الإثنين 3 يونيو 2024

الرئيس ومعركة الأسعار

24-5-2017 | 15:08

بقلم: د. حسيـــن عيســـى

إذا تحدثنا عن إنجازات الثلاث سنوات الأولى من فترة حكم الرئيس السيسى، فسوف نشهد إنجازات عديدة فى المجالات الأمنية والسياسية والاجتماعية والتنموية ويأتى فوق ذلك تحقيق نجاحات مدوية فى مواجهة إرهاب أسود مجرم وكذلك فى تثبيت أركان الدولة ودعم استقرارها.

كما شهدت هذه الفترة انطلاق عدد ضخم غير مسبوق من مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مثل قناة السويس الجديدة، والطرق، والكبارى، والأنفاق، والمدن الجديدة الحدودية، وكذلك مشروعات استصلاح مليون ونصف المليون فدان، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومع انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى سبتمبر ٢٠١٦ وما صاحبه من قرارات تعويم الجنيه فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦ وتحسن الأداء المالى والاقتصادى خلال الفترة من يوليو ٢٠١٦ وحتى أبريل ٢٠١٧ .... مع كل هذا حدثت موجات متلاحقة من ارتفاعات الأسعار لتشمل معظم أنواع السلع والخدمات وكان أحد أسباب ذلك قرارات تعويم الجنيه، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالتالى ارتفاع أسعار البيع هذا بالإضافة إلى سبب آخر شديد الأهمية وهو جشع التجار والوسطاء فى مجال السلع والخدمات والرغبة المحمومة فى رفع معدلات هوامش الربح فى مختلف حلقات التوزيع، مما أدى إلى هبوط مستوى معيشة شرائح واسعة من أفراد الشعب وارتفاع تكلفة شراء معظم السلع والخدمات.

هذه الهجمة الشرسة التى أصابت معظم فئات الشعب فى معركة ارتفاع الأسعار تشكل التحدى الحقيقى للرئيس السيسى فى الفترة المتبقية لمدة الرئاسة الأولى وقد أشار الرئيس إلى ذلك صراحة فى حديثه الأخير للصحف القومية، وصرح أيضاً بأن الفترة القادمة سوف تشهد مواجهات حقيقية لتخفيض أسعار السلع والخدمات تخفيفاً لأعباء مرحلة الإصلاح الاقتصادى والتى يعانى منها غالبية متوسطى ومحدودى الدخل، وفى هذا المجال أتقدم بالاقتراحات التالية:

تشكيل خلية إدارة أزمة مكونة من مسئولى وزارات التموين والمالية والصناعة والتجارة والتضامن الاجتماعى والزراعة ويتبع هذه الخلية مجموعات من فرق العمل تقوم بدراسة مكونات تكلفة السلع والخدمات الأساسية وتحديد حلقات التوزيع وهوامش الأرباح لكل حلقة حتى يمكن أن تقدم اقتراحات علمية مدروسة فى مجال خفض تكلفة الإنتاج وتقليص عدد حلقات التوزيع مع مراجعة هوامش الأرباح لكل حلقة مما يؤدى إلى خفض سعر بيع المنتج النهائى للمستهلك.

قيام فريق عمل من متخصصى علوم التغذية فى تحديد المكونات الأساسية للوجبات الصحية لأفراد الشعب والذى يشكل الحد الأدنى لمتطلبات الصحة الجيدة، وعلينا أن نلتزم ونعمل معا على تقديم هذه الوجبات بأسعار مخفضة تناسب مستويات دخول أغلبية المواطنين.

هناك تخوف من تدهور مستوى تقديم العديد من الخدمات بسبب انخفاض إيرادات بيع الخدمة عن تكلفة تقديمها مما يؤدى إلى حتمية إقرار مبدأ تحمل المستفيد لجزء من تكلفة انتاج الخدمة حسب مستوى دخل هذا المستفيد، مع الاعتراف بوجود فئات مدعومة بشكل كامل وفئات أخرى تتحمل ١٠٠٪ من التكلفة وفئات ثالثة تتحمل ما هو أكثر من التكلفة مما يسمح بتحقيق فائض يمكن استخدمه فى تغطية تكاليف دعم الفئات الأولى بالرعاية.

دراسة مشاكل المصانع المتوقفة سواء كانت فنية أو مالية أو تسويقية، مما يؤدى إلى اتخاذ قرارات تحمل حلولا لهذه المصانع بحيث تعاود الإنتاج فيحدث زيادة فى المعروض من السلع والخدمات مما يؤدى إلى انخفاض معدلات التضخم ومعدلات الأسعار بشكل نسبى.

دراسة مشاكل القطاع الزراعى وما أكثرها بحيث يتضاعف الإنتاج الزراعى خلال فترة زمنية محددة مما يؤدى إلى زيادة العرض وخفض الأسعار.

إعادة النظر فى مقومات الدعم السلعى ومكونات بطاقات التموين بحيث تشمل معظم أنواع السلع الأساسية ولكن للفئات التى تستحق الدعم فعلاً.

هناك العديد من الأفكار والمقترحات التى تساهم فى مواجهة معركة الأسعار، ومن المؤكد أن الارتفاع غير المبرر لأسعار السلع والخدمات يشكل تحدياً كبيراً أمام الرئيس السيسى خلال الفترة القادمة والتى تتطلب تكاتف جميع فئات المجتمع لمواجهة هذه المعركة وذلك من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدنى واتحاد الصناعات والغرف التجارية بحيث يقوم التجار ببيع السلع بكميات محددة بأسعار مخفضة لفئات من المجتمع تثبت استحقاقها لذلك من واقع مستندات معينة وذلك مقابل قيام هؤلاء التجار ببيع نفس السلع لفئات أخرى بأسعار تنافسية عادية مع مراعاة حقيقة اقتصادية مهمة أن استمرار معدلات التضخم على هذا الشكل قد يؤدى إلى انهيار صناعات معينة بسبب عدم القدرة على شراء المواد الخام مرتفعة الثمن وكذلك عدم القدرة على البيع بأسعار مرتفعة لفئات محدودة من المستهلكين.

ومن الممكن لعدد من اللجان النوعية لمجلس النواب أن يعدوا جلسات استماع عامة لإتاحة الفرصة لكل من له أفكار ومقترحات غير تقليدية من خارج الصندوق بأن يعرضها ويناقشها مع السادة النواب وكذلك مع مسئولى الحكومة.

قضية أو لنقُل معركة الأسعار تشكل تحدياً كبيراً، ولى يقين أن الرئيس بالتعاون مع كافة ممثلى الشعب قادرون على مواجهة ذلك التحدى من خلال طرح أفكار جديدة ودراستها وتحليلها وتحويلها إلى سياسات وإجراءات فعلية على أرض الواقع فخفض الأسعار خلال الفترة القادمة يشكل أهم دليل على أننا نحنو فعلاً على هذا الشعب الصابر العظيم.