صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصورالثقافة، كتاب جديد بعنوان " الإنشاد الديني في جنوب مصر" للروائي أحمد أبو خنيجر، وذلك ضمن سلسلة الدراسات الشعبية التي تصدرها الهيئة.
استلهم المؤلف من التراث الثقافي المصري صورة للجدة في روايته "العمة أخت الرجال"، بحكى بطلتها العمة "فاطمة"، قدم خلالها وعيا بأن الحكاية الشعبية ووظيفتها في المجتمع، ومزج بين الجمع الميداني والوصف الأدبي، في دراسته عن أولياء الله الصالحين: "في رحاب الصحراء.. مدد يا شاذلي"، وهنا يستخدم تقنية التكرار من التقاليد الشفاهية، وميلاد المنشد من بطانة شيخ كبير، وهو دائما ما يدرس عالمه الشعبي بوصفه عملا فنيا، ويكتب أعماله الأدبية بوصفها أرشيفا لتراث أهله وناسه.
يتناول الكتاب أنواع الإنشاد الديني الشعبي في الليالي المرتبطة بالمناسبات الدينية والاحتفالات الشعبية في منطقة جنوب الصعيد، وذلك أن كل منطقة صاغت إنشادها الديني وطرق أدائه المختلفة، حسب موروثها الثقافي ومحدداتها الاجتماعية، ورؤيتها للذات والعالم من حولها، وهو ما ينعكس واضحا في تجلياتها الفنية المختلفة، خاصة في فنون الغناء والقول، وطرق الأداء.
كما ينقسم الإنشاد الديني الشعبي إلى ثلاثة أقسام: الموالدية، الذكر، ومديح البردة، التي تختلف في طرق الأداء وإعداد المكان: سأمر الفرح، وهناك مسميات أخرى لهذه الأنواع الثلاثة، فالموالدية مثلا يطلق عليهم أصحاب الدكة، أو من يولدون المولد، والتوليد: هو ذكر قصة المولد النبوي الشريف، وهذا ما يتم في ختام الليلة، أي هي الطبقة الأخيرة من الغناء التي يقوم فيها الشيخ وبطانته.
أما أهل الذكر فهم أصحاب الحصير أو الحضرة، والحصير هنا هو ما يتم فرشه على الأرض التي سيقف عليها الذاكرون، يؤدون طقوس الذكر أو الحضرة النبوية الشريفة، أما بالنسبة لمديح البردة فيمكن إضافته لأصحاب الدكة، حتى وإن كان الشيخ المؤدي يجلس بمفرده على الدكة منشدا بردة البوصيري مشطرة، وتستهل كل هذه الأنواع بتلاوة القرآن الكريم.