كتبت - فاطمة مرزوق
بوجه شاحب وعيون ذابلة رسم فيها الشتاء ملامحه الحزينة، تجلس بجوار كشك الشاي الخاص بها، تفكر كيف تُدبر أمورها، فمكسبها في الصباح لا يكفي لإشعال مصباح أو غموس لقمة، تتأمل مشاجرات أطفال الحارة تارة وتتذكر ابنها الراحل وتبكي تارة أخرى، ثم تسارع بإحضار طلبات الزبائن التي تأتيها على فترات متقطعة، ورغم تثاقل أقدامها وتعثر خطاهافإنها تقاوم حتى تنتهي من عملها.
بدأت مأساة «نبوية متولي» القاطنة في منطقة «القللي»، منذ وفاة ابنها الأصغر بسبب خطأ طبي أنهى حياته، فكُتب عليها أن تتشح بالسواد باقي عمرها، تقول: «جاله مرض نادر مينفعش تتعمل ليه جراحة والدكتور عملها وبعدها جاله ضمور في القلب والكبد ومات وهو في أولى ثانوي»، مرت السنوات وبدأت المصائب تتوالى على رأس المرأة الخمسينية، حيث أصيب ابنها الأكبر في أحداث رمسيس وأصبح عاجز عن العمل: «خد آلي في صدره وطلع من ضهره وسرحت الرصاصة في جسمه ولحد النهاردة مش عارف يطلعها لأن الدكتور قاله لو عمل عملية وطلعها هتقطع الشريان اللي بيوصل للقلب يا هيجيلك شلل».
تعول «نبوية» أسرتها منذ وفاة ابنها ومرض زوجها الذي يلازم الفراش منذ 15 عاما: «جوزي عنده السكر والضغط والقلب، ومش بيقدر يمشي على رجله، وعاوز عملية بس نسبة نجاحها 5%، كان شغال قهوجي وأنا فتحت الكشك بعده وبعمل شاي وقهوة ومشاريب للناس، كوباية الشاي بجنيه والقهوة بـ2 جنيه».
تبدأ «نبوية» يومها في الثامنة والنصف صباحًا لينتهي بعد منتصف الليل: «بشتغل على ما أقدر عشان أجيب مصاريف علاج جوزي ومصاريف علاجي أنا كمان لأن عندي السكر والضغط».