الإثنين 29 ابريل 2024

يوسف عيد "بوب مارلي" الغلابة.. الموهوب قليل البخت

يوسف عيد

فن22-9-2021 | 10:09

محمد أبو زيد

أحب الفن من أوصال قلبه، وقف أمام الكبار وكان حاضراً بقوة في سينما الشباب، لا يعنيه مساحة الدور وحجمه يعمل ليل نهار على أن يجد فرصة حقيقية يثبت فيها موهبته الكبيرة التي أدرك حجمها الجمهور وأنهم أمام موهبة استثنائية وكوميدياناً لا يستهان به، رسم الإبتسامة على وجه جمهوره الذي يخرج من أفلامه حافظا إفيهاته هو "مدرس رياضيات وفرنساوي لغاية ما يجيبوا مدرس فرنساوي" في "الناظر" المدرس "زكريا الدرديري" الذي يدرس معظم المواد في مدرسة "عاشور" تجده أحيانا مدرس مادة التاريخ الذي يسأل أحد طلابه "مين اللي قتل علي بيه الكبير الله يرحمه.. ما تنطق يا ابني مين اللي قتله". 

 والمعلم "عبده أجرني" صاحب مكتب الحانوتي في "جعلتني مجرما" وهو يضرب أحمد حلمي بعد أن وضعه إعلانه على صورة راقصة "أضربك فين مفيش في وشك مكان"، وهو الذي خرج عن النص في مسرحية "شارع محمد علي" مداعباً فريد شوقي "من ساعة لما المليجي مات وأنت محدش بيضربك"، و"بوب مارلي"النسخة الشعبية في "الحرب العالمية الثالثة" الفنان يوسف عيد.

 ولد يوسف عيد في 15 نوفمبر 1948، بحي الجمالية في القاهرة، حصل على شهادة الثانوية الأزهرية، ولم يكمل تعليمه الجامعي، راح يتحسس خطواته ناحية الفن الذي عشقه، وكان عمره وقتها 27 عاما، بدأ مسيرته الفنية من المسرح بأدوار صغيرة وكانت البداية من مسرحية "نحن لا نحب الكوسة" منتصف السبعينيات وفي السينما في "شقة في وسط البلد".

فترة الثمانينيات قدم العديد من الأفلام والمسلسلات ولكن كان أبرزها أعماله مع عادل إمام إذ ظهر بدور صغير في مسلسل "دموع في عيون وقحة" 1980، ليسند له دور بمساحة أكبر في فيلم "عصابة حمادة وتوتو" 1982، وفي العام التالي شارك معه بدور حارس السجن في فيلم "الأفوكاتو"، وزادت المساحة مع الزعيم في "النمر والأنثى" في دور "سيد" زوج "نعيمة" آثار الحكيم.

في تلك الفترة شارك في أفلام من بطولة الكبار أبرزها فيلم "الكيف" و"الجوع" مع محمود عبد العزيز، "مدافن مفروشة للإيجار" مع محمود ياسين، و"التخشيبة" مع أحمد زكي، و"حارة برجوان" مع نبيلة عبيد، وبالتزامن مع السينما قدم للتليفزيون عدة مسلسلات أبرزها "سفر الأحلام، بكيزة وزغلول، البشاير، رأفت الهجان"، وفي المسرح "علشان خاطر عيونك" مع فؤاد المهندس.

فترة التسعينيات قدم يوسف عيد العديد من الأفلام أبرزها "يا مهلبية يا" 1991 ليعيد المخرج شريف عرفة اكتشاف موهبة "عيد" ويقدمه بشكل مختلف كفنان استعراضي وبرع في تقديم المونولوج وهو يغني "يا دنيا أنا بسألك ليه أنا مطلعتش ملك" الذي كتبه بهاء جاهين، وقدمه مرة آخرى شريف عرفة في واحد من أجمل أدوراه المختلفة في فيلم "الدرجة الثالثة" مع أحمد زكي، كان يملك يوسف عيد صوتاً جميلاً وبرع في غناء المواويل وعلى خشبة المسرح غنى في مسرحية "شارع محمد علي" موال "من قبل لوم العوازل كان السلام بالإيد.. صبح السلام بالكتابة من بعيد لبعيد" لينال استحسان فريد شوقي وتصفيقاً حاداً من الجمهور.

تقابل مرة آخرى مع الزعيم في "رسالة إلي الوالي، الجردل والكنكة، الواد محروس بتاع الوزير"، ومع أحمد زكي في "اضحك الصورة تطلع حلوة" وكانت كلها أدواراً صغيرة لا تناسب حجم موهبة المظلوم يوسف عيد الذي حصره المخرجين في الأدوار الثانوية التي لا تتعدى مشاهدها أصابع اليد الواحدة، كان "عيد" يتقاضي أجراً ضئيلاً ويتلقى الوعود من المنتجين والمخرجين بزيادة دوره في الأعمال القادمة، وعاش على هذا الحلم سنوات أملاً أن يمنحه المخرجين نظرة رضا.

بداية الألفية الجديدة كان حاضراً بقوة في أفلام الشباب وقدمه شريف عرفة الذي كان يقدر حجم موهبته في دور "زكريا الدرديري" في "الناظر" ومنحه مساحة أكبر في "ابن عز" مع علاء ولي الدين.

ومع عادل إمام ظهر بـ مشهدين في "التجربة الدنماركية" ويغني موال إعجابا بـ"أنيتا" نيكول سابا "يا حلو ياللي العسل سايل من الشفة.. شعرك سلاسل دهب دمك كمان خفة.. أدفع في مهرك أُلوف وأهديكي جميع مالي لو قولتي كلمة yes مع بسمة من الشفة".

توالت أفلامه "صايع بحر، كيمو وأنتيمو، عيال حبيبة، علي سبايسي، جعلتني مجرماً، عجميستا، اتش دبور، صرخة نملة" كان "عيد" قادر على أن يخطف الكاميرا حتى ولو ظهر في مشهد وحيد وكأنها أرادت أن تنصفه، فتجده "بائع الأعلام" في "آسف على الإزعاج" وهو يقول لـ"حسن" أحمد حلمي "نفعنا بأي حاجة ربنا يسقيك من نار جهنم، ربنا يحرقك بجاز حضرتك"، وعندما يمنحه جنيهاً يشكره قائلاً "ربنا يجعلك في كل خطوة بلاعة".

بالتزامن مع السينما شارك في العديد من المسلسلات كان أبرزها "الرجل العناب" في دور "عم هيصة"، أعتقد "عيد" أن نظرة المخرجين له سوف تتغير للأفضل بعد هذا الدور وينال المكانة التي يستحقها فقدم سينمائياً فيلم "عمر وسلوى" بمساحة كبيرة وكانت المفاجأة في فيلم "الحرب العالمية الثالثة" عندما قدم دور المطرب "بوب مارلي" في نسخته الشعبية.

على أطراف حي باب الشعرية وفي شقة متواضعة بميدان الجيش كان يعيش يوسف عيد الذي لم يدخر شيئا من عمله بالفن، وكان مكسبه الوحيد محبة الناس التي تقابله بحفاوة أينما حل، وفي 22 سبتمبر 2014 توفي إثر إصابته بأزمة قلبية عن عمر ناهز 65 عامًا، رحل في هدوء وكأنه يقول "آسف على الازعاج" على طريقة فيلمه ولم يحظ "قليل البخت" طوال مشواره الفني بالبطولة المطلقة، ولكنه ترك إفيهاته ومواويله التي نحفظها عن ظهر قلب وحبا كبيرا لصاحب البهجة.

Dr.Randa
Dr.Radwa