نشر مركز معلومات مجلس الوزراء، في إطار النشرة الأسبوعية الصادرة اليوم، دراسة حول "أثر كورونا على انتشار المخدرات غير المشروعة.. والاتجاهات الجديدة في الطلب والعرض"، وجاء فيها تأثير جائحة كورونا على تجارة المخدرات ومحاولة ابتكار طرق بيع جديدة لتفادي تأثر الجائحة على عملية البيع والشراء للمخدرات، والاتجاه نحو شبكة الأنترنت المظلم.
ورغم تأثير الأزمة على مناحي الحياة، إلا إن تجارة المخدرات تعافت سريعا واستطاعت إن تجد لنفسها مخرج، وان تشهد زيادة غير مسبوقة لها خصوصا في معدلات الشراء .
تأثير جائحة كورونا على العالم
أثرت أزمة فيروس كورونا على الصحة العامة والاقتصاد العالمي وأسلوب المعيشة لدى غالبية سكان العالم، فمنذ بداية عام 2020، شهد العالم حالة طوارئ صحية عامة غير مسبوقة، حيث دفعت أزمة فيروس كورونا أكثر من 100 مليون شخص إلى الفقر المدقع، وتفاقمت البطالة إلى حد كبير، حيث فقدَ العالم 114 مليون وظيفة في عام 2020، وبذلك قد خلق الوباء ظروفًا تجعل المزيد من الناس عُرضة لتعاطي المخدرات والانخراط في زراعة المحاصيل غير المشروعة، كما كان لتدابير التباعد الاجتماعي التي أدخلتها الحكومات لاحتواء الوباء تأثير على عرض المخدرات وتوزيعها والطلب عليها بطرق مختلفة، وكذلك أنماط تعاطي المخدرات حسب البلد ونوع المخدرات.
وبحلول نهاية مارس 2020، واجه نحو نصف سكان العالم شكلًا من أشكال القيود على التنقل، حيث تم إغلاق العديد من الحدود؛ مما أحدث انخفاضًا حادًا بنسبة 70% في حركة الركاب الجوية الدولية من مارس إلى أبريل 2020، ونتيجة لذلك كان تجار المخدرات الذين اعتمدوا على النقل الجوي لتهريب المخدرات هم الأكثر تضررًا، كما أن زيادة المراقبة على الحدود جعلت الاتجار عن طريق البر أكثر خطورة. ومع ذلك، فإن هذا الانخفاض في الاتجار من خلال حركة الركاب الجوية لم يكن له سوى تأثير إجمالي محدود على الاتجار بالمخدرات على نطاق واسع لأن النقل الجوي يمثل كمية محدودة من إجمالي إمدادات المخدرات.
تجارة المخدرات في ظل جائحة كورونا
وعلى الرغم من تعطل أسواق المخدرات في غالبية أنحاء العالم خلال المرحلة الأولى من جائحة كورونا، فإنها تعافت بسرعة، بل خلقت اتجاهات جديدة في الاتجار بالمخدرات أيضًا، حيث لُوحظ زيادة في استخدام الطرق البحرية والمائية في العديد من المناطق في أوروبا وأمريكا اللاتينية وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، فقد أدى إغلاق مطار كابول الدولي أمام الركاب حتى بداية يوليو 2020 إلى إعاقة استخدام شركات النقل الجوي لتهريب المواد الأفيونية إلى دول مثل الهند، ومع ذلك حدثت طفرة في استخدام الطرق البحرية/الممرات المائية لتهريب شحنات كبيرة من المخدرات، مثل: الهيروين والميثامفيتامين الكريستالي.
وفي أمريكا اللاتينية تزايد استخدام التجار للطائرات الخاصة في تهريب المخدرات، نتيجة للصعوبات الكبرى بسبب مراقبة الحدود البرية، وعلى مستوى البيع بالتجزئة، قام الأشخاص الذين يبيعون المخدرات للمتعاطين بإستخدام طرق جديدة لتوزيع الأدوية بسرعة كاستخدام الإنترنت.
تأثير جائحة كورونا على أزمة المواد الأفيونية
وتشير التقديرات لوجود علاقة بين جائحة "كورونا" و"أزمة المواد الأفيونية"؛ حيث أدت الجائحة إلى زيادة أعداد المتوفين من آخذي الجرعات الزائدة خلال عام 2020؛ وشهدت الشهور الـ 12 المنتهية في يوليو 2020، 61 ألف حالة وفاة، رغم أنّ تلك الفترة لا تشمل سوى الأشهر الخمسة الأولى من بداية ظهور الجائحة وتفشيها.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، اعتبارًا من يونيو 2020، أبلغ 13٪ من الأمريكيين عن بدء أو زيادة تعاطي المخدرات كوسيلة للتعامل مع التوتر والقلق المتعلق بفيروس كورونا كما ارتفعت الجرعات الزائدة منذ ظهور الوباء، وتقول "ماندي أوينز"، أخصائية علم النفس الإكلينيكي والباحثة في معهد تعاطي الكحول والمخدرات بجامعة واشنطن، إنها لاحظت ارتفاعًا في استخدام المواد المخدرة يتضمن زيادة في كمية وتكرار استخدام المخدرات في أثناء الوباء.
هذا، وقد شهدت غالبية الدول زيادة في تعاطي الحشيش (فئة من الأدوية المهدئة التي تؤخذ عن طريق وصفة طبية فقط، بهدف علاج القلق أو مشكلات النوم) في أثناء الجائحة، وفي دراسة استقصائية للأخصائيين الصحيين في 77 بلدًا، أُبلغ عن زيادةٍ في الاستخدام غير الطبي للمهدئات في 64% من البلدان، كما ارتفع استهلاك القنب بنسبة 42%.
تأثير أزمة كورونا على سلوك التسوق
غيّر الوباء سلوك التسوق من خلال تسريع التحول نحو التجارة الإلكترونية وإحداث تغيير نحو التسوق عبر الإنترنت، وقد أدت زيادة الترابط الرقمي إلى ظهور ابتكارات في كيفية عمل سلاسل توريد المخدرات العالمية، حيث تعمل التكنولوجيا والإنترنت بشكل متزايد كوسيلة لتسويق وبيع مجموعة متنوعة من المواد التي تزود أسواق المخدرات غير المشروعة.
ويعد الاتجار غير المشروع بالمخدرات إحدى أكثر الأسواق نجاحًا على شبكة الإنترنت المظلمة؛ فقد تم إطلاق موقع إلكتروني وهو يعد أول سوق للمخدرات غير المشروعة عبر الإنترنت، ويسمى بـ "silk road" أو " طريق الحرير" في عام 2011، وعندما أغلقته سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة عام 2013، كان الموقع يحقق نحو 15 مليون دولار في المعاملات سنويًّا، ومنذ ذلك الحين حلت محله العديد من أسواق الأدوية الأخرى بما في ذلك سوق كانازون وسوق دارك فوكس.
وتوفر هذه الأسواق إخفاء الهوية للبائعين والمشترين من خلال استخدام العملات المشفرة لمعالجة المعاملات، وتشمل أنواعًا مختلفة من المخدرات المتاحة، مثل: القنب، والإكستاسي، والكوكايين، والهيروين، والمواد الأفيونية، والمواد الجديدة ذات التأثير النفسي (NPS)، مثل: القنب الصناعي.
أكثر الدول والأسواق استقطابا لتجارة المخدرات
وتشير الدراسات إلى أن المشترين هم في الغالب من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، ولكن أصبحت إفريقيا هدفًا متزايدًا للبائعين مع انخفاض المخاطر والأرباح العالية وإخفاء الهوية التي توفرها هذه المواقع، فمثل هذه السوق للمخدرات غير المشروعة لديها القدرة على النمو في إفريقيا جنبًا إلى جنب مع استيعاب التكنولوجيا بين شباب القارة.
وخلال الجائحة كانت الصين والهند من أكثر الدول التي تم ذكرها بشكل متكرر لشحن المخدرات المباعة عبر الإنترنت خلال الفترة 2011-2020، وارتفع حجم مبيعات المخدرات على الإنترنت المظلم (Dark Web) إلى 315 مليون دولار بزيادة 4 أضعاف خلال الفترة من 2011 إلى 2020.
وفي خطة العمل الخاصة بمكافحة المخدرات ومنع الجريمة (2019-2023)، يشير الاتحاد الإفريقي إلى أن مبيعات المخدرات عبر الإنترنت تُعد عقبة أمام الجهود التي تبذل لمنع تجارة المخدرات غير المشروعة في إفريقيا، وتشمل الخطة استهداف أسواق المخدرات على الإنترنت في إطار هدفها المتعلق بمنع الجريمة وإصلاح العدالة الجنائية.