبل مواجهة الزيادة السكانية
ومن جانبه، قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن مشكلة الزيادة السكانية هي مشكلة عالمية خلال السنوات الأخيرة وتكمن خطورتها فيما يترتب عليها من مشاكل جامة تؤثر على الخصائص السكانية، مضيفا أنه في أكتوبر الماضي أشارت الإحصائيات أن عدد سكان مصر 100 مليون و525 ألف نسمة وهو عدد كبير.
وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال، أن المشكلة الأكبر أن 40% من هذا العدد تحت سن 16 سنة أي غير منتجين لا يعملون، وبإضافة الفئة الكبيرة في السن من أصحاب الشيخوخة سنعرف أن المجتمع استهلاكي وغير منتج مما يعيق حركة التنمية، مضيفا أن أكثر المدن التي تشهد زيادة سكانية القاهرة وبعدها الجيزة، فمدن الريف بها 57.2% من السكان مقابل 42.8% في الحضر.
وأكد هنداوي أن مشكلة الزيادة السكانية لا تتوقف تأثيراتها وخطورتها على الدولة فقط، بل أنها تؤدي إلى معاناة الفرد نفسه، فزيادة الإنجاب يقلل من فرص التعليم الكافي للأطفال ويؤدي إلى عمالة الأطفال وانخفاض المستوى الثقافي للطفل وتراجع ثقافة الحوار وكذلك الحق الإنساني في المكان بسبب تزايد عدد الأفراد الذين يقطنون حجرة واحدة، وتؤثر على الأطفال نفسيا ومفهومهم نحو الذات وتزيد من السلبية واللامبالاة لدى الأطفال.
وأشار إلى أن الزيادة السكانية تؤدي أيضا إلى الهجرة غير المشروعة بسبب رغبة الشاب في التخلص من الظروف السلبية التي يعيشها وكذلك ظواهر التسول والزواج المبكر والعنوسة والبطالة، فالزيادة السكانية تنعكس على الأفراد والأسر في المقام الأول قبل أن تنعكس على الدولة، مضيفا أن الزيادة السكانية تؤثر على مسيرة التنمية وتؤثر على الخدمات الصحية والتعليم وكذلك الإسكان وغير ذلك.
وأضاف أن مواجهتها يتطلب أفكار حديثة، وأهمها التوعية بخطورة الزيادة السكانية من خلال حملات إعلامية مبسطة ومكثفة بالاستعانة بأشخاص شعبية محبوبة وقريبة من المواطنين يمكنهم التأثير على المواطنين وتغيير قناعاتهم، موضحا أنه قديما كان هناك إعلانات تخاطب المواطنين وفقا لمستواهم الاجتماعي مثل إعلان "حسنين ومحمدين" وكذلك إعلان فاطمة عيد و"شلبية".
وشدد هندي على أهمية توفير وسائل تنظيم الحمل لأن هناك قرى كاملة ليس بها وحدات للصحة الإنجابية، فيجب التوسع في وحدات الصحة الإنجابية وعمل مشروعات قومية لتشغيل الشباب من خلال برامج للشراكة لدمج القرى والنجوع في مشاريع تنظيم الأسرة، لأن الشباب حينها سيصبحون ممثلين لتلك البرامج وممثلين لها ونماذج ناجحة تشجع غيرهم على النجاح.
وأكد أهمية تدريب المرأة على الحرف والمهن وممارسة الأنشطة لزيادة تمكينها الاقتصادي والقضاء على السبب الاقتصادي الذي يدفع الأسر للإنجاب بهدف السند أو الإنفاق على الأسرة، فهناك نماذج كثيرة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي يمكن للمرأة أن تعمل وتنتج بما يوفر لها مصدر دخل.
واقترح برفع الدعم عن الطفل الثالث فأكثر، واقتصار الدعم على الطفلين الأولين، من خلال تعديل تشريعي يمنع مجانية التعليم والخدمات الصحية عن الطفل الثالث، مع منح محفزات إيجابية مثل مكافآت مالية في نهاية الخدمة للأشخاص الذين أنجبوا طفل أو طفلين، والتركيز على الشباب والأطفال لترسيخ مفهوم الأسر الصغيرة، وأن أسرة صغيرة تساوي حياة أفضل.
اقرأ أيضا:
الرئيس: النمو السكاني الزائد كان سيؤدي لتدمير الدولة في 2011
الرئيس السيسي: النمو السكاني في مصر سوف يأكل كل جهدنا