في اليوم العالمي للعمل الإنساني والذي يحتفل به العالم في التاسع عشر من شهر أغسطس من كل عام، أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير بعنوان " الاستجابة الذكية: حدود توظيف الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التكنولوجيا في أعمال الإغاثة الإنسانية"، والذي يتناول كيفية توظيف التطبيقات التكنولوجيا بما في ذلك الذكاء الاصطناعي في دعم أنشطة الإغاثة الإنسانية المقدمة إلى المتضررين من انتشار النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية.
ودق التقرير ناقوس الخطر للمعاناة التي يعاني منها المدنيين حول العالم نتيجة ويلات الصراعات المسلحة إضافة إلى الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية، فضلاً عن انتشار الأمراض والأوبئة المزمنة، إذ تضع هذه العوامل المدنيين في أوضاع محفوفة بالمخاطر من انعدام للأمن الغذائي وانتشار معدلات سوء التغذية والفقر والجوع، ناهيك عن سقوط الملايين من الأشخاص في براثن الفقر المدقع، جنبًا إلى جنب مع تصاعد عمليات النزوح الإنساني وما يرتبط بها من تزايد الظروف المواتية لانتشار الأمراض في أماكن إقامتهم من نقص في المرافق الطبية والخدمات الصحية والتي تعتبر بيئة مناسبة لاستفحال الأمراض والأوبئة المزمنة مثل كوفيد 19.
وأشار التقرير إلى ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد الناتج عن انتشار النزاعات والظروف المناخية المتطرفة والصدمات الاقتصادية في 23 منطقة على مستوى العالم من أبرزهم أثيوبيا وأفغانستان واليمن وسوريا، إذ يواجه 41 مليون شخص خطر المجاعة ما لم يتلقوا مساعدات غذائية ومعيشية فورية، من بينهم 47,000 شخص في اليمن وحدها إضافة إلى 16.2 مليون شخص يعانون من مستويات أقل للأمن الغذائي، بيد أن أكثر من ثلث الأفغان يعاني من سوء التغذية الحادة، ليس هذا فحسب بل تعرض 155 مليون شخص لخطر انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم خلال العام 2020، كما تأثر 149 مليون طفل دون سن الخامسة بالتقزم خلال العام ذاته، يأتي هذا بالتزامن مع وفاة 11 شخص كل دقيقة من جراء المجاعة ونقص التغذية على مستوى العالم.
وكشف التقرير عن تزايد آثار التغيرات المناخية من حدة الأزمات الإنسانية، إذ بلغ عدد المتضررين من الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغير المناخي نحو 760 مليون شخص في الفترة من 2014 إلى 2019 من بينهم 46000 حالة وفاة. كما يحتاج أكثر من 3.8 مليون شخص بما في ذلك 2.1 مليون طفل في النيجر لمساعدات إنسانية عاجلة وذلك على خلفية عوامل عديدة من بينها انتشار الصراع والنزوح وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والأوبئة المتكررة وتفشي الأمراض والفيضانات الدورية وحالات الجفاف، يأتي هذا بالتزامن مع معاناة أكثر من 800,000 من لاجئي الروهينجا في مخيمات اللاجئين ببنجلاديش من الظروف المناخية المتطرفة.
وفي هذا السياق، قالت نورهان مصطفى مديرة وحدة القانون الدولي الإنساني بمؤسسة ماعت أن المنظمات الإنسانية تعاني من جملة عراقيل وتقييدات تعترض طريق المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من حدة الأزمات على المتضررين تلك العراقيل التي تهدد بالانهيار التام لسبل المعيشة، إذ يتم استهداف موظفي الإغاثة ويتعرض الكثير منهم لأعمال الاختطاف والقتل على يد الأطراف المنخرطة في الصراع فعلى سبيل المثال قتل 3 من عمال الإغاثة بمنظمة أطباء بلا حدود في أثيوبيا في يونيو 2021 في خضم النزاع المسلح داخل إقليم تيجراي وهو سلوك ممنهج وشبه ثابت لأطراف النزاع في أثيوبيا.
وقال محمد مختار الباحث بمؤسسة ماعت إن استخدام التكنولوجيا في عمليات الإغاثة الإنسانية ضرورة ملحة في ظل معاناة المدنيين من تفاقم معدلات الفقر وسوء التغذية والنزوح الناتج عن الأزمات الإنسانية لاسيما النزاعات المسلحة، والتي تحتاج إلى أدوات أكثر فعالية تعمل كإنذار مبكر للأزمات وتخلق الاستجابة المناسبة لها، وطالب مختار منظمات الإغاثة الإنسانية العاملة في منطقة الشرق الأوسط ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة التي استخدمت التكنولوجيا في إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.