الأربعاء 5 يونيو 2024

على الحكومة أن تعمل دون انتظار نوبة للصحيان

25-5-2017 | 11:20

بقلم: سحر رشيد

على الرغم من سيطرة قضية ارتفاع الأسعار على مشهد الحكومة الحالية .. حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء .. على اعتبار أنه لا حديث للرأى العام سوى عن الارتفاع المتزايد فى أسعار السلع كافة وكذلك الخدمات حتى حديث وتصريحات الحكومة لا تخلو من تصريحات لتهدئة الرأى العام باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة غول الأسعار إلا أنه من الظلم اختزال مشهد الأداء الحكومى فى ارتفاع الأسعار إذ إن هناك ملفات عديدة مفتوحة أمام حكومة المهندس شريف إسماعيل سواء من حكومات وفترات سابقة أو سواء الحالية .. فتاريخ الأداء المتباطئ ليس وليد الحكومة الحالية .. فبعد ثورة ٢٥ يناير شهدت البلاد أزمات اقتصادية طاحنة أدت إلى توقف العديد من القطاعات مثل السياحة التى فقدت معها البلاد موارد للنقد الأجنبى وكذلك توقف العديد من المصانع الذى دفع إلى توقف الصادرات واعتماد البلاد على الواردات بشكل أكبر مما زاد من الضغط على النقد الأجنبى كذلك ملف الإرهاب الذى دفع البلاد لحالة من الحرب على الأقل فى سيناء.

كل هذه الضغوط دفعت الحكومة إلى اتخاذ قرارات صعبة ومنها تعويم الجنيه أمام الدولار واللجوء إلى صندوق النقد الأجنبى بشروطه القاسية فلم يعد هناك مفر من اللجوء إلى برنامج إصلاح اقتصادى مرير على الرغم من التصريحات الحكومية التى تؤكد أنه مصرى مائة فى المائة إلا أنه لا يخفى على أحد أن شروط صندوق النقد الدولى تعتمد فى الأساس على تعويم الجنيه وإلغاء الدعم للمحروقات سواء فى خطة عاجلة او آجلة بدأتها مصر منذ عام ٢٠١٤ وتنتهى فى عام٢٠١٨.

إذن المشهد قاس ويحتاج من الحكومة إلى إجراءات لدعم الطبقات الفقيرة والمهمشة لدعم سبل الحياة البسيطة لهم سواء فى المأكل أو المشرب أو المسكن ويحتاج من الحكومة إلى إجراءات أسرع وأقوى من تلك التى تتخذها الحكومة الحالية .. وعلى الرغم من برامج الحماية الاجتماعية تكافل وكرامة ودعم البطاقات التموينية إلا أن القاعدة العريضة ترى أنها غير كافية.. فيجب معها اتخاذ إجراءات قوية وأسرع لضبط الأسواق .. فترى أن الدولار استقر عند حاجز ١٨ جنيها إلا أن الأسعار ما زالت فى زيادة مستمرة فلا تزال الحكومة لا تمتلك من آليات ضبط الأسواق ما يمكنها من فرض هيمنتها على السوق.

الواقع يؤكد أن الحكومة خرجت من قواعد اللعبة سواء فى السلع أو حتى فى الخدمات فيجب على الحكومة أن تتحكم فى أسعار السلع ليس بالتسعيرة الجبرية التى لا تتناسب مع قواعد السوق الحر الذى أقرته منذ سنوات واعتمد على العرض والطلب ولكن بأن تتدخل باستيراد كميات وفيرة من السلع التى تضبط بها الأسواق فالحكومة لديها هيئة السلع التموينية ولديها منافذ المجمعات الاستهلاكية وتستطيع إقامة المعارض فى أى وقت وأى مكان وليس فى شهر رمضان فقط الذى تزداد فيه مؤشرات الاستهلاك .. وأكبر دليل على ذلك أنه حينما ارتفعت أسعار الدواجن فى يناير الماضى لوحت الحكومة باعتزامها فتح باب استيراد الدواجن بدون جمارك للقطاع الخاص ووقتها انخفضت الأسعار وعادت للارتفاع بعد عدول الحكومة عن تنفيذ هذا القرار.

كذلك يجب أن تدخل الحكومة سباق الخدمات بعدما سادت العشوائية فى كل شىء سواء فى الصحة بعد تدنى الخدمات الصحية فى المستشفيات الحكومية وسيطرة التوك توك والميكروباص على سوق النقل وسيطرة السناتر والمدارس الخاصة على سوق التعليم وغيرها فى مشاهد غابت فيها الحكومة وغاب معها الضبط والربط وهيبة الدولة التى تحتاج إلى قبضة لضبط السوق والقضاءعلى مافيا المحتكرين الذين يحركون البلاد كيفما يشاءون.

وإذا كانت الحكومة الحالية فى مشهد خشيت الحكومات السابقة من أعباء تحمله من سخط شعبى بإقرارها لأصعب القرارات الاقتصادية إلا أنها يجب عليها أن تشرك الشعب معها فى كل القرارات .. فهذا الشعب هو من يتحمل معها هذه الأعباء ولا تكتفى بدور المشاهد .. هذه الحكومة العيب عليها أنها ليس لديها قنوات مع طوائف الشعب لشرح طبيعة الأزمة وفى نفس الوقت لابد وأن تبعث برسائل طمأنة حقيقية من خلال برامج واضحة يشعر معها المواطن أن غدا أفضل ولا تكتفى بأن تتحدث عن الأزمات فقط .. وقلة حيلة الحكومة.

فالحكومة دائماً ما تصدر للشعب صورة قلة حيلتها وأنها مفلسة وليس لديها موارد للإنفاق على الخدمات أو تحسينها وتنسحب بالمشهد ليدبر كل شخص أموره بنفسه بالإضافة لحالة الرعب التى يرسلها للناس بعض وزرائها مثلما فعل وزير التعليم بأن أكد إلغاء الثانوية العامة بعد فشل الوزارة فى القضاء على التسريب والغش وفشلها فى القضاء على الدروس الخصوصية وتوفير أماكن بالجامعات لكل الناجحين ووجد الحل فى أن يخلق قوائم انتظار للناجحين فى الجامعات الحكومية وطبعاً هذه القوائم لغير القادرين على رفع نفقات التعليم الخاص الذى سترتفع نفقاته بانكسار الجامعات الحكومية التى ستشارك الحكومة فقط فى ٢٠٪ من حجمها خلال السنوات القادمة.

الحكومة الحالية تاهت فى التفاصيل مازالت كل الملفات مفتوحة أمامها ومازالت تعمل بأجندة قديمة عدا المشروعات القومية التى تسير بشكل على أعلى درجة من الإنجاز والدقة لأن الرئيس يتابعها بنفسه بما لها من بعد اقتصادى عظيم وأمل معلق للأجيال القادمة سواء فى تنمية إقليم قناة السويس أو العاصمة الإدارية الجديدة حتى مشروعات الإسكان الاجتماعى تسير بشكل جيد لأن الرئيس يتابعها وعلى الرغم من أن الرئيس يتابع كل الملفات بنفسه ويعقد الاجتماعات الفردية مع الوزراء كل على حدة .. إلا أنه يجب أن تمتلك الحكومة أيضاً من الخطط و الأدوات ما يؤهلها أن تعمل وتنجز بمفردها ويخلق معها جسور الثقة بينها وبين المواطنين الذين يتحملونها حبا فى هذا الوطن وحرصاً على مستقبله وإيماناً بكل الأخطار التى تحيط به من الداخل والخارج.

يجب أن تعمل الحكومة من تلقاء نفسها ولا تنتظر نوبة الصحيان مثلما حدث فى ملف استرداد أراضى الدولة فبعد أن تدخل الرئيس عقد بعد أقل من ٢٤ ساعة اجتماع لمجلس المحافظين وتحرك المحافظون فى كل ربوع البلاد لتنفيذ تكليفات الرئيس.