مفاجآت متعددة ومتنوعة نتعرض لها في رحلة الحياة منها العسير ومنها اليسير ولكن لكل مفاجأة طابعها الخاص .
فهناك مفاجأة سارة نسعد بها ومن كثرة السعادة من الممكن أن نبكي من شدة الفرح وهناك مفاجأة مؤلمة تجعلنا نبكي من شدة الألم أبهرتني الحياة بكل المعطيات فقد تعودت المفاجأة وفي كل لحظة أنتظر المزيد منها ولكن بدعوة قلب يا رب اجعله خير دائمًا، وكفى ألما وتجارب صعبة وكفى حزنا وذكريات مؤلمة نحيا بها طول العمر ولا تنسى أبدًا من الذاكرة، بعكس أوقات الفرح والسعادة فمنها الكثير والكثير يمحى من الذاكرة ولا نتذكر ألا القليل بالفعل.
ونتذكر الفرح فقط عندما يكون قد جاء بعد عناء وشقاء أو بعد تجربة مريرة أو قد تكون المفاجأة بالفعل غير متوقعة الحدوث أبدًا، هنا فقط تثبت بالذاكرة كإحدى المفاجآت السارة القليلة بالعمر ذات البصمة المميزة في رحلة الحياة.
وكم من مرات نتمنى أن تدوم لحظات السعادة ونستمر بها العمر كله بهذه اللحظات دون غيرها وتتعلق النفس والروح بها وبمنْ كان السبب لتلك السعادة دون أن ندري أو نتوقع التغيير، نطلب من الزمن أن يتوقف هنا عند تلك الساعة حيث أننا لا نجد في الحياة أجمل أو أسعد من تلك اللحظات ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتزول تلك النعم بشكل أو آخر، وبفعل فاعل أو صدفة، بإرادتنا أو بعكس إرادتنا وهنا نفتقد لحظات العمر ببصمة السعادة الخالدة وتبقى الذكريات عالقة بالذهن خصوصًا لو كانت سعادة بشكل وطابع خاص (مثل) سعادة الأم بخبر الحمل وخصوصًا لو جاء ذلك الخبر بعد سنوات انتظار .
أو خبر نجاح الابن بالشهادة النهائية والتخرج في الجامعة وهنا فقط تتنهد وتقول أخيرًا ..الحمد الله، وهناك أمثلة كثيرة نستطيع أن نقول أنها لحظات سعادة حقيقية لم ولن تتكرر ألا نادرًا، وعندما تتحول سعادتنا بشكل أو أخر إلى حزن.. كمثل وفاة المولود المنتظر بفارغ الصبر، كم من ألم يحدث إثر هذه التجربة المؤلمة جدًا جدًا ونقول في تلك اللحظة "إن في ذلك حكم" و"قدر الله وما شاء فعل ".
ولكن هنا فقط تتوقف الأذهان وتثبت العقول على فكر واحد وسؤال ليس له إجابة وهو لماذا يا رب؟.. وغالبا لا يوجد جواب ولكن تأتي هنا لحظة التعزية وإنما ليست من البشر ولكن يضع الرب الصبر في الصدور وإلا فقد الإنسان عقله أو إيمانه بسبب تلك التجربة القاسية، كم وكم من تلك التجارب التي ليس لنا فيها أدنى سبب، وكم وكم الصدام بالحياة وبالواقع المرير.
وكم وكم من انتظار تعديل مسار لهذا الوضع المؤلم أو تعديل الموقف ممن تسبب بتلك الأزمة، ولعل بعد فك الأزمة أن يكون هناك نوع من أنواع السعادة لتعويض ما حدث بالفعل لمحاولة نسيان الألم الواقع من تلك الأزمة، وهنا فقط نعرف معنى الحياة وندرك قيمة معطيات الله لنا من سعادة وطول بال، لا ندركها إلا بفقدان تلك المعطيات.
وهنا فقط نبدأ في تقديم الشكر الواجب للرب على ما نحن عليه، فهناك العديد من البشر لا يدرك النعم ألا بعد زوالها وبعد وجود النقم بالفعل، هنا فقط نبدأ رحلة البحث وترتيب الأوراق من حيث أسباب السعادة ومحاولة البقاء و أسباب التعاسة والفشل ومحاولة الهروب من رحلة الألم .
هل يوجد هناك منْ يتمتع بالألم دون أن يطلب من الرب تغيير وتصحيح مسار الحياة و خطة العمل بحسب حكمة الله ولا ندري انه كله للخير "ولو عرف السبب بطل العجب".
كيف نعرف أسباب كلا من الفرح والحزن؟
كيف نعرف أشكال السعادة دون اجتياز الألم والحزن؟
كيف وكيف وكيف ؟؟؟؟
أسئلة كثير لو عرفنا إجابتها ننطلق نحو عنان الفضاء وندعي ونقول ...."خلاص عرفنا مقاصد الله عز وجل" ، ولكن في الواقع هذا لن يتحقق ولا يمكن معرفة مقاصد الله، ولو كل إنسان عرف سبب الحزن أو مصدر السعادة الدائم فيصبح من السهل اختيار الطريق السهل الذي يؤدي إلى النجاح والسعادة، حيث أنه يوجد بعض عناصر من البشر التي تدعي وتقول "كله محصل بعضه"، ولكن بالطبع السعادة لها منظور خاص بمعطيات مختلفة تماما عن الحزن والكآبة.. الخ .
ولكن عامل الرضا هنا هو بمثابة "حجز الزاوية" حيثما ينعم علينا ب السعادة حتى من داخل الألم والحزن ويحول المر إلى حلو.
الرضا..... بالمكتوب والمقسوم،
الرضا ... مع الشكر لله على كل حال،
الرضا.... عن قناعة كاملة إن كل إنسان حاصل على ٢٤ ضلعا كاملاً والله عادل في توزيع مقدرات الحياة بحكمته على كل البشر بالتساوي مع اختلاف النوع والشكل والطريقة والأسلوب،
الرضا .....مع السعي بالجهد والاجتهاد، لتحويل كل حزن إلى فرح بطلب مساعدة من الله صانع الخيرات،
الرضا..... مع الذكاء في التعامل حيث إننا نجلب الحزن والألم بايدينا بسبب عدم الوعى والإدراك أحيانا .
أو بسبب التهاون والكسل أحيانا أخرى .
أو بسبب اللامبالاة التى تتسبب في كوارث كثيرة .
الرضا.... عن ما وقع من أحداث وتسجيل عواقب كل موقف بالذاكرة لتجنب تكرار الألم .
الرضا.... مفتاح الفرج والراحة النفسية حتى لو في قمة الحزن والألم .
الرضا .... أحد مصادر السعادة دون أن ندري ذلك .
أبهرتني الحياة بكل تلك المتناقضات واستقبال البشر لها ولكل واحد رد فعل مختلف عن الآخر في استقبال مفاجآت الحياة.
أبهرتني الحياة بتقلباتها المختلفة بين السعادة والحزن وبين الهناء والشقاء بحسب أيضا رضا كل شخص وقوة إيمانه بالله .
أبهرتني الحياة بمعطياتها في الوقت المناسب وغير المناسب... وأقول: "سبحان الله".
أبهرتني الحياة وتعلمت منها أن لكل شيء سبب سواء نعلمه أو لا نعلمه في الوقت الحاضر ولكن اليقين سنعرفه فيما بعد بحسب ما يسمح به الله لنا من فهم و إدراك لمقاصد الله المخفية أو المعلنة في الوقت المناسب .
أبهرتني الحياة عندما أيقنت أن الرضا مفتاح السعادة، وأن لكل شيء تحت السموات وقت أي كل شيء يحدث في وقته بالتمام.