المساجد بيوت الله في الأرض، شرع لنا الإسلام لها أدبيات وسلوكيات معينة، وفي هذا السياق ستعرض بوابة «دار الهلال» آداب دخول المسجد، ومنها الآتي:
آداب دخول المسجد
هناك 4 آداب يجب على المصلي فعلها عند دخوله المسجد، وهم كالآتي:
الطهارة
تعتبر الطهارة حدث أصغر، فيجب أن يلتزم المصلي بأن يكون متوضِئ من سنن وآداب زيارة المسجد؛ ودليل ذلك ما ورد في الحديث الشريف الذي يبين فضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد، وأجر الذهاب إلى المسجد، وكتابة الحسنات بمجرد المشي إلى المساجد لإرادة الصلاة فيها، وقد جاء في هذا الحديث قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَذلكَ أنَّ أَحَدَهُمْ إذَا تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ لا يَنْهَزُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَّا رُفِعَ له بهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، حتَّى يَدْخُلَ المَسْجِد».
كما أشار العلماء إلى أن دخول المصلي المسجد وهو غير متوضئ - مع عدم وجود الحدث الأكبر من الجنابة أو الحيض- جائز؛ لأنه من الممكن أن يتوضأ في متوضئ المسجد.
ومن آداب دخول المسجد ايضًا، هو ارتداء الملابس الحسنة النظيفة، فقد قال الله-سبحانه وتعالى-«يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد»، ويستحب استخدام السواك والعطور الحسنة.
دعاء دخول المسجد
الدعاء عند دخول المسجد من آداب الزيارة التي يحسن بالمسلم المحافظة عليها، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أبْوابَ رَحْمَتِكَ».
وقد روت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول هذا الدعاء عند دخوله المسجد، فالمحافظة عليه تكون من باب التأسي والاقتداء برسول الله، ولنيل الأجر، واستجابة الدعاء، وحصول المغفرة والرحمة للداعي بإذن الله -تعالى-.
وقد وردت أيضًا أحاديث أخرى تبين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند دخول المسجد: «أعوذُ باللَّهِ العظيمِ وبوجههِ الكريمِ وسلطانِهِ القديمِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيم»، وقد بين الرسول -صلى الله عليه وسلّم- أن العبد يحفظ من الشيطان سائر يومه بفضل هذا الدعاء.
تحية المسجد
تحية المسجد هي ركعتان يصليهما العبد عند أول دخوله إلى المسجد للصلاة أو الجلوس فيه وفي حال كان متوضِأً، وهذا يشمل جميع المساجد ما عدا المسجد الحرام؛ فتحيته تكون بالطواف فيه، وقد وضح كافة الفقهاء أن تحية المسجد سنة وليست واجبة.
وتحية المسجد أول ما يبدأ بها المصلي قبل شروعه بالصلاة المكتوبة أو صلاة التطوع، أو أي البدء بأي عمل من الأعمال التي يريد القيام بها في المسجد؛ كقراءة القرآن الكريم أو ذكر الله -تعالى- أو سماع درسٍ، والدليل على استحباب صلاة تحية المسجد قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فلا يَجْلِسْ حتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ».
الانشغال بالذكر وقراءة القرآن لحين وقت الصلاة المكتوبة
يستحب للمصلي أن يكثر من الذكر وينشغل بقراءة القرآن الكريم أثناء انتظاره لوقت أداء الصلاة، أما عن جلوسه في المسجد بشكل عام، فالمساجد بنيت لذكر الله -تعالى-؛ حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّما بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لِما بُنِيَتْ له».
وفي حديثٍ آخر: «إنَّما هي لِذِكْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، والصَّلاةِ وقِراءَةِ القُرْآنِ»، وقد قال -تعالى- في سورة النور: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ».
فالمساجد هي بيوت الله التي يجب أن تصان وتنزه عن جميع ما لا يليق بها، ومن هذا اللغو والكلام الباطل واللغط الذي يقسي القلب، ويبعد العقل عن التفكير بأمور الآخرة، والتفكر بعظمة الله -سبحانه-، فضلًا عن الحديث الذي يجلب الذنوب والأوزار، كالغيبة والنميمة وغيرهما. وحري بالمسلم إذا كان في بيت من بيوت الله أن يحرص على الإكثار من التسبيح، والتهليل، والتحميد، والذكر بكل أنواعه، وقراءة القرآن الكريم، والاشتغال بالأمور النافعة؛ كقراءة الحديث والفقه وغير ذلك من العلوم الشرعية.
عدم البيع والشراء داخل المسجد
لقد نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البيع والشراء في المسجد ، وإجراء الصفقات والإعلان عن البضائع والترويج لها داخل المساجد؛ فالبيع والشراء من أمور الدنيا التي لا ينبغي أن تشغل المساجد بها وأن تتم داخلها، بل يجب عمارتها بذكر الله -تعالى- وقراءة القرآن الكريم والصلاة.
من هذه الأحاديث ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا رأيتُم من يبيعُ أو يبتاعُ في المسجدِ فقولوا لا أربحَ اللَّهُ تجارتَكَ وإذا رأيتُم من ينشدُ فيهِ ضالَّةً فقولوا لا ردَّ اللهُ عليْكَ»، وقال أيضًا: «مَن سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضالَّةً في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لا رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ فإنَّ المَساجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذا»، والرد بهذه الطريقة هو من باب النهي والزجر، واتباع النبي والتأسي بفعله -صلىى الله عليه وسلم.