يحل اليوم الأحد 26 سبتمبر اليوم العالمي لتنظيم الأسرة، ولم يتم الاحتفال به لأول مرة اليوم بل يعود تاريخه إلى 26 سبتمبر عام 2007 عندما قررت 10 منظمات دولية تخصيص ذلك اليوم ليكون اليوم العالمي لتوعية الشعوب بأهمية تحديد النسل، وزيادة الوعي حول وسائل منع الحمل بين الأزواج، وتمكين الأزواج من اتخاذ قرارا بالاكتفاء بطفلين فقط لكل أسرة بما يضمن حياة كريمة لهم ولأبنائهم.
وبدأت القصة في عام 1916 عندما قررت الدكتورة مارجريت سانجر افتتاح أول عيادة لتنظيم الأسرة في الولايات المتحدة، مما أدي ذلك لاعتقالها اعتقادا منهم بأنها تقوم بتوزيع كتيبات ومذكرات عن منع الحمل، ولكن تم إطلاق سراحها مقابل كفالة مالية، ولكنها لم تتكف بذلك بل واصلت اتصالها بالنساء في عيادتها واستمرت تروج لفكرة تنظيم الأسرة وقبض عليها للمرة الثانية وحُكم عليها بالسجن لمدة 30 يوماً.
وقدّمت سانجر استئناف أولي للمحكمة، ولكن تم رفضه ثم فازت بعد ذلك حركة تنظيم الأسرة بالقضية عام 1918، وتم إطلاق صراح سانجر وشعرت بنصرة الفرح عندما أصدر قاضي محكمة الاستئناف قانونا سمح للأطباء بوصف وسائل منع الحمل، فحصلت على دعم العديد من الجهات المانحة في أمريكا، التي وفرت لها التمويل لمساعيها في المستقبل.
وفي عام 1914، بدأت سانجر في نشر "زا موماان ريبيل"، وفعلت ذلك بهدف صريح يتمثل في تحد قانوني لقوانين كومستوك التي تنص على حظر نشر أي معلومان تخص وسائل منع الحمل، وأدي ذلك إلي هروبها لبريطانيا لكي تلتقي مع عدد من النشطاء البريطانيين في مجال تنظيم النسل، واستغلت سانجر هذه الفرصة لكي تقوم بتنظيم المؤتمر الدولي السادس لتنظيم النسل عام 1925 الذي انعقد في نيويورك.
وفي عام 1917، أنشأت سانجر مجلة دورية شهرية مختصة بتحديد النسل، والتي ظلت تباشر تلك المجلة عملها حتى عام 1929.
وفي عام 1921، أسست سنجر الرابطة الأمريكية لتنظيم النسل، والتي تحولت فيما بعد إلى اتحاد تنظيم الأسرة الأمريكية، وقامت أيضا بافتتاح أول عيادة كل طاقمها من الطبيبات، فضلاً عن عيادة في هارلم، والتي تشكل مجلسها الاستشاري بطاقم من أصل إفريقي.
وفي عام 1929، تم تأسيس اللجنة الوطنية للتشريع الاتحادي لتنظيم النسل، والتي نجحت في السماح باستخدام وسائل منع الحمل في نيويورك، وفي الفترة ما بين 1952-1995 شعلت سانجر منصب رئيس الاتحاد الدولي لتنظيم النسل، والتي قامت بالعديد من الإنجازات التي جعل اسمها محفورا في هذا المجال حتي يومنا هذا.
وتوفيت سانجر عام 1966 تاركة ورائها العديد من الأفكار التي جعلت العالم كله يهتم بقضية تنظيم النسل، ولازالت هناك بعض الدول التي تستخدم أفكارها من أجل الحد من الكثافة السكانية، وهناك بعض الدول الأوروبية نجحت في الوصول إلى معدل الإحلال بينما مازالت تعاني بعض الدول النامية من مشكلة الزيادة السكانية.
ونجحت سانجر في تغيير الفكر العالمي في قضية الإنجاب حيث أرادت منع ما يُسمى ب«الإجهاض السري»، الذي كان شائعاً في ذلك الوقت، وذلك لأن عمليات الإجهاض لم تكن مسموح بها في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، وأعربت عن اعتقادها أنه مع كون الإجهاض يعد عملاً مبرراً في بعض الأحيان، فإنه ينبغي تجنبه عموماً.
بداية فكرة تنظيم الأسرة في مصر
ظهرت الحكاية في مصر في عام 1936 في كتاب العالم المصري الدكتور محمد عوض بعنوان (سكان هذا الكوكب) وكذلك عندما أعلن مفتي الديار المصرية عام1937 أن الإسلام يسمح بتنظيم الأسرة، وفي عام 1953 تم إنشاء اللجنة الأهلية لمسائل السكان، ولكنها تحولت بعد ذلك إلي جمعية أهلية في عام 1957، وفي عام 1962 تم الإعلان عن أول تأييد رسمي حكومي لتنظيم الأسرة، وفي عام 1965 تم تأسيس أول إطار تنظيمي حكومي تحت مسمى "المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة".
وتوقّفت الأنشطة الخاصة بتنظيم الأسرة من 1967- 1969، وذلك بسبب حرب 1967، ولكن عادت الأمور مرة أخرى عام 1969 عندما تم تشكيل لجنة وزارية لتقييم الأنشطة الرئيسية والتوصية بالاتجاهات المستقبلية بالإضافة إلى تنشيط المجلس الأعلى وأمانته بعد إدخال بعض التغييرات، وتم تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة والسكان في السبعينيات.
وعلى الرغم من المجهودات التي قامت بها الدولة المصرية عام 1975، إلّا أنه لم تقل معدل المواليد، بل جاء الموضوع سالبا أي أن معدلات المواليد في 1982 كانت أعلى من المستهدف لذلك العام بل وأعلى من القيم المشاهدة في 1973.
ففي 1985، تم إنشاء المجلس القومي للسكان من أجل إيجاد حلول حلول للمشكلة السكانية، وفي عام 1986 أطلقت الأمانة الفنية بالمجلس القومي للسكان سياسة سكانية تنص على أهمها حرية أي أسرة في انجاب العدد المناسب من الأطفال، وأهمية الالتزام الطوعي بأهداف السياسة السكانية وعدم استخدام العنف أو أي أساليب عقابية، وتعد هذه الفترة هي من أقوى الفترات التي استطاع المجلس القومي للسكان اتخاذ كافة الإجراءات التي تخص الزيادة السكانية بحرية، حيث كان تابعا لرئاسة الجمهورية مباشرة، وتوسعت اختصاصاته ليتولى التخطيط الشامل للبرامج السكانية، ودمجها في الخطط التنموية للدولة، وكانت قراراته ملزمة وواجبة على كل أجهزة الدولة والجهات المعنية.
وأشار المجلس القومي للسكان أن معدلات الإنجاب انخفضت لدرجة كبيرة جدا في الفترة ما بين 1980- 2008، حيث كان لبرامج تنظيم الأسرة التي تنظمها الدولة، والحملات التوعوية في وسائل الإعلام دور كبير في حدوث ذلك الانخفاض الذي شهد تطورا كبيرا في الحد من الزيادة السكانية الهائلة.
أما في الفترة من م2014 وحتى الآن فلا يمكن إعطاء أسباب مؤكدة عن انخفاض معدل الإنجاب وذلك لعدم وجود دراسات كافية تبرر هذا التحسن، ويري بعض الخبراء أن ذلك يرجع إلى عدة أسباب منها ارتفاع حالات الطلاق، زيادة وباء كورونا وارتفاع تكاليف الزواج.