الطفل قديمًا كان يقتصر لعبه مع أصدقائه في الشارع أو في النادي أو في أي مكان، وكانت وسائل الألعاب قديمًا مختلفة تمامًا عن الآن، فكانت الألعاب قديمًا مقتصرة على ألعاب ماريو، الأتاري، شطرنج وغيره، والآن أصبح الطفل جالس طوال الوقت أمام الأنترنت، وحتى اللعب يلعبه على الإنترنت أيضًا، ولكن هذا الاستخدام الدائم للأنترنت بالطبع له أثار سلبية.
انخفاض معدل التركيز
وفي هذا الإطار، قال الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، أن استخدام الطفل للإنترنت بطريقة مفرطة سوف يؤثر عليه من جوانب عديدة للغاية، «السوفت وير»، «الهارد وير»، أو الهاتف والحاسب الآلي بيؤثر على عقل الطفل، وعلاقاته الاجتماعية بالآخرين، وصحته النفسية، وصحته البدنية، فالاستخدام المفرط للأنترنت لا يقتصر على صحته البدنية فقط، بل على جميع أجزاء جسده وصحته النفسية أيضًا.
وأضاف فرويز، في تصريح خاص لبوابة«دار الهلال»، أن الموبيل لم يعد مصدر للألعاب فقط، بل به العديد من الفيديوهات والمشاهد الغير لائقة للطفل أن يشاهدها، وأن يسمع ألفاظ بذيئة لا يصح أن يسمعها أبدًا، ويحتوي على مشاهد عنف وإرهاب وإدمان وسرقة ومشاهد أخرى منافية للآداب، والعديد من المشاهد المؤذية للطفل، وهذا كله يؤثر على أخلاق الطفل.
وأشار أن الاستخدام المفرط للهاتف والأنترنت يؤثر على القشرة الدماغية له، وأن الطفل الذي يكون لديه استعداد للصرع سوف يحدث له نوبات صراعية، وسوف يؤثر أيضًا على الصدغ الأمام للمخ، مما يؤثر ذلك على معدل التركيز والإنتباه، فإنها سوف تقل، ويقل معدل الاستيعاب لديه، وثمة أثار سلبية أخرى، تتمثل في أنه دائمًا ما يستخدم الهاتف طوال الوقت، ووصل به الأمر إلى أن يأكل وهو جالس يستخدم الأنترنت، مما يسبب له سمنة مُفرطة، بسبب جلوسه الدائم، وعدم تحركه كثيرًا.
مُشددًا على أن الاستخدام الطويل للأنترنت يؤثر على العصب البصري للطفل، مما يتسبب في ضعف البصر، وأيضًا له تأثيرات سلبية على علاقته الاجتماعية مع الآخرين، لأنه غالبًا ما يتناول طعامه وشرابه وهو جالس يشاهد الأنترنت، وبالتالي تقل علاقته بعائلته وأصدقائه، مما يتسبب ذلك في جعله شخصية إنطوائية.
ونبه على أن إذا وصل الحد لإدمان الإنترنت يتم التوجه به لأخصائيين نفسيين، ويتم التعامل معه لتقليل استخدامه للإنترنت، مؤكدًا على أن دورالآباء في ذلك يجب أن يكون إيجابي، والتعامل مع الموقف بطريقة إيجابية، من خلال أنهم يُقننوا استخدامه للأنترنت، وليس يمنعوا من استخدامه، لأن ذلك سوف يؤثر على الطفل بطريقة سلبية، وأن يحددوا للطفل ساعات معينة في اليوم لاستخدام الإنترنت، وأن متوسط الساعات هذه تكون ثلاث ساعات صباحًا، وثلاث ساعات مساءًا، وأن الساعة تكون خمسة وأربعون دقيقة، وليست ستون دقيقة.
آثار نفسية وجسدية
وفي ذات السياق، قال الدكتور وليد هندي استشار الصحة النفسية، إن وسائل التواصل الاجتماعي تركت لدينا تأثيرات سلبية كثيرة جدًا، ليس لدى الطفل فقط بل لدى الكبار أيضًا، وهذه الأثار ظهرت بطريقة واضحة جدًا عند إظهار أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر والقوام يمثلون نسبة 75%، وأن أكثرالأشخاص الذين يتقدمون للاختبارات العسكرية يتم رفضهم بسبب ضعف بصرهم، وهذا الضعف بالطبع ناتج عن اللاستخدام المفرط للإنترنت.
وأضاف هندي، في تصريح خاص لبوابة«دار الهلال»، أن الاستخدام المزمن لوسائل التواصل الاجتماعي يؤثر على الصحة النفسية، ويشعر الشخص بألم في الظهر، وشعوره بالأرق، وفقدان نضارة الوجه، والشعور بالخمول وعدم النشاط، وعدم قدرته على فعل أي شيء.
وأكد أن الألعاب الإلكترونية تؤثر في تركيبة الشخص النفسية والاجتماعية والعقلية والبدنية، وأن الشخص أصبح يركز في شيء واحد، وهو التركيز مع الشخص الذي يحادثه، وبالتالي يفقد التركيز والإنتباه في أي شيء أخر، وأن هذا العالم الإفتراضي ودخوله فيه بكامل عقله جعل الشخص في حالة انفصام عن الواقع، وبالتالي تزيد نسبة الخوف في أن يفقد هذا العالم الافتراضي.
وأشار أن التعامل الكثير مع العالم الافتراضي هذا من خلف الشاشات، وعدم الالتقاء وجهًا لوجه يجعل الشخص خائفًا حين يتعرض لأي موقف في الشارع، ولا يعرف ماذا يتصرف، وأن هذا جعل المواقف الإنسانية تتلاشى، وأصبح لدينا شيء من الجمود الحسي تجاه الأشياء والمواقف.
ونبه على أن وصول الطفل لإدمان الإنترنت وللإلعاب الإلكترونية، وعلى رأس هذه الألعاب لعبة بابجي الشهيرة، هو بداية لأحد أعراض الإدمان السلوكي، وهذا الإدمان مثله مثل إدمان المخدرات، ولا يقل عنه في أي شيء، وأن له أثار نفسية وجسدية.
واستكمل أن سلبيات السوشيال ميديا إنها تضعف قوام الطفل، وتعمل على زيادة العصبية لدى الطفل، وتجعله منفصل تمامًا عن الواقع، وتجعله منفصل الشخصية، وأيضًا تحرض على العنف والقتل، الانشغال العقلي بالألعاب، مما يؤدي إلى حدوث تأخر في الدراسة، ولديهم نوع من الخوف الاجتماعي، والبعد التام عن أي نوع من أنواع التجمعات،
مشددًا على إنها تنزع الأحاسيس والمشاعر من الطفل بدلًا من أن تعلمه كيف يكون شخص إنساني، وأن بعض الألعاب التي تلعب على الأنترنت بتساعد على التنمر، وأنه يجب الحد من استخادم الأطفال للأنترنت والألعاب الإلكترونية.