بعد عام على الحريق الذي دمر مخيم موريا للاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية، الذي كان حينذاك الأكبر في أوروبا، تشدد اليونان على تمكنها من تنظيم وصول واستقبال المهاجرين إلى جزرها لكنها تثير انتقادات أيضا.
وفجر التاسع من سبتمبر 2020 دمر حريقان متتاليان مخيم موريا المكتظ والمعروف بظروفه المعيشية البائسة والعنف العرقي.
لم يقتل أحد لكن الحريقين شكلا شرارة نزوح فوضوي لأكثر من 12 ألف طالب لجوء لا مأوى لهم تدفقوا على طرق ليسبوس ما أثار استياء سكان الجزر الغاضبين.
واتهم وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتارخي على الفور "طالبي اللجوء" بإشعال النار.
وذكر شهود عدة أن مشاجرة بدأت عندما رفض نحو مئتي مهاجر وضعهم في حجر صحي بعد أن ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا أو خالطوا شخصا مريضا.
وصدرت أحكام بالسجن على ستة شبان أفغان بتهمة إضرام حريق عمدا، بينهم أربعة لعشر سنوات وقاصران لخمس سنوات.
وما زال مصطفى حسيني (23 عاما) مقتنعا ببراءة شقيقه الأصغر. وقال لوكالة فرانس برس إن مهدي (18 عاما) حصل على حق اللجوء. وأضاف الشاب الذي يعيش في اليونان "كان على وشك المجيء وكان حرا في مغادرة الجزيرة، فلماذا يحرق مخيم موريا؟".
وتابع أن الأفغان الستة وشى بهم ظلما شاهد واحد من البشتون لأنهم من الهزارة الأقلية العرقية في أفغانستان.
أدى تدمير مخيم موريا إلى إنشاء مافروفوني وهو مخيم شيد على عجل في موقع سابق للجيش "دمرته الرياح"، حسب سكان ليسبوس وغمرته المياه الشتاء الماضي.
تعترف ميراي جيرارد ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان بأن جهودا كبيرة بذلت لتحسين البنية التحتية التي لم يكن من المفترض في البداية أن تستمر.
وقالت لفرانس برس إن "المعايير افضل بكثير مما كانت عليه في موريا وهي افضل بكثير من العام الماضي". وتابعت "هذا ليس حلا دائما ويجب الخروج من مخيمات الخيام"، مؤكدة أنه "لا ينبغي لأحد أن يقضي الشتاء في الخيام لأن الخيمة مؤقتة".
واضافت "خيام بعد حريق نعم ولكن بعد عام؟".
ويشعر رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان بالأسف لإغلاق منشأتين بديلتين تتمتعان ب"بعد إنساني" في الأشهر التي تلت جحيم موريا، وكانا يؤمنان ظروف معيشية لائقة للمهاجرين الضعفاء في ليسبوس.
ففي 30 آذار/مارس 2021، أعلنت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون في ليسبوس تخصيص 276 مليون يورو من الأموال الأوروبية لليونان لمراكز استقبال جديدة للمهاجرين في خمس جزر في بحر إيجه قبالة تركيا بما فيها ليسبوس.
وكان من المقرر تسليم مخيم ليسبوس الجديد قبل الشتاء لكن العمل لم يبدأ بعد. ومع ذلك من المقرر افتتاح مخيم ساموس في نهاية أيلول/سبتمبر.
على الرغم من التأخير، ترحب السلطات بالتخفيف الكبير من الازدحام في المخيمات على الجزر. وفي ليسبوس لم يبق سوى 3752 مهاجرا حسب الأرقام الرسمية، مقابل نحو 13 ألفا قبل عام.
ونقل مئات من طالبي اللجوء إلى الأراضي القارية بينما تراجع عدد الوافدين.
وأكد وزير الهجرة اليوناني في منتصف آب/أغسطس أن "خفض عدد الوافدين بنسبة 84 بالمئة مع تخفيف الازدحام في مخيمات الجزيرة بنسبة 79 بالمئة يسمحان لنا بأن نتطلع إلى المستقبل بتفاؤل".
لكن المنظمات الإنسانية تنتقد الاستخدام المنهجي للإعادة القسرية للمهاجرين إلى تركيا.
وقال إيبامينونداس فارماكيس الذي شارك في تأسيس المنظمة الحقوقية غير الحكومية "حقوق الإنسان 360" لفرانس برس "بعد عام على الحريق الكارثي في مخيم موريا وعواقبه ما زالت اليونان تعترض اللاجئين وحقوقهم بشدة"، مشيرا إلى تزايد الشهادات عن "القمع".
ونفت الحكومة اليونانية المحافظة باستمرار هذه الاتهامات.
ودانت مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان دنيا مياتوفيتش الجمعة اليونان بسبب مشروع قانون لتسريع عودة المهاجرين إلى تركيا بينما تخشى السلطات اليونانية موجة جديدة من اللاجئين الأفغان.
وأثناء مناقشة هذا النص في البرلمان، أكد ميتاراخي مجددا الجمعة أن اليونان "لن تكون بعد اليوم بوابة الدخول إلى القارة الأوروبية".