قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الاقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية إن أكثر من 18 مليون شخص أي أكثر من نصف سكان أفغانستان يحتاجون بالفعل إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، حيث تزداد هذه الاحتياجات يوميًا.
وأضاف المنظري - خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط اليوم /الثلاثاء/ حول مستجدات جائحة فيروس كورونا والوضع في أفغانستان - أن أنظار العالم خلال الأسبوع الماضي ركزت على التغيرات السياسية والأمنية في أفغانستان، وما ترتب عليها من إجلاء طارئ للمدنيين الأجانب والأفغان المعرضين للخطر.
وأوضح أنه حتى قبل وقوع هذه الأحداث الأخيرة، كانت أفغانستان تشهد ثالث أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم بسبب الحرب، والنزوح، والجفاف، والجوع، وبالطبع جائحة كورونا، منوهًا بأن الأحداث هناك تطورت سريعًا.
وتابع: "أصبح لدينا أولويتان تمثلت أولاهما في ضمان السلامة المطلقة لموظفينا العاملين داخل البلد، فقد اتخذنا مجموعة من الخطوات لزيادة تأمين وحماية الموظفين وأسرهم، منها إبعاد آلاف الزملاء الأفغان وأسرهم عن الخطر ونقلهم إلى مناطق بعيدة عن الصراع".
وأشار إلى أن الأولوية الثانية هي البقاء وإنجاز المهام عن طريق مواصلة عملنا المنقذ للأرواح من أجل الملايين من الأفغان ممن ظلوا هناك، ويعني هذا إيلاء الأولوية لتوفير الإمدادات الصحية المنقذة للأرواح التي تحتاج إليها المرافق الصحية لكي تواصل عملها.
وأضاف أنه تم على وجه السرعة توزيع الإمدادات المنقذة للأرواح على المرافق الصحية والشركاء في كابول وقندهار وقندوز، إلا أن منظمة الصحة العالمية لا تملك الآن من الإمدادات داخل البلد سوى ما يكفي لمدة أسبوع واحد فقط، وقد أُرسِل بالأمس 70% من هذه الإمدادات إلى المرافق الصحية.
وأكد أنه لا يزال يوجد في مستودعنا في دبي أكثر من 500 طن متري من الأدوية والإمدادات التي كانت جاهزة وكان من المخطط تسليمها إلى أفغانستان هذا الأسبوع، ولكن مطار كابول لا يزال مغلقًا أمام الرحلات التجارية، ووفقًا للقيود التشغيلية والأمنية، فإن البلدان التي تُرسل طائرات فارغة لنقل الأشخاص المقرر إجلائهم لا ترى أنها قادرة على المساعدة.
ونوه بأنه قبل بضعة أيام، اشتركت منظمة الصحة العالمية مع منظمة اليونيسف في توجيه نداء إلى المجتمع الدولي لطلب الدعم من أجل إيصال الإمدادات الإنسانية إلى أفغانستان، ويشمل ذلك الإنشاء الفوري لجسر جوي إنساني قوي ويُعول عليه لإرسال الإمدادات.
ولفت إلى أنه في المستقبل سيتم العمل مع الشعب الأفغاني والشركاء لضمان عدم ضياع المكاسب الصحية التي تحققت على مدى العقدين الماضيين، حيث أنه على مدار هذه السنوات، عملت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها مع السلطات بشأن العديد من الإنجازات المتعلقة بصحة الشعب الأفغاني وعافيته.
وقال: "لقد قمنا معًا بتعزيز النظام الصحي المُحطَّم من خلال تدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية وتقديم الأدوية الأساسية والمنقذة للأرواح، والإمدادات الطبية، والمعدات الطبية".
وتابع المنظري: "رصدنا فاشيات الأمراض وتصدينا لها، ووسَّعنا نطاق برنامج رعاية الإصابات الشديدة، وكفلنا إتاحة الخدمات للنساء والأمهات والأطفال حتى في المناطق النائية والتي يصعب الوصول إليها، ونتيجة للعمل الجماعي الذي قام به العديد من الشركاء وآلاف العاملين بمجال الرعاية الصحية، انخفض عدد النساء اللاتي توفَّيْن أثناء الولادة في أفغانستان بنسبة 60%، كما انخفضت وفيات الأطفال بنسبة تزيد على 50%".
وأكد أنه أصبح حوالي 70% من جميع النساء لديهن الآن فرصة للبقاء على قيد الحياة حتى يبلغن سن 65 عامًا مقارنةً بنسبة 54% فقط قبل 20 عامًا، لافتاً إلى أنه من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى مواصلة الاستفادة من هذه المكاسب والبناء عليها حتى يتسنى لكل رجل وامرأة وطفل في أفغانستان أن يعيش حياة مليئة بالكرامة، والصحة الجيدة والأمل.
وأوضح أن أفغانستان هي أحد بلدين اثنين فقط في العالم لم يستأصلا بعدُ فيروس شلل الأطفال البري، وفي إطار الإبلاغ عن حالة إصابة واحدة فقط بفيروس شلل الأطفال البري في كل من أفغانستان وباكستان حتى الآن في هذا العام، يُعد الوقت الحالي مرحلةً حرجةً وفرصةً غير مسبوقة لكي يتمكن البرنامج في أفغانستان من القضاء على شلل الأطفال وعدم إهدار المكاسب التي تحققت بصعوبة.
وأضاف أننا نحتاج أيضًا إلى إبقاء الجائحة تحت السيطرة، فقد تم توثيق ظهور كل من تحوُّري دلتا وألفا في أفغانستان، ونخشى أن تؤدي الاضطرابات الحالية وزيادة حركة السكان إلى ارتفاع حاد في الإصابات، وفي ظل تلقي أقل من 5% من السكان للتلقيح الكامل، يؤثر الصراع الدائر على التطعيم ضد كوفيد-19 في جميع أنحاء البلد ويؤخر التمنيع الروتيني، مما قد يؤدي إلى مزيد من الفاشيات.
وأشار إلى أنه مع استمرار تصاعد الأحداث الجارية، فإن منظمة الصحة العالمية ملتزمة التزامًا تامًا بالبقاء ومواصلة العمل في أفغانستان، حيث تضم المنظمة شبكة مُكوَّنة من 684 موظفًا وعاملًا صحيًا داخل البلد يعملون بجميع المقاطعات البالغ عددها 34 مقاطعة.
ولفت المنظري إلى أنه على الرغم من التحديات واستمرار انعدام الأمن، فهم لا يزالون ملتزمين بتنفيذ التكليف الجماعي للمنظمة، كما أنهم يتلقون الدعم من فرق عمل متخصصة على جميع مستويات المنظمة، قائلًا: "نحن الآن بحاجة إلى الدعم من الجهات المانحة وشركائنا وذلك بالاعتماد علينا، والعمل معنا، ومساعدتنا في إنقاذ الأرواح، وتعزيز الصحة، وخدمة الضعفاء".