كل سورة من سور القرآن الكريم تتناول العديد من الموضوعات المختلفة، ويوجد أسباب لتسميتها بهذه الأسماء وأسباب لنزولها، ومن بين هذه السور سورة المجادلة، وفي هذا السياق، تقدم بوابة "دار الهلال"، أسباب نزول سورة المجادلة وسبب تسميتها كالآتي:
ـ الآية الأولى: قول الله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، نقل أهل العلم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت سبب نزول الآية الكريمة، حيث قالت: (تبارك الذي وسِع سمعُه كلَّ شيءٍ إني لَأسمعُ كلامَ خولةَ بنتِ ثعلبةَ ويخفَى عليَّ بعضُه وهي تشتكى زوجَها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهي تقولُ يا رسولَ اللهِ أكل شبابي ونثرتُ له بطني حتى إذا كبرتْ سِنِّي وانقطع له ولدي ظاهَر مِنِّى اللهمَّ إني أشكو إليك قالت عائشةُ فما برِحتْ حتى نزل جبريلُ عليه السلامُ بهؤلاء الآياتِ).
ـ الآية الثانية: قول الله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)، ذكر أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن الآية الكريمة نزلت في أوس بن الصامت رضي الله عنه، وذلك عندما ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها، فاشتكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله -تعالى- الآية الكريمة، ثم أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بعتق رقبة، ولكنه اعتذر بعدم مقدرته المالية، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصيام شهرين، ولكنه اعتذر بعدم مقدرته الصحية والجسدية، فأمره بإطعام ستين مسكين، فطلب العون من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فأعانه بخمسة عشر صاعاً ليطعم ستين مسكيناً.
ـ الآية الثامنة: قول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الآية الكريمة نزلت في المنافقين واليهود، حيث كانوا يتناجون فيما بينهم من دون المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم ظنّوا أنه قد بلغهم خبرٌ عن قتلٍ أو هزيمةٍ أو مصيبةٍ حلّت بإخوانهم وأقاربهم الذين خروجوا في السرايا، فكان المؤمنون يحزنون لذلك حتى يرجع إخوانهم وأقاربهم، فلمّا طال ذلك وكثُر، شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بعدم التناجي من دون المسلمين، ولكنهم لم ينتهوا وعادوا للمناجاة، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة.
ـ قول الله تعالى: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ)، فقد ذكر أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن سبب نزوله أن رجلاً من اليهود قدِم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "السام عليك"، فردّ عليه الصحابة رضي الله عنهم، فسألهم النبي عليه الصلاة والسلام قائلاً: (أتَدْرون ما قال؟ قالوا: نَعَمْ، قال: السَّامُ عليكم، قال: رُدُّوا علَيَّ الرَّجُلَ، فرَدُّوه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: قلتَ: كذا وكذا؟ قال: نَعَمْ، فقال رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذا سَلَّمَ عليكم أحَدٌ مِن أهلِ الكِتابِ فقولوا: عليكَ)؛ أيْ: عليكَ ما قُلتَ، ونزل قول الله تعالى.
ـ تعريف بسورة المجادلة:
ـ نزلت في المدينة المنورة.
ـ نزلت بعد سورة المنافقون، وترتيبها في المصحف الثامنة والخمسون.
ـ السبب في تسميتها بسورة المجادلة إلى بيان قصة المرأة التي جادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها، وتسمّى أيضاً بالظهار.
ـ تطرّقت السورةُ الكريمةُ إلى العديد من الأحكام التشريعية؛ كالظّهار، وكفّارة المُظاهر، وآداب المجلس، وحكم التّناجي، وتقديم الصدقة عند مناجاة النبي عليه الصلاة والسلام.
ـ أشارت السورة إلى اليهود والمنافقين، وحذّرت من مودّة أعداء الله.
اقرأ أيضا:
ما الذنوب التي لا يغفرها الله؟
"اللهم ارزقني رزقا واسعا حلالا طيبا من غير كدٍّ".. أدعية لتيسير الرزق