بعد قتال دام الـ 20 يوم تقريبًا، تمكنت حركة طالبان من السيطرة على الحكم في أفغانستان، وقد يكون الإنسحاب الأمريكي سببًا كافيًا لإسراع وتيرة السيطرة على كل المدن، والتي بينها العاصمة كابل.
لم يكن عودة حركة طالبان إلى الحكم مرة أخرى في الحسبان، إلا أنهم اليوم يفرضون قراراتهم على الدول الكبرى، مما أدى إلى قلق كبير من قبل الكثير من الدول، بسبب التخوف من ظهور الإرهاب مره أخرى تحت رعاية أفغانستان كما في الماضي.
ولا يزال أساتذة العلوم السياسية يتسائلون، إذا ما كان تمكين حركة طالبان صفقة، لزعزعة السلم، وإحكام الدول المستفيدة، موضحين أن الكثير من السيناريوهات يمكن أن تطرح، ولكن الإجراءات التي ستتخذها حركة طالبان هي التي ستؤكد إذا ما كان أي منها سينفذ على أرض الواقع.
استيلاء طالبان على حكم أفغانستان ينذر بعودة الإرهاب
قال الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن وصول حركة طالبان للحكم يعني العودة للمربع الأول بعد سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن السؤال المطروح هل استيلاء طالبان على الحكم كان مقصودًا أم لا؟، خاصة بعد سحب القوات الأمريكية من أفغانستان.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، أن هناك عدة سيناريوهات متوقعة الآن، أولها حدوث حروب أهلية في أفغانستان، والثاني حدوث تقاسم للسلطة، مضيفًا أنه في جميع الأحوال الخطورة تكمن في حالة عدم التوصل إلى حل سريع حتى لا يعود الإرهاب وينتشر مرة أخرى.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن عودة الإرهاب لن يهدد فقط أفغانستان، وإنما يمكن أن يمتد إلى مناطق أخرى، وتعود أفغانستان كما كانت في عصر أسامة بن لادن، محتضنة للإرهاب ولقيادات الإرهاب، في مناطق متعدد من العالم، ومن بينها الشرق الوسط.
وأوضح أن الأضرار كثيرة ستتحقق نتيجة ذلك، ولن يقتصر في تأثيره على دول معينة، ولكن يمكن أن تمتد لأطراف مختلفة، كما يمكن أن تتأثر أوروبا بطريق غير مباشر، كعمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وتسلل الإرهابيين إلى أوروبا؛ الأمر الذي لا يجعل أي دولة مهما بعدت رقتعها أن تكون في منأى عن الأضرار التي يمكن أن تلحقها حركة طالبان بها.
وأفاد أن سيطرة طالبان على أفغانستان لا يسقطها من قائمة الإرهاب التي وضعتها بها الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن ذلك في حالة استمرارها في أعمال العنف، أما في حالة الوصول إلى حلول سلمية للنزاع، يمكن أن تسقط، ولكن الصراعات الداخلية وأعمال العنف والتميير بين أطراف معينة يعني استمرارية النزاع بين الأطراف.
وأشار بدر الدين إلى أنه من الممكن أن يعود تدريب جماعة الإخوان، والجماعات المتطرفة في أفغانستان كما كان يحدث من قبل.
وصول طالبان للحكم هزيمة للمجتمع الدولى
قال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن العالم أجمع في حالة ترقب، بسبب وصول حركة طالبان للحكم، خاصة المحيط الإقليمي بمنطقة أفغانسان، مشيرًا إلى أن الكل ينتظر ما سيصدر عن الحركة، وبناءًا عيه سيتحدد ردود الأفعال أو توقعات التبعات.
وأضاف في تصريح خاص لـ«دار الهلال»، أن هناك عدة حقائق يمكن أن تأخذ في الإعتبار، أولًا وصول طالبان مره أخرى للحكم، يعد هزيمة للمجتمع الدولي، موضحًا أن تواجد الولايات المتحدة والقوات الدولية كان ينبئ بمستقبل مختلف، إلا أنه وضح أن المسار على عكس المتوقع، إن لم تكن صفقة مع المجتمع الغربي، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، أنه في ضوء التصريحات الصادرة من قادة طالبان، تؤكد أن الحركة في ذلك العام، تختلف تمامًا عن طالبان في التسعينيات، وذلك لإختلاف المناخ، واختلاف العقليات وإن توارثت الأصول ولكن يوجد فروع مختلفة.
وأشار إلى أن يجب أن يكون الجميع حذر من أن تكون أفغانستان بيئة خصبة لولادة الإرهاب مرة أخرى وتصديره للعالم بأثره، مشيرًا إلى أن تنظيم القاعدة خرج من عباءتها داعش وغيرها، وكان ذلك برعاية أمريكية، مما يجعل الجميع يخشى أن يتكرر ذلك السيناريو مرة أخرى، وإن كان بصور مختلفة.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أنه هناك تهديدات لكثير من المشاريع الإقليمية، كطريق الحرير الخاص بلصين، موضحًا أن كل ذلك يجب أن يؤخذ في الحسبان نتيجة وصولها للحكم، في انتظار ما سيصدر عنها، والطريقة التي ستحكم بها طالبان، وطريقة الحكومة التي ستشكل، ومجموعة الإجراءات التي ستتخذ، وكيفية التفاهم مع المواطنين، وسير الحياه اليومية حيث أن تلك العوامل ستحدد ما ستكون عليه طالبان فيما بعد.
وأكد أن تلك العوامل ستحدد أي سيناريو سيكون مرجع على غيره، هل سيناريو التعاون، وهو مستبعد من وجهة نظره، في ضوء العقليات الموجودة، أم سيناريو التشدد وتصدير الإرهاب وهو وارد بنسبة غير قليلة، أو سيناريو الصفقة، وهو وارد بنسبة غير قليلة.
وأضاف الدكتور حسن سلامة، أنه من الصعب في الوقت الحالي إسقاط حركة طالبان من قائمة الإرهاب صعب، ولكنه محتمل، إلا أن الوقت سابق لأوانه، مؤكدًا أنه يجب في البداية مشاهدة ما سيحدث، ومن ثم نقرر.