الثلاثاء 1 اكتوبر 2024

يحدث فى الإسكندرية: رسالة إلى الرئيس

24-5-2017 | 13:58

فخامة السيد الرئيس

 تحية واحتراما ...........وبعد

أتفهم تماما مشاغلكم التى تستهدف استعادة الدولة وتثبيت أركانها فى وقت يتسم بالتغير السريع والعميق فى مواجهة الهجمة الإرهابية الشرسة التى تتعرض لها مصر والمنطقة العربية وتقوم بها قوى من الداخل والخارج بهدف تغيير هويتنا العربية، إلا أن الإرهاب لا يستمر فى شكل واحد أو صورة واحدة، فأمام فشله على المستوى القومى، وعلى المستوى المحلى، فقد اتخذ مؤخراً أشكالا جديدة فى تقديرى المتواضع، هو شكل الرأسمالية الجشعة التى تستهدف تغيير هوية مصر من الداخل من خلال الاستيلاء على أراضى مصر وتحويلها إلى منتجعات سكنية لكبار رجال الأعمال والأثرياء لحرمانها من زراعتها وتحقيق دخل قومى منها، والاستيلاء على قصور مصر وفيلاتها التاريخية ومواقعها الثقافية التى تعكس مختلف المراحل التاريخية التى مرت بها مصر ومن ثم تشكل هوية مدن معينة فى مصر. 

 فى هذا الإطار تعرضت الإسكندرية عروس البحر المتوسط وواحدة من أجمل مدنه على الإطلاق لهجمة شرسة من الأثرياء الجدد الذين لا يستهدفون سوى الربح السريع ولا يهمهم لا هوية مصر ولا تاريخها؛ لأنهم لا يفهمون أبعاد هذا التاريخ وأهمية هذه الهوية، فقاموا بالاستيلاء على الفيلات والقصور التاريخية بالمدينة التى كانت جميلة تارة بالإغراء المالى بدفع أثمان باهظة لها، وتارة باستصدار أحكام قضائية تفوح منها رائحة الفساد، وفقا لما سمعت من بعض أهالى المدينة مؤخراً، وعلى مشهد ومسمع من شباب الإسكندرية، وقاموا بهدم كل ما وضعوا أياديهم عليه من مواقع، حتى حديقة الخالدين التى كانت تعد متحفا ثقافيا مفتوحا لأبناء الثغر، وقاموا بهدمها لإقامة عمارات شاهقة تباع بأضعاف مضاعفة لم يسبق لهم دفعه ثمنا لهذه الأراضى.  

فخامة السيد الرئيس

إن القضية ليست قضية مبانٍ تباع وتهدم، ليست قضية بناء يهدم وآخر يقام، وليست قضية تحقيق أرباح ولكنها قضية تغيير هوية مصر من الداخل وهى أحد أبعاد الأمن القومى المصرى فى عصر المعلومات الذى يتسم بالعمق وانتشار السلطة، وهى سمة استفاد منها الإرهاب والجماعات الإجرامية المساندة له ولم تستفِد منها الدولة، وهو ما استدعى تدخلكم بصورة مباشرة لاستعادة أراضى الدولة، للمخاطر المترتبة على عملية الاستيلاء عليها. 

ولأهالى الإسكندرية الذين التقيت بهم فى زيارة سريعة للإسكندرية رجاء لدى فخامتكم هو أن تمتد حملة استعادة الدولة لأراضيها التى وضع يده عليها بعض الرأسماليين الجدد إلى استعادة هوية الإسكندرية التى علمت العالم كيفية التعامل مع الآخر، وكيفية التعايش معه عبر مختلف عصور التاريخ، فأكدت سمات الإسكندرية أنها صورة مصغرة من مصر فقد عاش فيها الرومان وجالية إيطالية ضخمة، كما عاش فيها اليونانيون وجالية ضخمة يونانية إلى جانب أهل الإسكندرية المصريين فكانت الإسكندرية أساسا حيّا للتعايش مع الآخر، وهى حالة ثقافية أحوج ما نكون إليها فى هذه المرحلة التاريخية .

فخامة الرئيس 

وفقكم الله متمنيا لكم النجاح والتوفيق أملا أن يلقى نداء أهالى الإسكندرية صدى لدى سيادتكم؛ حتى تعيدوا الثغر الجميل ليس إلى أهله، وإنما إلى مصر التى نعرفها، وخضنا من أجلها حربا شرسة عام ١٩٧٣ لاستعادة جزء مغتصب من الوطن بالاحتلال، وذلك قبيل أن يتم تغيير هوية المدينة فينجحون بالمال والمعلومات فيما فشلوا فى تحقيقه بالسلاح والقوة. 

وتفضلوا مع وافر الاحترام

د. عزمى خليفة

مواطن مصرى ليس سكندريا، وسفير بالمعاش بوزارة الخارجية

    الاكثر قراءة