الثلاثاء 21 مايو 2024

تحية كاريوكا.. "توحة" التي خبأت "السادات" وصنعت أسطورتها "لعبة الست"

تحية كاريوكا

فن20-9-2021 | 11:34

محمد أبو زيد

فنانة متعددة المواهب، الرقص هو فنها الأول، وباتت أهم راقصة في مصر، برعت في التمثيل وتنوعت أدوارها هي أشهر معلمة في السينما "توحة" في "المعلمة" و"حسنية" في "الفتوة" بينما تجدها "شجرة الدر" في "وا إسلاماه" وقدمت دور الأم في عدة أفلام هي "زينب" في "أم العروسة" و "نعيمة ألماظية" في "خلي بالك من زوزو" هي أحد أبرز وجوه السينما المصرية في زمن الأبيض والأسود، إنها الفنانة تحية كاريوكا.

ولدت بدوية محمد إبراهيم كريم في 22 فبراير 1919 بمدينة الإسماعيلية، توفي والدها وهي طفلة، التحقت بمدرسة الراهبات، بدت موهبتها في الرقص منذ نعومة أظافرها، في إحدى الأيام شاهدت الراقصة سعاد محاسن تحيي حفل زفاف في الإسماعيلية، رقصت على أنغام الموسيقى ومنها كانت الشرارة الأولى وأحبت الرقص، ما إن عرف شقيقها الأكبر "أحمد" حتى قيدها في السرير ومنعها من الذهاب للمدرسة خوفا من أن تهرب من المنزل، عاشت حياة قاسية مع شقيقها وحاولت الهروب أكثر من مرة ولكن محاولاتها كانت تبوء بالفشل حتى نجحت في المرة الأخيرة بمساعدة ابن شقيقها وشدت رحالها إلي القاهرة.

إلي شارع عماد الدين كانت وجهتها تتنقل بين الكازينوهات والمسارح، وعملت في صالة رتيبة وأنصاف رشدي، حتى استقرت في فرقة بديعة مصابني ومنها كانت شهرتها، بدأت مشوارها نحو السينما راقصة في فيلم "الدكتور فرحات" 1935".

 قدمها المخرج أحمد سالم في فيلم من إنتاجه وإخراجه "أجنحة الصحراء" وكانت لا تزال تحمل اسم "تحية محمد" في العام التالي كانت على موعد مع الشهرة عندما برعت في تقديم رقصة "الكاريوكا" البرازيلية عندما شاهدتها في الفيلم الأمريكي "الطريق إلى ريو"، ليلتصق بها الأسم وتصبح "تحية كاريوكا".

 يعد فيلم "أحب الغلط" 1942 هو بداية ظهورها السينمائي، تعرفت على الفنان سليمان نجيب الذي كانت تعتبره الأب الروحي لها، وهو من عرفها على الفنان نجيب الريحاني الذي أكتشفها كممثلة وأخبرها أنه سوف يجعل الناس تنسى أنها كانت راقصة وقدمت معه دور البطولة النسائية في فيلم "لعبة الست" 1946 وحقق نجاحا كبيرا وتوالت أعمالها.

فترة الخمسينيات قدمت عدد كبير من الأفلام أبرزها "شباب امرأة" في دور "شفاعات" أمام شكري سرحان، و"سمارة" مع محسن سرحان، وبرعت في دور "حسنية" في "الفتوة" مع فريد شوقي، و "المعلمة" في دور "توحة" مع يحيي شاهين، و"إحنا التلامذة" مع عمر الشريف وتنوعت أدوارها بين المعلمة وبنت البلد والمرأة القوية التي لا تهزم.

اعتزلت الرقص ووجهت كل طاقتها التمثيلية ناحية السينما فقدمت في فترة الستينيات عدة أفلام أبرزها "وا إسلاماه، أم العروسة، خان الخليلي، آخر العنقود، إضراب الشحاتين".

كانت تدرك أن الفنان لابد أن يعترف بالسن ويقدم ما يناسبه فقدمت فترة السبعينيات عدة أفلام برعت من خلالها في تجسيد دور الأم أبرزها "خلي بالك من زوزو، مين يقدر على عزيزة، الكرنك" وبرعت في دور المعلمة "زمزم" في "السقا مات".

فترة الثمانينيات قدمت عدة أفلام أبرزها "كيدهن عظيم، الوداع يا بونابرت، المطارد، إنتحار صاحب الشقة، الصبر في الملاحات، التعويذة"، وفي التسعينيات شاركت على إستحياء في عدة أفلام هي "إسكندرية كمان وكمان، نساء صعاليك، مرسيدس، امرأة تدفع الثمن، سوق النساء" وكان آخر أعمالها "الجراج".

كونت فرقة مسرحية وقدمت من خلالها نحو 18 مسرحية، وفي التليفزيون قدمت عدة أعمال درامية أبرزها "الوليمة، حكايات هو وهي، ينابيع النهر، صابر يا عم صابر، الغفران، دموع الشموع، أهل الطريق".

كانت "توحة" وطنية حتى النخاع، ساعدت الفدائيين ضد الاحتلال الانجليزي وهرّبت لهم السلاح داخل سيارتها إلي الإسماعيلية، وخبأت الضابط محمد أنور السادات في بيت شقيقتها في الإسماعيلية بعد اغتيال أمين باشا عثمان، وبعد ثورة 1952 شاركت "كاريوكا" في قطار الرحمة لجمع التبرعات للمجهود الحربي، وبعد نكسة 67 تبرعت بمجوهراتها وجمعت تبرعات للجيش، بينما في حرب أكتوبر 1973 كانت بجانب الهلال الأحمر وفي مستشفى القصر العيني تداوي جراح المصابين وتعكف علي خدمتهم.

تزوجت "توحة" 17 مرة من مخرجين وضباط وفنانين وكان من أبرز زيجاتها من المخرج أحمد سالم والفنان رشدي أباظة لمدة 3 سنوات، والمخرج فطين عبد الوهاب، والفنان محرم فؤاد.

 وكانت أطول زيجاتها من فايز حلاوة، واستمرت الزيجة 18 عامًا حتى دبت الخلافات بينهما ووقع الطلاق واستولى "حلاوة" على شقتها في الزمالك وطردها واستأجرت شقة صغيرة وعاشت بها ورفضت أن تعيش مع ابنة شقيقتها الفنانة رجاء الجداوي.

أواخر أيامها ارتدت تحية كاريوكا الحجاب وأدت فريضة الحج أكثر من مرة، وفي إحدى المرات قابلت هناك الشيخ محمد متولي الشعراوي، وظلت ملازمة له وتعتبره بمثابة "الأب الروحي" وتستشيره في كل شئونها وعكفت على الصلاة وقراءة القرآن وكانت شديدة السخاء مع الفقراء توزع كل ما لديها من أموال على المحتاجين والفقراء والأطفال، وفي 20 سبتمبر 1999 كانت النهاية وتوفيت إثر إصابتها بأزمة حادة في الجهاز التنفسي عن عمر ناهز 80 عامًا، رحلت "تحية" وبقيت سيرتها الطيبة وأعمالها الشاهدة على موهبته التي لا تعرف حدود.