محمد يسري
أسماء الله الحسنى، ليست مجرد ألفاظ ينطقها العبد ويرددها، بلسانه، فتنحل عقد حياته، بل لابد لذلك من عقد القلب عليها، والإيمان الكامل بأنها سر الله عز وجل في تسيير حياة عباده، فكل اسم من أسماء الله الحسنى يرتبط ارتباطا وثيقا بجانب من الحياة منفردا، من ناحية ويتآلف مع أسمائه تعالى المطلقة والمقيدة، من ناحية أخرى؛ لتوحيد الله عز وجل بأمور الخلق والتدبير، فإذا ربط العبد نفسه بالله، تحقق في قلبه معاني الخضوع والانقياد لله وحده، فتتحقق له سعادة الدارين.
اسم الله الإله
قال السعدي في تفسيره: "والإله هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال فقد دخل في هذا الاسم جميع الأسماءالحسنى
ولهذا كان القول الصحيح إن الله أصله الإله وأن اسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى".
فالإله هو المستحق لكمال العبودية الانقياد والطاعة وهو منتهى المحبة والقصد، وهو المتفرد بجميع العبادات، وتسير معانى العبودية لله على ركنين، وهما: غاية الخضوع والتذلل لله، وغاية المحبة له.
فأما الركن الأول: فتتحقق به عزة العبد، وتصون عرضه وكرامته، فلا يخضع ولا يتذلل لأحد من المخلوقين مهما علت منزلتهم، فالطاعة كل الطاعة لله تعالى، ولا طاعة لمخلوق في معصيته، فإذا تحقق هذا الركن، بات الأمن والأمان لصيقا بالعبد.
وأما الركن الثاني: وهو كمال المحبة لله، فلا يتعلق قلب العبد بمحبة ولا رجاء ولا خشية إلا بالله تعالى، لأن القلب إذا تعلق بمخلوق صار أسيرا له يتلاعب به كيف يشاء ويوجهه أنى يريد، وتخلص العبد من محبة غير الله، هي الحرية فلا حرية للعبد إلا بكمال محبة الله، ولا تأتي محبته تعالى إلي بلزوم أوامره ونواهيه، بتصديق خبره وتنفيذ طلبه، فإن المحب لمن يحب مطيع.
وما جاءت رسل الله تعالى إلى خلقه إلا لتحقيق اسم الله الإله وعبادته تعالى كما أراد، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
أدلة ثبوت الاسم من الكتاب والسنة:
الأدلة على اسم الله الإله في الكتاب والسنة كثيرة، ومنها:
قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (البقرة- 163)
وقوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة- 255).
ومن السنة النبوية: ورد في العديد من الأحاديث منها : "اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" رواه البخاري عن ابن عباس.
واسم الله الإله في أول أركان الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله, وهي كلمة الإخلاص، أول ما يدخل به المسلم الدنيا وآخر ما يخرج به منها.