صدر حديثا عن دار فلاماريون الفرنسية للنشر، كتاب يحمل عنوان "الإنسان العاري وقصائد أخرى"، للكاتب الإيطالي ألبرتو مورافيا، يقع في 320 صفحة ويضم 83 قصيدة شعرية كتبها مورافيا، وقد وردت القصائد بلغتها الأصلية الإيطالية مع ترجمتها إلى اللغة الفرنسية، كما يتضمن الكتاب شرحا وافيا من محقق الكتاب، حول ظروف وسياقات كتابة تلك القصائد.
وعن الكتاب يقول الناقد الجزائري "بو داود عميّر": تبدو قصائد "مورافيا" جميلة وموحية، كتبها مورافيا على شكل أبيات قصيرة وشذرات، تتضمن معان ومشاهد، لذلك بدت ترجمتها إلى الفرنسية موفقة في نقل المعنى، وهو أمر كما نعرف مستعصى تحقيقه في الشعر.
من بين القصائد التي لفتت انتباهي، قصيدة مهداة لروح الثائر الجزائري فرانز فانون (حتى نعرف قيمة هذا الرجل العظيم في النضال والأفكار)، من خلال حادثة ذكرها فانون عندما كان طبيبا نفسيا، بخصوص شرطي فرنسي، جاءه إلى المصحة لمعالجته من مرض نفسي يؤرقه وهو القلق و الهلع. وقد كان واضحا يخبرنا فانون، أن هذا الهلع المستديم أصابه بعد فترة زمنية منذ أن قام بتعذيب الجزائريين؛ تقول القصيدة الومضة:
سيخبرنا فرانز فانون عن شرطي يعاني من الفزع لم يكن يعرف أن معاناته تلك بسبب تعذيبه للمساجين أنا أيضا أعاني مثل هذا الشرطي ولكني لم أعذب إلاّ نفسي.
تابع "بو داود عميّر" مشددا علي أن: لم ينشر الكاتب الإيطالي الراحل ألبرتو مورافيا أثناء حياته شعرا، كتب في القصة والرواية والمسرح وأدب الرحلات؛ أعمال نجحت واشتهرت عالميا ليصبح أحد أبرز الكتّاب في ايطاليا والعالم، ورغم النجاح الكبير الذي حققه في الرواية خاصة، لكنه تمنى أن يكون شاعرًا، يقول "كنت أرغب أن أكون شاعرا، لكن لم أكن سوى روائيا، وهو أمر سيء للغاية بالنسبة لي"؛ الشعر يشكل بالنسبة إليه أدبا "كاملا مطلقا". عندما كان مورافيا يخلو بنفسه، كان يكتب شعرا عن أحاسيسه ووجدانه ونظرته الوجودية للعالم والأشياء؛ لكنه لم ينشره ولم يسع إلى ذلك.
سرعان ما قام صديقه وكاتب سيرته الايطالي "رينيه دي سيكاتي"، بعد رحيل مورافيا، بعملية تقص وبحث في محاولة جمع تلك القصائد، سواء تلك التي نشرها في بعض المجلات والصحف الايطالية أو تلك التي عثر عليها بين أغراضه.