سورة الأحقاف هي واحدةٌ من السور التي نزلتْ على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة باستثناءٍ ثلاث آياتٍ هنّ موضع خلافٍ بين أهل التفسير وهن الآيات: العاشرة والسابعة عشرة والخامسة والثلاثون، ويبلغ عدد آياتها خمسًا وثلاثين آيةً، وهي من حواميم القرآن إذ تبدأ آياتها بالحروف المقطعة حم.
سبب تسمية سورة الأحقاف
سُمّيت هذه السورة بهذا الاسم أيْ الأحقاف في جميع المصاحف المغربية والشرقية إلى جانب كتب التفسير والسنة؛ فالأحقاف وردت في هذه السورة ولم ترد في أي موضعٍ آخرٍ وهي مساكن قوم عادٍ من أرض اليمن وتقع تحديدًا في وادٍ صحراويٍّ بين سلطنة عُمان ومهرة اليمنية جنوب شبه الجزيرة العربية حاليًّا وقد أهلكهم الله تعالى بعد أن كذّبوا رسولهم هود -عليه السلام-، كما يُطلق على هذه السورة اسم حم الأحقاف تمييزًا لها عن باقي السور التي تفتتح آياتها بالحروف المقطعة حم
سبب نزول سورة الأحقاف
ذكرَ أهل التفسير أنّ قولَه تعالى: "قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ" نزلت عندما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في منامه أنّه يهاجر إلى أرض ذات ماءٍ وشجرٍ ونخلٍ، وعندما أفاق من نومه قصّ رؤياه على أصحابه فاستبشروا خيرًا بتلك الرؤيا ورأوا فيها خلاصًا لهم من اضطهاد قريشٍ وأذاها، وعندما تأخّر موعد الهجرة سأل الصحابة الرسول: "متى نهاجر إلى الأرض التي رأيت؟"، فسكت الرسول ونزلت هذه الآية بمعنى لا أعلم أأهاجر إلى تلك الأرض التي رأيتها في منامي أم لا.
أمّا قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ؛ فنزلت في أبي بكرٍ الصِّديق -رضي الله عنه- حيث ترافق أبو بكرٍ وهو ابن ثمانية عشرة عامًا مع الرسول وهو ابن عشرين عامًا قبل البعثة في الأسفار التجارية باتجاه الشام، وفي واحدةٍ من تلك الأسفار نَزلوا مكانًا فيه شجرة سدرٍ استظلّ الرسول الكريم بظلِّها، أمّا أبو بكرٍ فذهب إلى أحد الرهبان في ذلك المكان يسأل عن الدِّين، فقال الراهب لأبي بكرٍ: من الرجل الذي في ظل السِّدرة؟ فقال أبو بكرٍ: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقال الراهب: هذا والله نبيٌّ، فلم يجلس أحدٌ في ظلّ هذه السِّدرة بعد عيسى بن مريم إلا محمد نبي الله؛ فتأثر أبو بكرٍ بهذا الحديث ووقع في قلبه التصديق فكان لا يفارق الرسول أبدًا حتى نزل عليه الوحي وهو ابن ثمانٍ وثلاثين سنةً؛ فكان أول المؤمنين به من الرجال وعندما بلغ الأربعين قال: "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وقوله تعالى:"وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" قال بعض أهل التفسير أنها نزلت في عبد الله بن سلّام -رضي الله عنه- أحد أحبار اليهود في المدينة وقد أعلن إسلامه ولهذا السبب اعتُبرت هذه الآية مدنيةً.