قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة، أمس، برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية على حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار الداخلية بتسجيل طفل عمره 14 عامًا، والذي استمر معه 15 عامًا أخرى بسبب اتهامه بسرقة بعض فاكهة وألزمت الداخلية المصروفات.
قالت المحكمة، إذا كان المشرع اختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب العامة وناط بها العمل على منع وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة صونًا للمجتمع وحفاظًا على المصلحة العامة، الأمر الذي يجيز لها أن تتخذ من الإجراءات والتدابير ما يكفل تحقيق ذلك وحفظ الأمن وتعقب الخارجين عليه والساعين إلى تكدير النظام العام، وأن تتخذ من الإجراءات ما ييسر لها سرعة التعرف على من اعتاد ارتكاب جرائم بعينها ومن تخصص في سلوك إجرامي بذاته أو نشاط جنائي بعينه بحيث يكون لها تسجيل هؤلاء في سجلات محددة وترصد بياناتهم وما يتعلق بالجرائم التي ثبتت في حقهم على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بها، إلا أنها في هذا السبيل لا يجوز لها التضحية بأصل البراءة المشار إليه الذي تكفله القواعد الدستورية ولا يقبل منها أن تشوه الأهداف المرجوة من تلك التدابير بإساءة استخدامها أو بالانحراف عن أغراضها إذ لا يكفي أن يكفل للمواطنين حرية أو حق ما دون وسائل إجرائية مشروعة ملزمة تصونه ويكون اتباعها ملزمًا واحترامها واجبًا.
واختتمت المحكمة، أن المطعون ضده أبان أن كان طفلًا يبلغ عمره 14 سنة و10 أشهر و 4 أيام نُسب إليه مع آخرين في القضية رقم 4 لسنة 2003 أنه فى 5/8/2002 بدائرة الباجور بمحافظة المنوفية سرقة بعض الفاكهة المملوكة لأحد المواطنين وقضت محكمة أحداث شبين الكوم بجلسة 24/3/2003 ببراءته، وجاء بحيثيات حكم البراءة أن هذا الإتهام جاء مرسلاً من ثمة دليل فضلاً عن الأوراق خلت من ثمة شاهد يشهد بذلك وعدم توصل التحريات إلى صحة الواقعة بشأنه وأن المواطن الذي اتهمه قرر أمام تلك المحكمة أنه أسرع في اتهامه وأنه لا يتهمه بسرقة الفاكهة مما قضت معه المحكمة ببراءته مما هو منسوب إليه، وعلى هذا النحو فإن المطعون ضده لم تثبت إدانته في القضية المذكورة ويكون إدراج اسمه ضمن المسجلين جنائيًا باعتباره متهمًا في تلك القضية الذي ظل معه حتى أصبح محاميًا إنما يخالف الواقع ويخل بحقه الدستوري في التمتع بأصل البراءة التي حصل عليها وطالما لم يثبت إدانتها بحكم قضائي، كما أن استمرار تسجيل اسمه على الوجه المشار إليه يجعله محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريته الشخصية ويؤثر على سمعته ومستقبله وأقاربه وذويه، ويتعين محوه من السجل حتى لا يظل سيف الاتهام عن تلك القضية عالقًا به إلى ما لا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة للإنسان.