نجحت البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم، في استصدار القرار رقم 2354 من مجلس الأمن بإجماع آراء الدول أعضاء المجلس، للترحيب بالإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، ووضعه موضع التنفيذ، وهو الإطار الذي سبق أن نجحت مصر في اعتماده بالإجماع كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.
واعتمد مجلس الأمن القرار المصري، بموافقة 633 دولة من ضمنهم قطر، وتركيا، وإسرائيل، السعودية، والإمارات، والمغرب، والعراق، وليبيا، وألمانيا، واليونان، وصربيا، وكينيا، وجيبوتي، وإريتريا، وإثيوبيا، ونيجيريا، وهولندا.
وفي كلمته في جلسة المجلس، وجه مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمرو أبو العطا، الشكر إلى الدول المؤيدة على تأييدها ودعمها للجهود المصرية التي نجحت في تحقيق التوافق داخل المجلس، حول إطار دولي شامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، منوهاً إلى أهمية البعد الفكري والإيديولوجي في إطار الحرب العالمية على الإرهاب، الذي يروج لأفكار سامة لتبرير جرائمه ولتجنيد الشباب، بل ودفعهم نحو الانتحار، اعتقاداً منهم بأنهم يقومون بعمل سامي بطولي يستحق التضحية بالنفس.
وأكد أبو العطا أن مصر كانت سباقة في إدراكها أهمية التصدي لخطاب الإرهاب، منوها إلى مساهمتها الجوهرية في التصدي لهذا الخطاب على المستوى الدولي، خاصة من خلال مؤسساتها الدينية العريقة التي تحظى باحترام وتقدير العالم أجمع، وعلى رأسها الأزهر الشريف، مشدداً على أن المواجهة الشاملة اللازمة للإرهاب تستلزم التعامل مع المنظمات الإرهابية دون استثناء، والتصدي لمن يقدم لهم يد المساعدة سواء بالتمويل، أو التسليح، أو بتقديم الدعم السياسي والأيديولوجي والإعلامي.
وشدد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة على أن العبرة ليست باعتماد وثيقة جديدة تُضاف إلى وثائق وقرارات مجلس الأمن، وإنما بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وتوافر الإرادة السياسية للامتثال الكامل لقرارات مجلس الأمن، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، موضحاً أنه ليس من المعقول أو المتصور أن تنعكس إرادة المجتمع الدولي في القرارات الصادرة من مجلس الأمن تحديداً، في الوقت الذى تستمر فيه شرذمة وقلة من الدول في انتهاك تلك القرارات بشكل واضح وصريح بدعمها الإرهاب، مقتبساً من بيان الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخراً أمام القمة الإسلامية العربية الأمريكية في الرياض، حينما أشار إلى «أن الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح، وإنما أيضا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي».
وأشار قرار مجلس الأمن إلى أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشدّ الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين، وأن أي عمل إرهابي هو عملٌ إجرامي لا يمكن تبريره بغض النظر عن دوافعه، كما أنه لا يمكن ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة، ولا يمكن القضاء عليه إلا بإتباع نهج شامل بمشاركة جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية وتعاونها الفعال في عرقلة التهديدات الإرهابية وإضعافها وعزلها وشل حركتها.
ولفت القرار إلى أن تمويل الأعمال الإرهابية والتخطيط لها والتحريض عليها ودعم المنظمات الإرهابية، يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، ويشدد على احترم جميع الدول وجميع أجهزة الأمم المتحدة المعنية ميثاق الأمم المتحدة عند تنفيذها الإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، بما في ذلك مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لجميع الدول، والعمل على زيادة فعالية تدابير وبرامج الخطاب المضاد لهذا الخطاب، والتفاعل مع الشباب والأسر والنساء، والاستعانة بالقيادات الدينية ذات الخبرة في صياغة وتقديم خطاب مضاد فعال لما يستخدمه الإرهابيون ومناصروهم.
ويطالب القرار لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، والتي تترأسها مصر، بمجموعة من التدابير لمكافحة الخطاب الإرهابي، تشمل مواصلة تحديد والترويج للممارسات الجيدة المتبعة في مكافحة الخطاب الإرهابي، واقتراح سبل لتعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد، ووضع نماذج للمكافحة الفعالة للخطاب الإرهابي، سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها، ومواصلة استحداث مبادرات لتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مكافحة الخطاب الإرهابي، فضلا عن التواصل مع الجهات التي لديها خبرة وتجربة في صياغة الخطاب المضاد، بما في ذلك الجهات الدينية ومنظمات المجتمع المدني وكيانات القطاع الخاص والجهات الأخرى، وتنظيم اجتماع مفتوح واحد على الأقل سنويا لاستعراض التطورات المستجدة عالميا في ميدان مكافحة الخطاب الإرهابي.
وباعتماد القرار، ومن قبله إصدار الإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، تكون مصر نجحت وباقتدار في وضع مكافحة خطاب وأيديولوجيات الإرهاب على أجندة مجلس الأمن، وبالتالي ضمن أولويات المجتمع الدولي.