الأربعاء 29 مايو 2024

فى 45 دقيقة منير .. يحرض على الحب

23-5-2017 | 22:01

كتبت : نيفين الزهيري - عدسة : عبدالحافظ حمدى

أبلغ عزيزاً فى ثنايا القلب منزله .. أنى وإن كنت لا ألقاه ألقاه .. وإن طرفى موصول برؤيته .. وإن تباعد عن سكناي سكناه .. يا ليته يعلم أنى لست أذكره .. وكيف أذكره إذ لست أنساه .. يا من توهم أنى لست أذكره .. والله يعلم أنى لست أنساه .. إن غاب عنى فالروح مسكنه .. من يسكن الروح كيف القلب ينساه » كانت هذه الكلمات التي قالها اعظم شعراء العرب أبو الطيب المتنبي منذ أكثر من خمسة قرون من الزمان، ولكنها تمكنت من وصف حالة العشق المتبادلة بين الكينج محمد منير وجمهوره، والأقرب إلي العاشق والمعشوق، منذ بدايته وحتي الآن، فعلي مدار أكثر من 25 عاما، داعب منير عقولهم وقلوبهم، ومهما غاب عنهم يعود إليهم ليجدد حالة الاشتياق والتعطش للمشاعر التي ينشرها في قلوبهم ليجدد نشاطها مرة أخري.

فلقد قدم منير تاريخاً طويلاً من الحكايات التي يرويها من خلال صوته وموسيقاه، والتي تحمل بين طياتها ملايين من المشاعر والأحاسيس مابين الحب والكره والألم والفرح، وغيرها من المشاعر التي علمها بأغانيه وموسيقاه لأجيال كاملة، فسكن روحهم وأصبح كالدم الذي يجري في الوريد، ينتظرون منه الجديد بلهفة وشوق المحبين، لهذا اختار منير اسم البومه الاخير «الروح للروح دايما بتحن » فهو حالة خاصة من المناجاة بين روح منير وارواح جمهوره التي تحن دائما له، فألبومه بمثابة تحريض علي نشر الحب في المجتمع الذي أصبحت فيه المادة والمصلحة هي الأساس في كل تفاصيله وعلاقاته

وليؤكد منير أنه مازال هناك العديد من الأرواح التي تتقابل وهي تحمل حنيناً لبعضها، وحالة من الشوق للقاء، وأن الطيبة والحب مازالت في القلوب ولكن بحاجة لمن ينفض عنها الراب ليشعر الناس بالحب الحقيقي، خاصة ذلك الحب الذي يعلن عنه منير بقوة في ألبومه الأخير الذي يصل إلي درجة كبيرة من الشفافية والروحانية في التلاقي مع محبيه في كل مكان.

كتيبة الحب

فخلال مايقرب من 45 دقيقة قدم الكينج مع كتيبة تضم المئات من الأشخاص ولكن علي رأسهم 15 مؤلفاً وملحناً وموزعاً كانوا قائدي الفريق الذي قدم هذه الحالة من التحريض علي أن يعود الحب بكل سماته وقسماته إلي قلوب محبي منير بعذوبة الكلمات والألحان التي تداعب أوتار المشاعر وتجعلك تستمع إلي كل أغنية منهم لعشرات المرات يوميا، بالرغم من أن الألبوم لم يصدر حتي الآن في الأسواق إلا أنه حقق نسب استماع ضخمة علي مواقع التواصل الاجتماعي فهو أول ألبوم يصدر بشكل كامل ديجيتال من خلال إحدي شبكات المحمول التي شوقت جمهور منير للاستماع إلي الألبوم حيث كانت تصدر كل فترة مجموعة من الأغاني العشر التي ترغم القلب علي أن يعيش حالة من الحب بشكل مستمر لما تلمسه كلمات وموسيقي الألبوم من مشاعر بداخل كل شخص بل وتحيي الأحاسيس التي من الممكن أن تكون تاهت منا وسط الزحام، ليتربع منير علي القلوب كعادته.

اللي غايب

حاول منير ان يستحضر روح الفنانة فايزة أحمد كما كان يفعل في العديد من ألبوماته بتقديم اغنية من أغاني مطربي الزمن الجميل ولكن علي طريقته التي يعشقها جمهوره، وذلك من خلال أغنية «اللي غايب لقيتك فين » والتي كانت بمثابة إعلان عن روعة الألبوم الجديد حيث طرحها في الإذاعات منذ فبراير الماضي ليعلن عن عودته لسوق الكاسيت بعد غياب 5 سنوات عن إصدار أغنيات جديدة منذ ألبوم «يا أهل العرب والطرب »، في عام 2012 ، حيث أعاد منير تقديم أغنية الراحلة فايزة أحمد «لقيتك فين ،» وهي من ألحان الموسيقار الكبير محمد سلطان، وكلمات الشاعر الكبير عمر بطيشة، وكان منير قد عقد عدة جلسات جمعته مع محمد منير ومحمد سلطان، تم خلالها شرح الرؤية الفنية التي يود منير أن يخرج بها العمل، والتي لاقت استحسان الملحن الكبير محمد سلطان. وتم تنفيذ العمل الجديد في مدينة «كولون » في ألمانيا بالتعاون مع فريق Cairo Steps والموزع الموسيقي سباستيان مولر، وعازف العود المصري باسم درويش، حيث اختار منير في رؤيته لهذه الأغنية من بين 45 شطرا، عدداً معيناً من الأبيات التي غناها وكأنه يريد من خلالها أن يجعل الناس جميعا تعيش حالة من الحب باستمرار فهي بمثابة إسقاط على الحالة المجتمعية التى أصبحنا نعيش فيها فكانت الأبيات التي اختارها وغناها خلال 3 دقائق و 24 ثانية هي )اللى غايب هاته تانى.. واللى خاصم صالحه تاني.. عاللى فايته من سنين.. اللى حيران طمنه.. واللى قاسى حننه.. واللى غيران هدى قلبه بكلمتين.. يبقوا كل الناس حبايب.. والهوى فى الدنيا دايب.. واعشقوا يا مشتاقين( وهي بمثابة تحريض علي نشر الحب في المجتمع بالكامل ومحاولة لإيجاد حلول لاحتواء مشاكل الحياة بالحب، بأن يحتضن الناس بعضهم ويجدون حلولا بسيطة للمشاكل التي يمكن حلها بأمور سهلة متواجدة، واستخدم معها موسيقي مابين الشجن وكأنه يقول له ملخص حكمته في الحياة، ثم قام بتغيير الموسيقي لينشر حالة من البهجة بين قلوب الناس.

عايش

«قلبي البرئ من كل ذنب علمته خير علمني حب .. يا دنيا ما بدالك ماشفتك غير جمالك عايش بداوي سنين فى همومي وبفرح يوم » بهذه الكلمات التي كتبها نصر الدين ناجي والتي لحنها ووزعها احمد فرحات، رصد منير الحالة التي يعيش فيها الإنسان في الحياة في أي مكان علي الأرض، حيث أعلن منير عن مدي رتابة الحياة وما نواجهه بداخلها من أحزان وأوجاع وكيف نحاول أن نبحث عن الابتسامة وسطها وأننا مازلنا نحلم ونري مدي روعة وجمال الحياة في لحظات معينة بسبب الحب الذي زرع في قلوبنا منذ الصغر، حتي أن اللحن استخدم فيه الكمان ليعبر عن الحالة المتغيرة للإنسان في الحياة بالرغم من ان هناك موسيقي ثابتة في الخلفية ولكن يتغير عليها عزف الكمان ليؤكد منير أن لايمكن للجروح التي نواجهها في الحياة أن تقتلنا بل تساعدنا علي مواجهة صعاب الحياة بشكل أقوي التي تجعل الحزن رفيقا لنا ولكننا من يفتح طاقة النور للفرح، وكل من سيستمع لهذه الأغنية سيجد أنها تعبر عن حياته أو حالته، خاصة وأن منير طلب شهادة الأيام علي قلوبنا التي تسامح كل من علي يقين بأن جروح الدنيا زائلة، وعلي من خان العهد والليالي الجميلة.

حب وحب

فكان التحريض علي الحب  واضحا في أغنية «حب وحب » والتي كانت تحمل اسم «آخر حدود الحلم » قبل أن يختارها ليضمها إلي البومه الجديد، وخلال مايقرب من 3 دقائق كررت فيها الشاعرة كوثر مصطفي أمر ال حب  أكثر من مرة في هذه الأغنية، ولتجعل منير وكأنه يأمر كل من يسمعه بأن يقع في الحب، لذلك استخدم الملحن والموزع محمد رحيم في هذه الأغنية موسيقي أقرب إلي المارشات العسكرية وكأنه واجب قومي أن يعيش الإنسان بالحب ليس بأي شئ آخر، فقال «حب وحب وحب عيش الحياة بالحب، رب الوجود في سماه بيحبنا بنحب » مشيرا أن الله خلق الناس لتحب بعضها مثلما يحبنا، وأكد أيضا أن القوة ليس فقط بالإحساس بالحب، ولكن في أن يعيش هذا الحب داخل الروح، ويتمكن من الإنسان فيصبح منهجا لحياته بعيدا عن الكره، لأن القلوب تصفي بالحب، وهو ما أكده أيضا في كوبليه آخر من الأغنية والذي أشار فيه أن الحب وحده يمكنه أن يظهر القلوب ليملأها بالخير والطيبة ويقوم بغسلها من الذنوب.

خطي خطي

وفي نفس إطار التحريض علي الحب، اختار اغنية «خطي خطي » ولكن هذه المرة مع دفوف النوبة وموسيقي الماندولين وعدد من الوتريات التي تحمل طابعاً خاصاً وقدمها الألماني رومان بونكا، وليأمر منير محبوبته فيما يقرب من 4 دقائق، أن تدخل قلبه وروحه بخطوات ثابتة وبسلام، ليكونا شخصاً واحداً في إحساسهم بالجرح والنبض خاصة وأن مشاعرهم واحدة ولكن لا يمكن لكل منهم أن يبوح بما داخله من مشاعره، وصورت الشاعرة كوثر مصطفي مدي سعادته كمحب عندما يقول لمحبوبته ما يريد وتصدقه علي الفور لتنطق بحقيقة مشاعرها، فيطلب منها منير كمحب وعاشق ان تعرفه جيدا من خلال هذه  الحقيقة وان تحتضنه وتلملمه بداخلها، عاشقا اللحظات التي يلتقيان ويكون الكلام بينهما من القلب فهي أصدق الأوقات بالنسبة له والتي تجعله يعيش فوق الخيال.

لولا الحكومة

استخدم الملحن احمد شعتوت والموزع فادي بدر في بداية أغنية «لولا الحكومة اوتار القانون والعود ليكمل سيمفونية منير في التحريض علي الحب، والتي كتبها الشاعر أحمد مرزوق عن البنات والتي يهتم منير بالغناء عنها في كل مرة وكأنه يغني من خلالها لمحبوبته الأكبر مصر، وهو مايظهر في الجملة التي يغنيها « انا واحد عاشق يا ناس قلبى انا مكبوس اللى جواه مفروس ولا عود ابنوس وكانه يحكي عن حاله لما يحدث في البلد من حوله، ولكنه يعود ليوصف حالات البنات الموجودة حوله واللاتي يعانين في الحب ايضا بكل أنواعه فيتغزل فيهن في عيونهن وخدودهن ولكن تظل احلي الحلوات في عيونه هي مصر، ليقول « اللى لو تمشي بدلال على الارض تدوس الشمس تنزل ماكان خطوتها تبوس »، ولكنه يظل بالرغم من حالة المرح التي يغني بها انه لاينام مرتاحاً لما يحدث في الحياة التي يريدها أن تغمر بالحب في كل مكان من حوله.

مع إن

بالرغم من أن هذه الأغنية تحتوي علي العنوان الذي اختاره منير للالبوم وهو «الروح للروح دايما بتحن »، إلا أنه اختار للاغنية عنوان «مع إن » التي كتبها الشاعر صري رياض، ولحنها محمد رحيم وتوزيع أحمد شعتوت، وكانت واحدة من أغاني مسلسل المغني، استخدم محمد رحيم الجيتار لينشر حالة من العذوبة في الأغنية ليؤكد دائما أنه في حالة عشق وحب مستمر بالرغم من ابتعاد محبوبته عنه، كما استعان بصوت الناي ليؤكد علي حالة الجرح الدفين في قلب منير وأنه بالرغم من الافراح ولكن الحزن دائما يكون موجوداً في ابتعاده عن حبيبته، لذلك تحن روحه إلي روحها باستمرار، ليظل يتذكرها طوال الليل في وحدته وان كان لاينساها دائما، وفي النهاية تحمل هذه الأغنية حالة من الخصوصية في الألبوم بالكامل لأنها تحرض علي الحب بشكل مختلف وهو ألا ننسي من نحب وسط ماتحدثه بنا الأيام، ونحاول ان نهتم بهم لأن كل شئ حولنا لابد وأن يحدث كما هو وهو ما أكده الشاعر صبري رياض عندما قال «مع إن الشمس هتيجي الصبح » وهي حقيقة ليؤكد بعدها أن الحزن يأتي من قلب الفرح، وفي النهاية بأن الروح للروح دائما تحن.

مش لايق عليا

تحريض من نوع آخر للحب قدمه منير من خلال أغنية «مش لايق عليا » التي كتبها الشاعر أحمد مرزوق، ففي هذه الأغنية يؤكد أنه يبحث عن الحب الذي أصبح غير موجود في الواقع بسبب جمود تفاصيل الحياة حيث قال «أنا رافع رايات عشقي بدور ع إللي مش ملقي » فهو يبحث عن الحب بمعانيه المفتقدة بحياتنا والذي كنا نحارب به الكذب في حياتنا، وبالرغم من رفضه لما يحدث في الواقع من حوله إلا أنه يظل الغناء صاحبه وان مهما عيونه بكت مما يحدث من حوله ولكن الأمل يلاحقه لأنه يؤمن به دوما، خاصة وأن الألم الذي يشعر به مختلف تماما، ليؤكد «قلبي في قصة الإحساس وأنا عارف أنه البطل » خاصة وأنه يري الأمور بشكل مختلف عمن حوله بقلبه وإحساسه المرهف الذي يحاول دائما أن يصل إلي جمهوره بالرغم من إحساسه بأنه مسجون في الجراح التي يشعر بها من عيون من حوله بالرغم من أن العالم براح من أمامه، وهو ما جعل الملحن محمد رحيم يستخدم البيانو في بادئ الأغنية ليتضافر مع صوت الجيتار ليقدما حالة من الشجن القوية، ليدخل صوت الكينج فتشعر بالألم فيه لما يراه من حوله من أمور يصعب عليه أن تظل كما هي.

أغان أخري

اهتم منير في البومه بوجود اغنية من الفلكلور الذي يعشق الجميع أن يسمعه منه لما يبثه من حالة من المرح في القلوب وذلك من خلال أغنية «الليلة بايت عندنا » والتي قام بتوزيعها توما، وهي إحدي أغاني الفلكلور الاسواني الصعيدي والتي يتم غناها في الحنة والأفراح للبهجة التي تلمؤها وايضا الإثارة كما أنها تتناول كل أفراد العائلة بشكل كوميدي لطيف. كما قدم أيضا منير أغنية مختلفة في الالبوم عن الشهيد تحمل نفس الاسم وهي من كلمات نصر الدين ناجي وألحان وتوزيع احمد فرحات، والتي يؤكد من خلالها تحريضه أيضا علي نشر الحب بأن الشهيد الذي قضي سنين عمره والصحة رأسماله بأن ضحكته مازالت موجودة في القلوب بالرغم من غيابه عن حياتنا، في ضحكة عن طفل بيفرح، وأن ملامحه موجودة في وجوه أخواته صبر وحلم وشوق وكفاح، وأن الشهيد يجب ألا نحزن عليه لأنه لايوجد مجال للحزن فأولادنا من الشهداء سيظلون في قلوبنا صورة بتضحك بالألوان، حيث قدم منير صورة حية ومغايرة من خلال كلمات نصر الدين عن كيفية تعاملنا مع شهدائنا ويجب أن يكون حبنا لهم حافزاً علي أن نغير من واقع حياتنا.

المغني

اختار منير «المغني » لتكون آخر أغاني الألبوم وكأنه يتحدث عن نفسه وما الذي يشعر به ومايريد أن يقدمه لجمهوره الذي يبادله العشق طوال سنوات حياته، والتي أجاد سردها الشاعر بهاء الدين محمد بكلماته وقدم لها الموسيقار محمد رحيم رؤية موسيقية جمع فيها مجموعة من أشهر ألحان أغاني الكينج وقام بتوزيعها أحمد شعتوت والتي بدأها جمعها مع أصوات الناي والأكورديون والعود، والقانون في مزج يداعب القلوب تجعلك تريد أن تسمعها مرارا وتكرارا، ليقدم منير نفسه قائلا «أنا المغني اللي عود صوته علي قول الحقيقة .. اللي بيلخص سنينه في كام دقيقة » ليؤكد أن صوته كان دائما بديلاً لصوت العاشقين الذين يبحثون عن حكايتهم بين أغانيه سواء كانت بالفرح او الرومانسية أو الألم أو حتي الشجن، مؤكدا أن آهاته كانت طبطبة علي المجروحين، وأن كل أغنية قدمها تعبر عما قلبه من مشاعر يحاول دائما أن يبثها في عقول وقلوب جمهوره علي مدار سنوات طويلة.