أعلنت السلطات الليبية الإفراج عن الساعدي القذافي، أحد أبناء الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الذي كان مسجونا في العاصمة طرابلس منذ العام 2014، وعن مساعدين آخرين للديكتاتور الراحل، في إجراء يبدو وكأنه يشكل جزءا من مصالحة وطنية يسعى اليها الحكام الحاليون في بلد يشهد انقسامات وفوضى منذ أكثر من عشر سنوات.
وأكد المجلس الرئاسي الليبي في بيان صحافي، إطلاق "سراح عدد من المعتقلين الذين قضوا مدة عقوبتهم أو الذين لم يحكم عليهم من قبل القضاء، بمن فيهم أحمد رمضان". ولم يذكر أسماء الأشخاص الاخرين الذين تم الإفراج عنهم.
وأضاف البيان أن "المجلس سيواصل هذه المهمة حتى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة ويعمل على التنسيق لإطلاق سراح باقي السجناء".
ويأتي إطلاق سراح القيادي في نظام القذافي، بعد أقل من 24 ساعة على إطلاق سراح الساعدي، النجل الثالث للقذافي.
وكانت الحكومة الليبية أعلنت في بيان صحافي الاثنين أن قرار الإفراج عن الساعدي جاء "تنفيذا لأحكام القضاء النافذة"، مؤكدة أن عائلة الساعدي تسلمته، من دون تقديم مزيد من المعلومات عن وجهته.
وذكرت العديد من وسائل الإعلام المحلية مساء الأحد أن الساعدي القذافي غادر الأراضي الليبية في طائرة متوجهة إلى تركيا.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية التركية لوكالة فرانس برس إنه ليس لديها معلومات عن وصول محتمل للساعدي إلى اسطنبول.
وغرقت ليبيا في حالة من الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، مع وجود سلطتين متنافستين في شرق البلاد وغربها وتدخلات لقوى أجنبية.
ورغم انهاء القتال عام 2020 وتشكيل حكومة وحدة في مارس، عادت الانقسامات إلى الظهور بسرعة في حين من المزمع إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وشغل أحمد رمضان الذي كان يحمل رتبة عقيد أيام حكم القذافي، منصب رئيس الأركان والمخابرات وكان يلقب بـ "الصندوق الأسود" للديكتاتور الليبي.
ونشرت وسائل إعلام محلية صورا تعذر التحقق من صحتها، لوصول رمضان على متن مروحية صباح الإثنين إلى مسقط رأسه في مدينة الأصابعة (120 كلم) جنوب غرب العاصمة طرابلس.
أما الساعدي فهو الابن الثالث للديكتاتور الليبي الذي تولى السلطة بعد انقلاب دموي في 1969.
ومنذ تسليمه في مارس 2014 من قبل النيجر التي فرّ إليها عقب سقوط نظام والده عام 2011، تمت ملاحقة الساعدي بتهمة التورط في القمع الدموي للانتفاضة.
وتتعلق أهم قضية مثل أمام القضاء بشأنها، بمقتل بشير الرياني المدرّب السابق لنادٍ محلي لكرة القدم في طرابلس عام 2005. وكانت محكمة استئناف طرابلس حكمت بـ"براءته" في هذه القضية في أبريل عام 2018.
وعُرف الساعدي الذي كان رئيسا للاتحاد الليبي لكرة القدم، في البداية بمسيرته القصيرة في الدوري الإيطالي, وأصدر الإنتربول مذكرة بتوقيفه وعائلته لدورهم في حملة القمع الدموية لانتفاضة العام 2011.
واستقدم نادي بيروجا الساعدي في 2003 بناء على طلب رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني الذي كانت تربطه علاقات وثيقة مع ليبيا.
لكن مسيرته لم تستمر طويلا، إذ كان مستواه متواضعا وأوقف ثلاثة أشهر بسبب تعاطي منشطات. كما أنه لم يلعب كثيرا وكانت ذروة مسيرته الكروية عندما بقي 15 دقيقة على أرض الملعب خلال مباراة ضد نادي يوفنتوس في العام 2004.
وقبل أيام قليلة من مقتل والده، قال الساعدي أمام وسائل الإعلام إن مذكرة الانتربول "دوافعها سياسية".
ورغم اتهامه بإطلاق النار على المتظاهرين وبجرائم أخرى خلال الانتفاضة، فإن الساعدي ليس ملاحقا من المحكمة الجنائية الدولية، بخلاف شقيقه سيف الإسلام.
وخلال 42 عاما، حكم "قائد الثورة" البلاد التي أطلق عليها مصطلح "الجماهيرية"، بقبضة من حديد لكن دون اتساق كبير في قراراته. واتُّهم باستخدام موارد نفطية من أجل تمويل جماعات متمردة في إفريقيا وأماكن أخرى.
وركّز القذافي سلطته ضمن دائرة عائلية مصغّرة، وقضى على أي مؤسسة سياسية أو عسكرية كانت تشكل منافسة له.
في الوقت نفسه، عاشت عائلته حياة باذخة، فكانت تسافر في طائرات خاصة وتتنقل في سيارات رياضية وعلى متن يخوت كبيرة.
في 11 أكتوبر 2011، هاجم ثوار مدينة سرت، مسقط رأس معمر القذافي، حيث قتل الزعيم وابنه معتصم.
كما قتل ابنه الثاني سيف العرب في قصف لحلف شمال الأطلسي في أبريل 2011 فيما لقي شقيقه خميس حتفه في معركة بعد أربعة أشهر.
ونجا أفراد آخرون من عائلة القذافي، من بينهم زوجته صفية وابنه البكر محمد وابنته عائشة وأبناؤه سيف الإسلام الذي كان مرشحا لخلافته وهانيبال الذي واجه مشكلات عدة مع القضاء والساعدي الذي كان زير نساء.
وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت في يوليو، أكد سيف الإسلام المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أن عائلة القذافي لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، مضيفا أنه أصبح الآن "رجلا حرا" ويخطط لعودة سياسية.