السبت 18 مايو 2024

الدكتور علي زين العابدين يكتب: الإفتاء الرسمي

علي زين العابدين الحسيني

ثقافة16-9-2021 | 19:45

د. علي زين العابدين الحسيني

   تنتشر منصات إعلامية خارج الإطار القانوني، وأسوأها ما يتعلق بثقافة الناس، أو توجيههم لمنهج محدد من المناهج الدخيلة على مجتمعاتنا، أو تغيير المفاهيم في بعض القضايا الدينية، وتكمن خطورة هذه المنصات في صيرورتها أداة ووسيلة لمهاجمة المؤسسات الدينية الرسمية، والتعرض لرموزها بطريق مباشر أو غير مباشر، ولا أظن أنها تنطلق في تحقيق أهدافها عشوائياً، بل الحقيقة أن لديهم مشروعاً مريباً أساسه وقوامه الإساءة المتكررة؛ لأنهم إذا استطاعوا أن يغيروا صورة علماء الدين لدى العامة عن طريق الإساءة سهل عليهم تحقيق الهدف الأسمى الذي هو القضاء على الوسطية التي يحملونها ويدافعون عنها، وتمكنوا من نشر الأفكار المنحرفة، لكن محاولاتهم باتت بائسة، فلن تضعف الجهود العظيمة في محاربة الأفكار المعوجة من العلماء، ولن تلغي دورهم الهام في توجيهِ الجمهور في القضايا المصيرية.

 ومن خلال الرصد الدائم لبعض هذه المواقع ستكتشف أن كثيراً منها يدأب على نشر معلومات دينية خاطئة ومفاهيم مغلوطة مما يجعلنا ننصح الجميع بالرجوع إلى المتخصصين، وقد لا ينتبه الكثيرون أن المواقع الرسمية للإفتاء لا تعتمد على النمط الفردي في الإجابة عن استفتاءات الجمهور، حيث تكون الإجابة عن بعض الأسئلة المهمة أو الشائكة بعد طول بحث في الموضوع بصورة جماعية، ولربما يجلس في البحث عن إجابة استفسار واحد مجموعة من المفتين، كما أن غالب هذه المؤسسات تضم كوكبة عظيمة من المتخصصين في المجالات الدينية وغيرها من العلوم التي يحتاج إليها لتحقيق التكامل المعرفي، ولهذا تطمئن النفس إلى الفتاوى التي تصدر من جهات متخصصة في مجال الإفتاء عن غيرهم مما يعتمد على أشخاص غير مؤهلين يفتون الناس بأقوال شاذة خارجة عن المذاهب المتبعة، فيسبب حالة ارتباك عامة في المجتمع، ومما يثلج الصدر -وقد بدا ذلك- التفاف جمهور الناس حول مؤسساتهم الدينية في الآونة الأخيرة.

 ولعلّ الجميع شاهد جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب السابق وكيف حظي بتقدير واعتزاز الجميع، وهذا يدلّ على عمق ارتباط الجماهير بمؤسساتهم؛ لأنهم يشعرون فيها ومعها بالأمان، وهو من البراهين الناصعة على أنّ أغلب الناس صاروا ملمين بقيمة الوسطية وضرورة الاصطفاف المجتمعي.

 

الاكثر قراءة