حرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على زيارة حائط البراق عند المسلمين أو المبكى عند اليهود والموجود في القدس المحتلة، أثناء جولته السريعة في المسجد الأقصى، بل ونشر صورته على حائط المبكي على حسابه الرسمي الخاص، بموقع التواصل الاجتماعي تويتر.
لم يكن الرئيس دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الأول الذي حرص على زيارته، بل قام بذلك من قبل جورج بوش الأب وبيل كلينون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما إما قبل أن يصبحوا رؤساء أو بعد انتهاء فترة ولايتهم كرؤساء.
بوابة "الهلال اليوم" تنشر تقريرا عن أهمية حائط البراق ومكانته العظيمة عند المسلمين والمعروف أيضاً بحائط المبكى ، إذ يُذكر في المصادر الإسلامية أنه الحائط الذي قام الرسول محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام بربط البراق إليه في ليلة الإسراء والمعراج، وجاءت تسمية الحائط بـ"حائط البراق" نسبة للدابة التي ركبها النبي محمد "ص"، حيث ربط البراق في حلقة على هذا الحائط ، ودخل إلى المسجد حيث صلى بالأنبياء ثم عُرج به إلى السماوات العلا وللحائط مكانة عند اليهود أيضاً ومكانة سياسية أيضاً، حائط المبكى يحد الحرم القدسي من الجهة الغربية، أي يشكل قسما من الحائط الغربي للحرم المحيط بالمسجد الأقصى، طوله ن50م, وارتفاعه يقل عن 20م.
ويعتبر الحائط من أشهر معالم مدينة القدس.
مكانته عند المسلمين
وقد ورد في الطبقات الكبرى لابن سعد أن الرسول محمد "ص"، حُمل على البراق حتى انتهى إلى بيت المقدس، فانتهى البراق إلى موقفه الذي كان يقف في مربطه، كما يعتبره المسلمون جزءا مهما من المسجد الأقصى، وتوارث أهل القدس المسلمون عامة أنه يوجد محل يسمى البراق عند باب المسجد الأقصى المدعو باب المغاربة ويجاوره مسجد البراق ملاصقاً الجدار الغربي للحرم القدسي.
كما أن هذا الحائط هو أحد جدران المسجد الأقصى الذي يمثل أولى القبلتين وثالث أقدس المساجد عند المسلمين بعد المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة.
مكانته عند اليهود
يعتبر اليهود الحائط الأثر الأخير الباقي من هيكل سيدنا سليمان، في رأي أغلبية الحاخامين اليهود يكون الدخول إلى الحرم القدسي محظورا على اليهود منذ خراب الهيكل، فلذلك الحائط هو أقرب نقطة من مكان الهيكل التي يمكن لليهود الصلاة فيها حسب الشريعة اليهودية العصرية.
وأطلق عليه العرب المقدسيون اسم "حائط المبكى" نسبة إلى الطقوس التي كان اليهود يؤدونها قبالة الحائط حدادًا على خراب هيكل سليمان، وعلى ما يبدو من تقارير المسافرين اليهود والقرائين، أصبح الحائط مصلى يهوديا مشهورا في بداية القرن السادس عشر، وتعاظمت أهميته في نظر اليهود في القرن التاسع عشر حتى أصبح أهم المعالم اليهودية الدينية في رأي أكثريتهم، في نظر بعض اليهود خاصة الإسرائيليين منهم يعتبر الحائط رمزًا يهوديًا وطنيًا أيضًا.
قبل القرن السادس عشر، كان اليهود يؤدون صلواتهم وطقوس الحداد على خراب هيكل النبي سليمان في أماكن مختلفة حول الحرم القدسي، أول ذكر لذلك يرد في تقرير لحاج مسيحي من مدينة بوردو زار القدس سنة 333 م، يقول المسافر أن اليهود يحتشدون سنويا أمام حجر قريبة من السور المحد للحرم القدسي ويتفجعون، و في كتاب المسافر اليهودي بنيامين من توديلا الذي زار القدس في نهاية القرن الثاني عشر يذكر مصلىً يهوديًا أمام قبة الصخرة يسمى "الحائط الغربي" أو "باب الرحمة". أما التقرير الأول الذي يشير بوضوح إلى المصلى الذي يسمى لدى اليهود الحائط الغربي فهو من 1488 م بقلم الحاخام عبديا من برتانورا.
مكانته السياسية
منذ الفتح الإسلامي لبيت المقدس، إبان خلافة عمر بن الخطاب، تحولت إدارة الحرم القدسي وما حوله "بما فيها حائط البراق" للمسلمين بما فيها ذلك فترات الاحتلال الصليبي.
وفي أيام الدولة العثمانية، سمحت السلطات العثمانية لليهود المقدسيين أداء بعض الطقوس الدينية قبال الحائط ولكنها حظرتهم من حط المقاعد قبال الحائط أو أية مبادرة أخرى لجعل المكان مصلى يهوديا دائما.
وفي عام 1887 قام أدموند دي روتشيلد، من يهود فرنسا، بمحاولة فاشلة لشراء الحائط وجعله ملكا يهوديا، هذه المحاولة عارضها الحاخامون المقدسيون خشية من هز العلاقات بين اليهود والسلطات الإسلامية.
في تاريخ 12 نوفمبر 1911 قام متولي الأوقاف أبو مدين الغوث بالاحتجاج حين قام أفراد من الطائفة اليهودية، الذين جرت عادتهم بزيارة الحائط وقوفًا، بجلب كراسي للجلوس عليها أثناء الزيارة.
وطلب متولي الأوقاف إيقاف هذه الحالة تجنباً لادعاء اليهود في المستقبل بملكية المكان، وبناءً على ذلك أصدر مجلس إدارة لواء القدس تعليمات تنظم زيارة اليهود للحائط، وتمنع جلب أي مقاعد أو ستائر عند الحائط.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى واعتماداً على وعد بلفور الذي يعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، أخذ اليهود يسعون إلى اكتساب حقوق واسعة لهم في هذا المكان عن طريق تغيير الحالة الراهنة التي كان عليها الحائط قبل الحرب.
وفي يناير 1914 قام الأديب اليهودي دافيد يالين بمبادرة أخرى لشراء الحائط، في رسالة للسفير الأمريكي لدى إسطنبول قال يالين: "نأمل أن تفعل كل ما بوسعك لتحرير أقدس الأماكن من بين جميع الأماكن المقدسة في المدينة التي كانت من قبل أروع المدن" في هذه الرسالة قدر يالين ثمن الحائط بمليون فرانك فرنسي على الأقل، فشلت هذه المبادرة كما فشلت المحاولة التي سبقتها.
وعندما وضع صك الانتداب على فلسطين الذي صودق عليه من قبل عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 تضمنت مواده الثمانية والعشرون عددًا من المواد المتعلقة بالأماكن المقدسة كان أهمها المادة 14 التي تنص على ما يلي:
"تؤلف الدولة المنتدبة لجنة خاصة لدرس وتحقيق وتقرير الحقوق والادعاءات المتعلقة بالأماكن المقدسة والحقوق والادعاءات المتعلقة بالطوائف الدينية المختلفة في فلسطين وتعرض طريقة اختيار هذه اللجنة وقوامها ووظائفها على مجلس عصبة الأمم لإقرارها ولا تعين اللجنة ولا تقوم بوظائفها دون موافقة المجلس المذكور".
لكن هذه اللجنة لم تعين. وطوال السنوات 22، 23، 25، 26، 28، كانت هناك محاولات يهودية لجلب مقاعد عند الحائط لكنهم في عام 1928 حاولوا استخدام خزانة ومصابيح وحصر وستائر للفصل بين الرجال والنساء، وأرسل مفتي فلسطين رسائل إلى حاكم القدس ينبهه إلى تلك المخالفات، وصدرت التعليمات من الإدارة المنتدبة في أكثر من موقف بمنع اليهود من جلب كراسي أو ستائر إلى الحائط.
وعينت اللجنة سابقة الذكر في عام ،1930 بعد أن أوصت لجنة التحقيق في أسباب انتفاضة البراق عام 1929 بسرعة تعيينها.