الأربعاء 15 مايو 2024

رسالة اعتذار

مقالات4-10-2021 | 13:34

أنا زعلانة منك حساكي واخدة جمب كدا ماعرفش ليه.. "إيه يا بنتي كدا لا بتسألي ولا بتتكلمي زي الأول.. انتي زعلانة مننا ولا إيه".. عتاب كثير مثل هذه الرسائل القصيرة سمعتها من أصدقائي وأخوتي وحتى زملائي في العمل خلال الأيام الماضية، جعلتني أراجع نفسي وأقف وقفة قصيرة أتساءل أين أنا.. ولماذا أجد هذا الإجماع على أنني تغيرت؟.. هل فعلا تغيرت؟.. هل فعلًا وضعت نفسي في عزلة وأنا وسط أصدقائي؟.. لأجد الإجابة تخرج من داخلي .. "نعم"."

تفاجأت أني انغمست في مشاكلي وسجنت نفسي خلف قضبانها، دون أن أشعر، بعدت عن كل من حولي وأنا جالسة بينهم، أحدث نفسي ويمر الوقت بين العمل وتأدية الالتزامات اليومية، دون أن أتشارك الحديث مع أحد.. دون أن ألتفت إلى حقوق أصدقائي وأحبائي، دون أن أشعر بنظراتهم إليّ وحيرتهم من أمري، لأجد نفسي إنسانة غريبة عني.. نسيت مناسبة مهمة لأقرب الناس إلى قلبي، لم أكترث وكأني في نعاس مميت أيقظني منه أصدقائي بكلماتهم الرقيقة المليئة باللوم والحزن لغربتي عن مجلسهم وحديثهم، بوجودهم بجواري رغم غياب ذهني عنهم.. ومن هنا أشكرهم فعلا .

بدأت أراجع نفسي، واعتذرت لها قبل أي شخص، عن سجني لها وهي حرة منذ لحظات حياتي الأولى، عزلتها وهي لا ذنب لها، نسيت كلماتي عن التفاؤل والأمل والإقبال على الحياة، أغمضت عيني عن كل المميزات التي تملأ حياتي؛ لأقف عاجزة قليلة الحيلة في مشكلات صغيرة سيحلها الله –سبحانه وتعالى - بحوله وقوته وعظمته، كيف لي أن أصبح هكذا وكلي يقين بأن أقدارنا بيد الله، ومشاكلنا مهما عظمت أهون من مشكلات لم نعيشها بعد.

وهنا أؤكد أن هذا الغياب الإنساني بمثابة سرطان يعيشه الكثيرون والكثيرون دون إدراك، ينسون من حولهم، ويركزون في مشكلاتهم، ويكون المبرر، "أنا نفسيتي تعبانة، أو "عندي شوية مشاكل في الشغل"، أو "أنا فيا اللي مكفيني"، "أنا ماحدش حاسس باللي فيا" هذه الجمل وغيرها تتردد على ألسنتنا لإرضاء النفس عن التقصير بحق الآخرين، وخاصة المقربين، نجد الرجل ينسى أن يسأل على والدته وأخوته، ونجد الزوجة مهلكة بتلبية مطالب المنزل، دون النظر إلى التزامات المجتمع.. فالمجتمع له حق علينا، لم يخلقنا الله في عالم وحيد، ولكن خلقنا الله جميعا في مجتمع كبير وعائلة وأسرة، وجعل من صلة الرحم شأنًا عظيمًا، فقال الله – عز وجل-: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا]{النساء:1}، وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:« وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ .».

 وأخيرًا أوجه رسالة اعتذار، لكل من قصرت بحقه الفترة الماضية، فلم يكن حقًا لي أن أعتزل المجتمع النظيف المحيط بي، أخوتي وأصدقائي وأحبائي، وأشكر كل من أيقظني من هذه الغفلة، وأنصح كل شخص أن يقف أمام نفسه في المرآة، ويحاسب نفسه على حق المجتمع عليه، والمقربين منه، من دون مبررات واهية، من دون أن يقول لنفسه "يعني هما بيسألوا قوي"، خيركم من بدأ بالسلام.. وحقيقي ابدأ دايمًا بالخير ودايمًا اسأل على حبايبك وأصحابك واخواتك، حتى لو عندك مشاكل، انشغل عن مشاكل بالحبايب هيهونوا عليك، أو حتى هتشوف مشاكل تانية أصعب تخليك تحمد ربك على المشكلة اللي انت بتمر بيها، صدقني لما فجأة تقع في الغفلة هتلاقي اللي يلحقك، يفوقك، يقولك لاء انت مش كدا.. احنا محتاجينك زي مانت بطبيعتك المشرقة.. خليك دايمًا مشرق زي الشمس.. كل يوم إشراقة جديدة، كل يوم نور جديد، كل يوم بسمة جديدة.. شكرًا للحبايب اللي بيقونوا على العبور بسلام من أي عوائق.