ما حدث هذا العام في محصول المانجو أمر عجيب لم يحدث من قبل، ينظر الفلاح إلى شجرته وهو يقلب كفيه على ما أنفق فيها، وينظر وقد تهاوت ازهار أشجاره، وجلس يتحسر ويستنجد هل من مغيث؟
وجلس يتحسر هل من يدلني على إيقاف هذا النزيف؟ هل من مرشد؟ هل من عالم يدلنا على دواء لهذا التساقط؟ وجد الرجل أكثر من نصف أزهاره تهاوت، وأسلم نفسه لله وقال لا حول ولا قوة إلا بالله، وجلس يتابع ما تبقي من عقد أزهاره، وكل يوم ينظر بحسرة إلى ما تبقى، وقد انفق أموالا كثيرة من أسمدة ومخصبات ومبيدات ومحسنات ومثبتات عق، وكل ذلك بلا جدوى.
وبعد مضي فترة قليلة، وإذا بالثمار الصغيرة تتهاوى على الأرض «وا حسرتي على ثماري.. وا حسرتي على محصول العام.. ليتني مت قبل أن أرى محصولي يتهاوى على الأر، وجلست أترقب كل يوم والثمار تتهاوى، ولا جدوي من أي معاملة ومن أي علاج».
«مانجتي سقطت فهل من مغيث؟ مانجتي سقطت وا حسرة قلبي عليها فهل من مجيب؟ لقد وصل الوضع إلى العشر يا الله يا مغيث ارحم عبدك المستغيث».
جلست أبحث ماذا جرى؟ ماذا حدث؟ هل قصرت في شيء؟ هل التقلبات الجوية؟ هل زيادة الرطوبة؟ هل زيادة ملوحة التربة؟ هل زيادة القلوية؟ هل كمية الري لا تكفي؟ هل كل ذلك؟ ربما.. ولكن خطر ببالي أن أشجار المانجو أصيبت السنوات الأخيرة بمرض العفن الهبابي، وهو خليط بين الحشرة القشرية والبق الدقيقي وعنكبوت وحشرة المن، ثم تخرج العصارة وتصاب بأنواع فطريات تقضي على الأخضر واليابس.. أهذا بلاء أم ابتلاء؟
وأدركت بعدها أن ذلك العفن يحجب أشعة الشمس التي هي مصدر التمثيل الضوئي، أي أن كل مكونات الغذاء تكون ناقصة فلا بروتين كامل ولا أملاح معدنية ولا كربوهيدرات كاملة ولا أكسينات ولا هرمونات، إذا فالعصارة ناقصة، فالأزهار أولى أن تسقط، وإذا عقدت أولى أن تسقط، والثمار تستغيث لاستكمال نموها فلا تجد ولا يتبقى إلا من له حظ عظيم، إذًا فقد وضعت يدي على السبب، وأدركت بعدها إجابة سؤالي: لماذا سقطت مانجتي؟
مهندس زراعي محمد عبد اللاه محمد
مدير المجموعة العربية للخدمات الزراعية والتجارية