اجتازت الأزمة بين الرئيس الصومالي ورئيس وزرائه عتبة جديدة الخميس مثيرة مخاوف من تصعيد للعنف في بلد يواجه بالأساس مأزقا انتخابية وحركة تمرد جهادية.
وأعلن رئيس الوزراء محمد روبلي مساء الأربعاء إقالة وزير الأمن حسن حندوبي جمعالي وتعيين عبد الله محمد نور المعارض بشدة للرئيس محمد عبدلله محمد المعروف باسم "فارماجو" على رأس هذه الوزارة الأساسية، في خطوة رفضها الرئيس صباح الخميس.
وكان روبلي اتهم الثلاثاء الرئيس بـ"عرقلة" تحقيق حول اختفاء موظفة شابة في جهاز الاستخبارات تدعى إكرام تهليل (25 عاما) معتبرا أن قراراته الأخيرة تشكل "تهديداً وجودياً خطيراً لنظام الحكم في البلاد".
وتدهورت العلاقات المتوترة بالاساس بين الرئيس ورئيس الوزراء في نهاية الأسبوع الماضي مع إعلان روبلي إقالة مدير الاستخبارات فهد ياسين المقرب من فارماجو معلنا أن تحقيق الاستخبارات حول اختفاء إكرام تهليل الذي يتهم جهاديي حركة الشباب، "غير مقنع ويفتقر إلى أدلة".
وألغت الرئاسة الإثنين هذا القرار الذي وصفته بأنه "غير دستوري وغير قانوني"، ثمّ أعلنت ليل الثلاثاء الأربعاء تعيين فهد ياسين مستشارا أمنيا لرئيس الدولة، وكلف الكولونيل ياسين عبد الله محمود القريب من فهد ياسين، إدارة وكالة الاستخبارات بالنيابة عنه.
غير أن رئيس الوزراء أقال مساء الاربعاء وزير الأمن بهدف "ضخ الحيوية" في هذه الوزارة القوية، فرفض الرئيس هذا القرار باكرا صباح الخميس معتبرا أنه "باطل" دستوريا.
واتهم ياسين رئيس الوزراء بـ"دفع البلاد إلى نزاع جديد".
وقد سيطر التوتر على دوائر السلطة في العاصمة مقديشيو مع تولي المدير الجديد بالنيابة الكولونيل ياسين عبد الله محمود مهامه صباح الأربعاء، وشوهدت وحدة على ارتباط وثيق بالرئاسة تحرس مباني جهاز الاستخبارات الذي وصلت الانقسامات إلى صفوف كبار ضباطه.
وقال عنصر من الجهاز بدون كشف اسمه إن "الوضع لا يزال متوتراً والموظفين في الوكالة مرتبكون الآن. يبدو أن بعض الضباط أخذوا طرفاً".
وأفاد صحافيون في عدد من وسائل الإعلام الرسمية بأنهم تلقوا أمراً بعدم نشر أي بيانات تصدر عن الرئيس.
ويثير هذا التصعيد مخاوف الأسرة الدولية بعد أقل من خمسة أشهر على آخر مواجهات مسلحة وقعت في مقديشيو.
وحضت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و"الهيئة الحكومية الدولية للتنمية" (ايجاد) في بيان مشترك الثلاثاء القادة الصوماليين على "نزع فتيل المواجهة السياسية" داعية إلى "استكمال العملية الانتخابية من دون مزيد من التأخير".
ويعتبر العديد من المراقبين أن المأزق الانتخابي صرف الاهتمام عن مواضيع مهمة أخرى في الصومال على غرار التمرد الجهادي الذي تقوده حركة الشباب.
وأثار الإعلان في منتصف أبريل عن تمديد ولاية فارماجو لسنتين بعدما انتهت في فبراير بدون أن يكون من الممكن تنظيم انتخابات رئاسية جديدة، اشتباكات مسلحة في العاصمة أعادت إلى الذاكرة عقود الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد بعد 1991.
وفي بادرة تهدئة، قام فارماجو بتكليف روبلي رئيس الوزراء منذ 2020، تنظيم الانتخابات.
وتوصل روبلي إلى اتفاق بشأن برنامج الانتخابات على أن يجري الاقتراع الرئاسي بحلول العاشر من أكتوبر
وتأخرت هذه العملية في الواقع عن البرنامج. ويفترض الآن أن يتم تعيين أعضاء مجلس النواب، الخطوة الأخيرة قبل انتخاب رئيس الدولة حسب النظام الانتخابي الصومالي المعقد غير المباشر، بين الأول من أكتوبر و25 نوفمبر.
لكن العملية تبدو في خطر متزايد. واتهم روبلي الرئيس بالسعي لاستعادة "المسؤوليات الانتخابية والأمنية" التي عهد بها إليه.
ويرى العديد من المراقبين أن المأزق الانتخابي صرف الاهتمام عن مواضيع أخرى جوهرية في الصومال وفي طليعته التمرد الذي تخوضه حركة الشباب.
على الرغم من طردهم من مقديشيو العام 2011، لا يزال الشباب يسيطرون على مناطق ريفية شاسعة في البلاد ويشنون بانتظام هجمات في العاصمة.
/ن ط/